احتقان اجتماعي خطير بشركة العمران الدارالبيضاء-سطات

عقد المكتب النقابي الجهوي للعمران الدار البيضاء-سطات المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، اجتماعا طارئا بتاريخ 18 يوليوز 2020، من أجل تدارس مستجدات الساحة الاجتماعية بالشركة وقصد تقييم مدى نجاعة بعض القرارات التي تم استصدارها خلسة وفي إغفال تام لكثير من ضوابط التدبير الإداري الشفاف وللأسس النظامية السليمة التي تقوم عليها مجموعة العمران. حيث قرر المكتب النقابي الجهوي بعد تشاور مكثف مع المكتب الوطني للنقابة الوطنية لمجموعة العمران وتوجيه وتتبع متواصل من طرف المركزية النقابية، مراسلة السيد المدير العام لشركة العمران الدار البيضاء-سطات، كمحطة نضالية أولى، من أجل تسجيل مواقفه المبدئية الواضحة من أسلوب تنزيل هذه الحركة الانتقالية الغير مفهومة والمشوبة بضبابية في الأهداف وسوء تقدير للعواقب. وحيال هذه الانتكاسة الاجتماعية الخطيرة فإن المكتب النقابي الجهوي يسجل، بكل أسف، ما يلي:
1-رفضه التام لبعض التنقيلات والتعيينات الإدارية الأخيرة، التي خبطت عشواء في تقدير المسارات والخبرات المهنية، وتميزت بالعبثية والانتقائية والتمييز المقصود بين المستخدمين. بل وأصبحت تهدد بزعزعة الاستقرار الاجتماعي للشركة وتخريب الأمن المهني للمستخدمين المستهدفين عبر مساهمتها في تشتيت جهود الاستثمار العمومي المبذولة ميدانيا وهدرها لفرص تطوير المسارات المهنية ومراكمة الخبرات والقدرات بشكل عادل ومنصف أمام الجميع. حيث ينص البند 24 من القانون الأساسي على أن تدبير المسار المهني يخضع، فقط، لقواعد الأقدمية ولمعايير الكفاءة وحجم الإنجازات والنجاحات المهنية الفردية، ولا يمكن بتاتا لهذا التدبير أن يخضع لأهواء “سريالية” ولا لرغبات ذاتية فضفاضة أصبحت، وللأسف، تتحكم في تهييئ كواليس القرارات، كما لا يمكنه، كذلك، أن يخضع ل”ميكانزيم” وأسلاك “الهواتف الذكية” التي أضحت هي الخيط الناظم لتغيير الاتجاهات المهنية وتحويل المسالك الطرقية نحو المنحدرات الوعرة أو نحو الآفاق الرحبة،
2-إدانته القوية للاستعمال المفضوح ل”مجرد” محطات مهنية”عادية” مثل عمليات الترقية والانتقال وتقييم الكفاءات وإعادة الانتشار كمناسبة لتصريف الاعتبارات “الشوفينية” أو لفرض قراءات بيروقراطية منقوصة ومهترئة لوقائع التدبير التقني الميداني، بل واستخدامها، كذلك، فرصا مواتية لإذكاء النعرات والحزازات المهنية بين كافة الأجراء إمعانا في تشتيت الصفوف وحرصا على زرع بذور الارتياب والفتنة بينهم ودق مسامير النعوش فيما تبقى من مصداقية وقيم وأخلاق مهنية كان مفروضا أن تظل مشتركة بين الجميع دون استثناء أو إقصاء أو تهميش. ولقد كان حريا، أيضا، بأصحاب القرار النهائي اعتماد هذه المحطات لتقوية دعائم الإنصاف المهني والتحفيز والتقويم العادل والمكافأة والتقدير والتثمين والاعتراف بمجهودات المستخدمين وتكريمهم على سخائهم وتضحياتهم، وذلك عبر نهج مقاربة تشاركية وفقا للقوانين والأنظمة الداخلية للمجموعة، بين المعنيين بأمر هذه القرارات ومسؤوليهم المباشرين بما يحفظ كرامة الجميع ويعزز أسس الثقة والأمان والشفافية في تتبع المسارات المهنية. وكذلك، عبر فتح مشاورات واسعة مع الشركاء الاجتماعيين بما يعزز من لحمة التضامن والتكافل بين الإدارة والمأجورين وما يقوي من فرص التآزر الاجتماعي الذي لا زلنا نتوخاه جميعا،
3-رفضه التام لاعتماد أسلوب “النعامة” في المناورة بمناسبة التفكير في الإقدام على إجراء حركية مهنية سواء بالتنقيل أو التعيين أو الترقية، مع الطغيان المتواصل للتدخلات الخفية وإذكاء لنيران الشائعات بما يقوي من فرص احتكار المعلومة ويشجع على سلوك منهج قنوات تصريف “الكولسة” الإدارية، عبر اعتماد أساليب المقايضة المكشوفة أمام كافة المستخدمين المستضعفين. ولا ضير أن يتم التذكير، مرة أخرى، بأن قواعد التدبير العقلاني والرشيد لعمليات الترقية أو الانتقال لأسباب مهنية واجتماعية أو إسناد مهام إدارية معينة، تقتضي أن يراعى، قبل كل شيء، إجراء تقييم عادل ومحايد لسائر المسارات المهنية بمنطق المساواة “فقط”، عبر تثمين شفاف ومنصف يحترم معايير الأحقية والخبرات المتراكمة والكفاءات ذات الاستحقاق وسنوات الأقدمية، كما يستلزم، قبل كل شيء، إنصاتا حقيقيا ومباشرا لطموحات ورغبات المعنيين بالأمر وتثمينا أفضل لرزنامة الرأسمال البشري، عوض أن تعاني الشركة هجرة جماعية و نزيفا مستمرا من طرف خيرة الكفاءات الشابة التي ما فتئت تسارع إلى مغادرة الشركة بمجرد التحاقها بالعمل بعد اكتشافها، بحسرة كبرى، لاستحالة ضمان أو تأمين رؤية مستقبلية واضحة المعالم بعيدا عن منطق الولاءات، في مقابل إسقاط متواصل بالمظلات الخارجية لبعض المناصب المالية “المستحدثة” رغم عدم اعتمادها ضمن القانون السنوي الإطار المصادق عليه من طرف المجلس الإداري للشركة،
4-إدانته الكاملة لشيوع منطق الريع والمحسوبية والزبونية الإدارية، عوض التقدير السليم للكفاءات الحقيقية بمستوى أقدميتها وبحجم إنجازاتها الناجحة وطاقاتها الميدانية الفعالة، مما كان من شأنه أن يشجع على سلوك وقيم البذل والعطاء والجدية والمسؤولية والنزاهة عوض سلوك الاتكال على قيم منحرفة وشاذة مثل تقديم”خدمات قبل البيع وبعده”. كما يشجب كذلك، وبقوة، الاستعمال المفرط لسياسة “الكيل بمكاييل مختلفة” في التعاطي مع مناسبات تقييم الكفاءات البشرية أو التعيين في مناصب المسؤولية، واعتمادها ك”مطية إصلاحية” لتجريب الوصفات الفاشلة وتزكية سياسة “الرتوشات والمساحيق الخادعة”. مما أدى إلى تكريس خيار التعنت في هدر الزمن الاجتماعي والهضم المقصود، بجرعات محسوبة، لما تبقى من مكاسب السلم الاجتماعي التي ما فتئنا نسعى إلى حمايتها وصيانتها بكل الجدية المطوبة وبكل الحكمة والصدق اللازمين،
5 – رفضه التام لكافة القرارات، الغير مباشرة والمباشرة، التي خيطت على المقاس الغير صحيح، على غرار تهميش كفاءات بشرية حقيقية مشهود لها بالتميز في مجال التسيير وبحمولات هندسية وخبرات تقنية وإدارية راكمتها عبر تاريخ مهني حافل بالمنجزات، أو على غرار تنقيل رؤساء مشاريع أثبتت أرقام إنجازاتهم نجاحهم الميداني وشهد مسؤولوهم المباشرون وسائر الشركاء المؤسساتيين على قيمتهم المضافة، أو على غرار بعض الاختيارات “الدخيلة” التي همت عينة مخبرية تم انتقاؤها، بطريقة مشبوهة، من بين العاملين بالشبكة التجارية والاجتماعية للشركة، في تمييز واستثناء فاضح بين الأجراء واختلاق غريب لمناصب ومهام “هلامية” وغير موجودة في سائر المضامين والمواثيق المكتوبة لمجموعة العمران. كما تم الإجهاز مع سبق الإصرار والترصد، ودون مراسيم دفن أو عزاء، على مكتسبات ميدانية وخبرات اجتماعية واختصاصات مهنية متميزة واستثنائية بصمت تاريخ مجموعة العمران بمداد الفخر وصنعت أمجادها الاجتماعية والاقتصادية بل وساهمت ولازالت تساهم بمنجزاتها الواقعية في تكريس المغزى من الوجود القانوني والمالي للمجموعة وفي رسم تصوراتها ومهامها الاستراتيجية الأساسية التي يتم تكليفها بها من طرف الدولة كفاعل عمومي. فهل تم التخلي عن المهام الاجتماعية للعمران بصفة نهائية؟ ومن قرر ذلك ومتى تم تقريره؟ وهنا يجدر التنبيه، وبشدة، إلى أن هذه “القرارات الغرائبية”، سوف تظل معاكسة لكافة مقتضيات وأركان القانون الأساسي كما تم تعديله وتتميمه، ومنافية تماما لمعايير مرجع الكفاءات والمهن الخاص بمجموعة العمران، إضافة إلى مناقضتها لجذاذة المناصب ولتوجيهات الهيكلة التنظيمية كما تم تقريرها واعتمادها من طرف مسؤولي الإدارة الجماعية ومجلس الرقابة وكما تمت المصادقة عليها من طرف مديرية المقاولات والمؤسسات العمومية بوزارة المالية،
6-إدانته الكاملة للإصرار على تهميش وتغييب الدور الاستشاري والاستشرافي المنوط بجميع آليات الحكامة الرشيدة، عبر الإصرار الغريب في التضييق على الحريات النقابية وتهميشها عند كل المناسبات التي تستدعي حضورها (البند 41 من ق.أ والبند 37 من ق.د ) وعبر التقليل من أهمية إن لم نقل تغييب دور الممثل النقابي داخل الشركة ( البنود 47،46،45 و 48 من ق.أ) وعبر تعليب دور لجنة المقاولة إن وجدت ( البندين 49 و 50 من ق.أ) وعبر إقبار الدور الإداري المنوط بلجنة تدبير المسارات المهنية وفقا للضوابط المنظمة في هذا المجال.
7-دعوة السيد المدير العام إلى عقد “لقاء عاجل” من أجل الوقوف على أسباب استمرار مثل هذه الخروقات والاختلالات الخطيرة التي باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي والمهني داخل شركة العمران الدارالبيضاء-سطات، بل وأصبحت تمس بسمعة وإشعاع الشركة أمام سائر المرتفقين وأمام كافة شركائها المؤسساتيين. وبهذه المناسبة، بالذات، يتساءل الجميع عن مصير مناصب المسؤولية الشاغرة منذ مدة ليست بالقصيرة، دون إعلان داخلي عن ترشيح للمناصب ودون تدبير سليم للمسارات المهنية ذات الاستحقاق. فهل انعدمت الكفاءات والخبرات البشرية الداخلية إلى هذا الحد الذي يدعو إلى الارتياب؟ ولمصلحة من يتم إخفاء وتهريب هذه المناصب الشاغرة؟ كما يجدر التساؤل، كذلك، عن مدى الجدية في مباشرة عمليات “تسوية” ما تبقى من الملفات الإدارية العالقة بشقيها الأساسيين من مهضومي الأحقية في احتساب عادل لسنوات الأقدمية عند تاريخ الالتحاق بالشركة ومن الحاصلين على شواهد عليا مولتها الإدارة من مال الدولة الخاص،
مع لزوم الدعوة، مرة أخرى، إلى ضرورة تعميم كافة القرارات المتخذة و كذا محاضر الاجتماعات التي تهم تسيير المرفق العام، اقتداء بالمعايير المعمول بها داخل دواليب الإدارة الجماعية، عبر وسائل الإعلان الإلكتروني الداخلي في اتجاه سائر المستخدمين تعزيزا لآليات التواصل الأفقي وتوطيدا لمبادئ الحكامة الجيدة ولأسس المسؤولية الاجتماعية للمقاولة، عوض الاقتصار على إرسال جملة من القرارات “الفجائية” بصفة انفرادية وحصرية نحو العناوين الإلكترونية الخاصة بالأشخاص المستهدفين من تلك القرارات مع نسخ قصد الإخبار “فقط” نحو مسؤوليهم المباشرين. فأين هي شفافية تدبير المرفق العمومي؟ وأين هو الحق في الحصول على المعلومة؟ وأين هو ميثاق القيم المهنية لمجموعة العمران الذي نفخر جميعا بوجوده؟ بل وأين هي مبادئ العدالة الاجتماعية كما تنص عليها المواثيق التشريعية الوطنية والدولية وكما يحث عليها صاحب الجلالة نصره الله وأيده في سائر خطاباته الأخيرة؟
إن المكتب النقابي الجهوي المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وهو يجدد نيته الصادقة لفك خيوط هذا الاحتقان الاجتماعي والمهني الخطير والذي لم تكن تحتاجه الشركة في مثل هذه الظرفية الحرجة والاستثنائية التي تقتضي تعبئة جماعية قصوى لكافة الطاقات قصد مواجهة تداعيات الوباء العالمي كوفيد_19 على الاقتصاد الوطني وعلى القطاع العقاري خصوصا، فإنه يدعو كافة المستخدمات والمستخدمين والمناضلات والمناضلين الأوفياء إلى ضرورة الرفع من منسوب اليقظة والحذر أمام كل ما من شأنه أن يمس بحقوقهم ومكتسباتهم التي ضحوا بالغالي والنفيس من أجل إثباتها، كما يحثهم على رص الصفوف وتحرير إرادتهم الجماعية من أجل تعزيز القدرة على مواجهة طيور الظلام وخفافيش المصالح ومحتكري العلب السوداء.
“كرامة الأجراء أولا”


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني