الصحراء المغربية: خمسة أسئلة لنائب رئيس جامعة (نيو انغلند) الأمريكية

نوفل النهاري

يتطرق الجامعي المغربي-الأمريكي ونائب رئيس جامعة (نيو انغلند) الأمريكية المكلف بالشؤون الدولية، أنور مجيد، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء لآخر التطورات التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، وكذا لمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء المظفرة.

وأكد مجيد، وهو أيضا مدير مركب طنجة الجامعي التابع لجامعة (نيو انغلند)، وصاحب عدد من المؤلفات في السياسة والتاريخ، أن المغرب جعل من الصحراء نموذجا حقيقيا للتنمية ومحفزا للاندماج الاقليمي والقاري. كما أبرز الحاجة إلى انخراط كامل وجدي للجزائر كما دعا إلى ذلك مجلس الأمن لمنظمة الأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل نهائي لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء.

1 – عرفت الصحراء المغربية طيلة الـ45 سنة الأخيرة، تطورا وتنمية مهمين جعلا من هذا الجزء من المملكة قطبا إقليميا مزدهرا وكامل الاندماج، ما هو تقييمك لهذه المنجزات؟

لا أعرف أي بلد في العالم استثمر في أقاليمه المحررة كما فعل المغرب في صحرائه. ولطالما كان من البديهي أنه بالنسبة للمغرب، يشكل استرجاع الصحراء سيادة وطنية ووحدة ترابية.

وقد ربطت طرق ومدراس وموانئ ومطارات جديدة منطقة الصحراء بباقي مناطق المملكة، ما يجعل منها جزءا مندمجا في النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمغرب.

2 – في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال45 للمسيرة الخضراء، أعرب صاحب الجلالة الملك محمد السادس عن الالتزام بجعل الصحراء محركا للتنمية الاقتصادية على المستويين الإقليمي والقاري، مع إبراز الإمكانيات البحرية الهائلة للمنطقة، ما هو تعليقك على هذا الإعلان؟

في الواقع، يشكل قرار تحويل الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى قطب بحري رئيسي مع تشييد ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيكون مشابها لميناء طنجة-المتوسط، مبادرة عبقرية.

فمنذ 45 سنة، أي منذ استرجاع المملكة سنة 1975 لأقاليمها الجنوبية، لم يفتأ المغرب يستثمر في صحرائه، جاعلا من عملية إدماج هذه المنطقة المسترجعة إلى الوطن الأم نموذجا فريدا في العالم على مستوى التنمية السوسيو-اقتصادية.

ويعتبر استرجاع الصحراء بمثابة محفز لاستراتيجية وطنية للحكامة والتنمية الاقتصادية، ومن شأن عزم جلالة الملك على النهوض بالموارد البحرية للمنطقة سواء في مجال الصيد البحري أو في قطاع النقل الاستراتيجي، أن يعطي لجهة لمنطقة الصحراء زخما قويا ويساهم في تحويلها -على غرار مدينة وجهة طنجة- إلى واحد من أبرز الأقطاب الاقتصادية للمملكة.

3 – أكد صاحب الجلالة أن مخطط الحكم الذاتي هو الخيار الطبيعي الوحيد لتسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء. ماهي وجهة نظرك خصوصا أن منظمة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أقبروا بشكل نهائي فكرة الاستفتاء

منذ عدة سنوات خلت، أطلق صاحب الجلالة مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء في إطار الجهوية المتقدمة للمغرب، وحان الوقت لكي تساهم الحكومة والسلطات المحلية بشكل فعلي في تحريك هذا المخطط. وتظل مبادرة الحكم الذاتي السبيل الأوحد الذي يمكن مواطني الصحراء من تدبير شؤونهم المحلية والمشاركة بكل حرية في مجتمعهم.

الحديث اليوم عن استفتاء في الصحراء، لاسيما على ضوء اعتراف المجتمع الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، هو بمثابة “أمنية جوفاء وخطيرة”. ولن يعمل هذا النوع من المطالب إلا على زيادة التوترات غير المجدية التي لن تفضي إلى أي شيء.

وأمام منطقة الصحراء وساكنتها العديد من المكاسب التي يمكن تحقيقها عبر التحول إلى اقتصاد دينامي وبوابة نحو باقي افريقيا، ويتعين على أي شخص تهمه فعلا شؤون الصحراء وساكنتها أن ينخرط بلا تردد في المبادرة الملكية، لأنه تم إهدار الكثير من الوقت.

4- افتتحت 15 دولة إفريقية بالإضافة إلى الإمارات قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة، كيف تقيمون دعما من هذا القبيل؟

بافتتاحها لقنصليات بالصحراء المغربية، لم تأخذ الدول الإفريقية والعربية موقفا ديبلوماسيا قويا فقط، لكنها تصرفت بحكمة أيضا، لأن الصحراء المغربية تحاذي منطقة غير مستقرة حيث تنشط عناصر تنظيمي القاعدة وداعش ومنظمات إرهابية أخرى. وبذلك يتعين بذل كثير من الجهود المتضافرة، والتعاون بين دول المنطقة والمغرب وكذا فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية لدرء خطر قوى الشر هذه، وحماية الطرق التجارية ذات الأهمية الكبرى بالنسبة لسبل عيش ساكنة المنطقة.

لقد أثبت المغرب حنكته في مجال الأمن ومكافحة التطرف، ومن شأن تجربته في المجال أن تكون مفيدة جدا للجيران ومن تم للقارة الإفريقية بأكملها.

ويتعين الأخد بعين الاعتبار أن المغرب يستثمر بشكل مكثف في إفريقيا، كما أنه طور علاقات اقتصادية متينة مع عدد من الدول الافريقية الأخرى. ويدرك شركاء المملكة جيدا أن مغربا موحدا ومستقرا هو ضروري لاستقرار المنطقة وللتنمية في كافة إفريقيا والعالم العربي.

5- في قراره الأخير حول الصحراء، أبرز مجلس الأمن الدولي مجددا ضرورة أن تشارك جميع الأطراف المعنية بما فيها الجزائر بشكل كامل وجدي في العملية السياسية ؟ ما هي قراءتكم لهذه الدعوة الجديدة الموجهة للجزائر ؟

الجزائر قادرة بسهولة على الاضطلاع بدور محوري في حل النزاع حول الصحراء المغربية. فهذا البلد الجار باستطاعته الكف عن احتضان الانفصاليين ووقف دعمهم والمساعدة في التفاوض على إدماجهم بوطنهم الأم المغرب.

ويبقى حل هذا النزاع في صالح البلدين الشقيقين على المدى البعيد. ففي الوضعية الحالية يقف النزاع حاجزا أمام بلورة شراكة متينة من شأنها النهوض بمستقبلهما المشترك وجعل المغرب العربي واحدا من أقوى التكتلات الاقتصادية والسياسية بإفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والعالم العربي.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني