ذكرى المطالبة بالاستقلال

بقلم : محمد حسيكي

الاستقلال هو الحق الدولي في السيادة الوطنية، من الهيمنة عهد الحقبة الاستعمارية، تحت وطأة القوة العسكرية، التي طغت بالمحيط العالمي، خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، والذي حولته الحربين العالميتين إلى حروب ذات أبعاد دولية قسمت العالم إلى معسكرين، شكلا قطبي السياسة الدولية، والتي لاح فيها من المنظومة الأممية، حق البلدان المحمية، أو المستعمرة، في الاستقلال الوطني واللحاق بعضوية المنظومة الأممية .

وقبل نهاية الحرب العالمية الثانية، وإعلان ميثاق الأمم المتحدة، وبعد اجتماع الحلفاء في مؤتمر أنفا الذي انعقد بحضور جلالة السلطان سيدي محمد بن يوسف، مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن، تقدم المغرب قبل تاريخ نهاية الحرب إلى سلطة الحماية بوثيقة مطلبية، وقعها عدد من المواطنين المرموقين على الساحة العمومية، تدعو إلى إصلاحات اجتماعية تؤهل البلاد إلى حصولها على الاستقلال والتحاقها بركب الحلفاء في حقها من السيادة الوطنية .

وبعد ما يقارب العقد من الزمن على تقديم الوثيقة أقدمت السلطات الفرنسية، على نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف، والأسرة الأميرية، وإبعادهم خارج البلاد، من علاقته مع الأوصياء على العرش من أهل الحل والعقد بالبلد، والذين تقدموا إلى السلطات الفرنسية بوثيقة سياسية حول مستقبل البلد المتطلع إلى السيادة الوطنية والاستقلال .

وبالمقابل من ذلك قامت السلطات الفرنسية، بنفي عدد من الوطنيين من أهل الرأي إلى خارج البلاد، وبمناطق معزولة ومتفرقة من داخلها، ردا على غيرتهم الوطنية على نفي جلالة السلطان وأمراء عائلته، الذين أضحوا يناهضون السلطة الفرنسية في البلاد .

تطورات المنفى :

لم تمضي سنة واحدة على نفي جلالة السلطان سيدي محمد بن يوسف، حتى اندلعت ثورة جزائرية مسلحة انطلاقا من المغرب، اختارت الكفاح المسلح لتحرير الجزائر .

وهكذا وجدت السلطات الفرنسية نفسها في وحل المستنقع من الرأس إلى أخمص القدمين، المغرب يطالب بالاستقلال من منطلق الرأي والرأي الآخر، وحركة التحرير الجزائرية، تواجه الوجود العسكري الفرنسي من أراضيها بالعمليات العسكرية من التراب المغربي .

وبعد أن أحكمت السلطات الفرنسية النفي على الوطنيين من داخل البلاد، تحركت المقاومة المدنية بالمظاهرات السلمية، والمطالب العلنية بإسقاط السلطة الفرنسية من البلاد، وأتباعها المناوئين للحقوق الوطنية في السيادة الاجتماعية .

وبعد عامين من المنفى عاد جلالة السلطان وأمراء عائلته إلى البلاد، لتجري الحكومة الفرنسية بعد مراجعة الأوضاع بالمنطقة البدء في عملية التفاوض مع الوطنيين حول مستقبل البلاد تحت الرعاية السامية لجلالته .

وخلال سنة من عودة السلطان سيدي محمد بن يوسف المظفرة إلى المغرب، انفرجت أحوال الزعماء الوطنيين من النفي واستعادتهم أجواء الحرية وحق المجاهرة بالحقوق الوطنية، والتي انتهت بإعلان استقلال المغرب تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد الخامس .

ومن تم بقي تاريخ تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، عملا نبيلا ولبنة تأسيسية لميثاق اجتماعي وعيد وطني، قاده سلطان البلاد سيدي محمد بن يوسف، مدعوما بعمل الكتلة الوطنية في تحقيق المطالبة بالاستقلال والوحدة الوطنية .


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني