كواليس اليوم: محمد البودالي
احتفت صحيفة “العربي21” الإلكترونية، بما ورد من تصريحات استفزازية، على لسان محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان المحظورة، بمناسبة حفل تأبين مؤسس الجماعة، يوم السبت الماضي بمدينة سلا، وأفردت حيزا كبيرا في صفحاتها، للترويج للجماعة، ولأفكارها المسمومة.
وإذا كانت توجهات وأفكار جماعة “قطع الرؤوس” من أجل “الخلافة” في المغرب، معروفة لدى الخاص والعام، ولا أحد يجهل الخلفيات الحقيقية لهذا الفكر الإخواني الشارد، فإن الشيء الغريب، هو أن تحشر صحيفة عربية غير مغربية أنفها في شؤون المغاربة، وتروج لأطروحات منبوذة من طرف أغلبية الشعب المغربي.
وعوض أن تهتم هذه الصحيفة بما يجري في بلدها، وتخصص وقتها لمشاكل مواطنيها، فإنها اختارت التطفل، وتخصيص تغطية إعلامية مسمومة، الهدف والغاية منها، المساهمة في نشر وتوسيع قاعدة الفكر الأصولي المتطرف في العالم العربي.
وبالنسبة إلى عبادي، فقد حرص هذا الرجل على انتقاء مصطلحات بدقة، تحمل دلالات وحمولات خاصة، غالبا ما تستعملها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
فما معنى عودة عبادي، في مناسبة حفل تأبين مؤسس الجماعة، إلى الحديث عن “فساد الحكم” والاستئصال، ولم يبق له مرة أخرى، إلا أن يؤكد ما ورد سابقا بشأن ضرورة الجهاد ضد “الكفار المغاربة”، وقطع رؤوسهم، من أجل بناء “المدينة الفاضلة” على جثامينهم.
ويقول عبادي: “الطبيعة البشرية مفطورة على الظلم، فالأمر يحتاج إلى الإحسان”، أي أن حكم بلاد المغرب يجب أن تتسلمه جماعة العدل والإحسان، لأنها ليست من البشر، وطبيعة أعضائها ليست مفطورة على الظلم، في تجاهل واضح، لكثير من جرائم الظلم، والفساد المزلزل لعرش الرحمان، ممن ارتكبتها بدون خجل أو حياء، جحافل لا حصر لها من المنتسبين إلى هذه الجماعة، إضافة إلى فضائح عدد من قيادييها، والتاريخ خير شاهد على ذلك.
وفي خطاب لا يختلف عن الخطاب الذي كانت تروج له “الدولة الإسلامية” قبل تمكنها من رقاب العباد، قال الشيخ عبادي “التمكين الذين ننشده ليس هو التحكم في رقاب الناس واستعبادهم وإنما هو تمكين لشرع الله الذي هو رحمة للعالمين، لا يستقيم أمرهم إلا بالخضوع له”.
فهل عبادي مقتنع بأن حكمه سيكون عادلا، وزمنه سيصبح مزدهرا، والحقوق ستُعطى لأصحابها؟ والناس ستغدو في بسطة من العيش، ورغد من الحياة؟
والعبادي وهو ينطق بهذا القول، فهو واحد من اثنين، فإما أنه جاهل بالتاريخ، وأحداثه الكبرى، أو أنه يهذي، ويطلق الكلام على عواهنه، وذلك لأنه لم يخل عصر من عصور التاريخ، بما فيها عصر الخلفاء الراشدين، من ظلم وشطط، واقتتال، وتناحر، حتى بين المسلمين أنفسهم.
وعندما يقول العبادي بقدرة جماعته على ضمان العدل والاستتباب في الأرض، ويقدم للناس عامة والمغاربة خاصة، ضمانات على ذلك، وبشكل قطعي لا نصيب فيه للنسبية، فهذا يدخل في باب التقول، وعلى العبادي أن يراجع عقيدته.