المغرب السياسي، القطبية “المصطنعة” والقطبية الحقيقية؟؟

الحسين بوخرطة
لقد أثارت انتباهي بعض المقاطع في الصفحة التي خصصتها جريدة الصباح لهذا الأسبوع لاستجواب الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خاصة ما يمكن أن يفهمه القارئ من وراء العبارتين التاليتين:
• الصراع القائم سياسيا ما بين حزب المصباح وحزب التراكتور هو بمثابة صراع مصطنع، أي مجرد خطة جهنمية، ترعاها الدولة العميقة، من أجل اصطناع قطبية على المقاس،
• إذا ما راجع حزب العدالة والتنمية خطه السياسي على خطى حزب النهضة التونسي، فالإتحاد الاشتراكي لن يمانع من مد يده له من أجل دمقرطة البلاد وتحصين المكتسبات وتحقيق تراكمات جديدة قوية تحصن مسار بناء المشهد السياسي للبلاد.
على أي، ما أشار إليه الأستاذ إدريس لشكر، كقائد لأعرق حزب في مجال النضال من أجل الديمقراطية، يستحق التأمل والأخذ بعين الاعتبار. فعلا، عدد كبير من “الخرجات” الإعلامية لعبد الإله بن كيران، ولعدد من أقطاب حزب المصباح، تتهم حزب التراكتور بالواضح بالتحكم واستغلال نفوذ الدولة في العملية السياسية. في نفس الآن رواد اليسار في حزب التراكتور يتهمون حزب المصباح باستغلال الدين، وبعدم الوضوح في الطروحات السياسية وفي التوجه الخطابي والعملي للحكومة، وكونه يرعى مشروعا رجعيا مناوئ لمصالح الوطن وللمشروع الديمقراطي الحداثي الذي يرعاه جلالة الملك محمد السادس.
وأمام هذه المشاهد المتكررة، يبقى من واجب المتتبعين البحث عن جواب يشفي الغليل لسؤال أعتبره جوهريا جدا: من من الأحزاب الوطنية يتحرك بإستراتيجية صادقة لخدمة الديمقراطية في بلادنا ويغار على مصلحة الشعب المغربي ومستقبل البلاد الديمقراطي والحقوقي؟؟
ولكي لا أطيل على القارئ في التحليل، لكون الإطناب في التحليل لن يفيد في شيء، أستحضر ما يدلي به رئيس الحكومة من حين لآخر من شهادات جد إيجابية في حق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (حزب المناضلين الذي قدم التضحيات الجسام حزب رواد الحركة الوطنية)، وحزب الاستقلال (حزب علال الفاسي بتاريخه النضالي)، لأقول في الأخير:
إن الصدق فيما يقوله رواد العدالة والتنمية لا يمكن إقراره إلا في حالة ترجمته إلى خطوات عملية مؤثرة على نتائج الاستحقاقات المقبلة، خطوات يجب أن تنبثق على إثرها حكومة قوية من الأحزاب الوطنية الثلاثة، وهم حزب الوردة وحزب الميزان وحزب المصباح. بالطبع، عندما يتم الحديث عن هذه الخطوات أعني بذلك تأسيس عمل مشترك شبيه بمبادرة “المرشح المشترك” كتجربة رائدة في التاريخ السياسي المغربي اعتمدها حزبي الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال في التسعينات.
فإذا افترضنا تحقيق هذه الإرادة السياسية، وتتويجها بميثاق سياسي مرحلي يجسد الالتقائية في المطالب السياسية، سيوضع حزب الجرار لا محالة أمام امتحان دعم التجربة، وسيتضح أفق مشروعه السياسي (هل هو حزب تحكمي أم وطني)، ولما لا تمكين البلاد، كما أشرنا إلى ذلك في مقالات سابقة، من حكومة وفاق وطني مكونة من أربع أحزاب قوية. إنه الامتحان الذي سيتوج بقطبية جديدة طرفها الأول يتكون من الأحزاب الوطنية التاريخية والثاني مما يسمى بالأحزاب الإدارية.
في الأخير، نستحضر تصريح عبد الإله بنكيران في شأن كون حزبه لا يقف في مصاف الدعاة إلى الملكية البرلمانية، وتصريح إدريس لشكر الذي يؤكد أن الدولة الآن ليست مستعدة لاحتضان قطبية حقيقية، ليبقى الأفق إلى حدود هذه الساعة يكتنفه الغموض المعرقل لمسار الانتقال الديمقراطي ببلادنا. فإذا ما إذا استمر صراع الخطابات بدون خطوات عملية، لن يفهم الشعب المغربي من ذلك سوى طغيان “الأنا” الحزبية والذاتية على حساب مصلحة الوطن والشعب المغربي.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني