الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبيكين نقطة تحول هامة في علاقات البلدين

و م ع

تميزت الزيارة الرسمية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لجمهورية الصين الشعبية بالتوقيع على “إعلان الشراكة الاستراتيجية” بين البلدين، ما يشكل نقطة تحول هامة في العلاقات الثنائية القائمة أصلا على مبادئ الصداقة والتفاهم والتضامن.

ويبصم هذا الإعلان المتمحور حول ثلاثة جوانب، تتمثل في الحوار السياسي والشراكة الاقتصادية والتجارية والمالية، والمبادلات الإنسانية والتعاون الثقافي والعلمي والتقني ، على مرحلة هامة في العلاقات بين البلدين بالنظر إلى مستواه وطبيعته وحمولته وتوقيته ومضمونه .

فبالنسبة لمستوى “إعلان الشراكة الاستراتيجية” ، فإن توقيعه من طرف قائدي البلدين ، وهو أمر نادر الحدوث إن لم يكن غير مسبوق في البلدين ، سيعطي قوة سياسية ورمزية خاصة لهذه الوثيقة المؤسسة .

كما أن ثلاثين دولة فقط في العالم هي من وقعت هذا النوع من الشراكة الاستراتيجية مع الصين. ومن خلال هذا، تريد الصين أن تقول للعالم بأنها تدرك جيدا بأن المغرب يعد واحدا من الدول المحورية التي يمكن لبكين الاعتماد عليها لتجعل من هذه الشراكة مبادرة مستدامة ومفيدة للطرفين، وهو ما يزكي الطبيعة الخاصة لهذه الوثيقة.

فالنجاح الأكيد الذي حققه المغرب على مستوى تعزيز أسسه الاقتصادية الداخلية شكل القاعدة الصلبة التي مكنت المملكة من تعزيز مكانتها كمحاور جدي وموثوق بالنسبة للقوى الاقتصادية العالمية، بما في ذلك الصين .

وبالنظر إلى أهميتها غير المسبوقة ومتعددة الأبعاد، فإن هذه الوثيقة تخط المحاور والآفاق المستقبلية للتعاون بين البلدين، وتعبر عن الرغبة في إدراج هذه العلاقة في إطار استراتيجي، وتحدد بوضوح المبادئ التي تقود هذه الشراكة المرتكزة أساسا على الصداقة والتضامن والتعاون، وتبرز محاور التعاون المستقبلي (السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية…).

ومن المؤكد أن كل هذه العوامل تؤهل المملكة للاضطلاع بدور مؤثر في إطار الشراكة الثنائية، وذلك بفضل موقعها الاستراتيجي في ملتقى الطرق بين إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط وبفضل التقدم السياسي الذي حققته والذي أكسبها صفة الشريك ذي الصوت المسموع على الساحة الدولية.

وتشكل العديد من اتفاقيات “الجيل الجديد”، ذات الوقع الاستراتيجي، البنية الداعمة للآليات والأدوات القانونية الملائمة لمواكبة النقلة النوعية التي تم تحقيقها، في السنوات الأخيرة، في العلاقات بين المغرب والصين.

ويعد التوقيع، في إطار الزيارة الملكية إلى بكين، على العديد من وثائق التعاون الثنائي المرتبطة على الخصوص بالمجالات القانونية والاقتصادية والمالية والصناعية والثقافية والسياحية والطاقية وبالبنيات التحتية والقنصلية، التجسيد الأقوى لهذه الإرادة الثنائية في الدفع بالتعاون بين البلدين بغية بناء شراكة استراتيجية على قواعد متينة ومستدامة وعلى أسس مهيكلة.

وعلاوة على ذلك، ينبئ المحتوى الغني للإعلان بعهد جديد في علاقات التعاون بين البلدين اللذين يحتفظان بروابط ممتازة من التعاون والصداقة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما سنة 1958، كما أنه سيمكن، بلا ريب، من تعزيز الشراكة المتينة التي تريدها الرباط وبكين استراتيجية وعميقة ونموذجية.

وبتوقيع هذا الإعلان للشراكة الاستراتيجية، ذي الأهمية القصوى ، يكون المغرب والصين، اللذان تربطهما علاقات تاريخية، قد قررا بشكل حاسم تقريب المسافات بينهما وإرساء تعاون متنوع يعود بالنفع على الطرفين.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني