من وحي موگادور

بقلم ( عبدالحميد عساسي – المغرب )

يحكي المستشار الملكي السيد أندري ازولاي حدثا عايشه في طفولته ،وترك عنده وقعا جميلا وذكرى مؤثرة رقيقة ما زالت مشاهدها تراود ذاكرته حتى اليوم، و يرويها الرجل بتأثر عميق كلما سنحت له الفرصة بذلك.

الحكاية تعود لأواخر الأربيعينيات من القرن الماضي، حين كان السيد أزولاي طفلا يافعا لا يتعدى عمره الثماني سنوات .

كان والد أندري يعمل موظفا بإدارة الأشغال العمومية بميناء مدينة الصويرة …و قد تم تسريحه بشكل تعسفي تحت ضغط حكومة فيشي النازية التي كانت تسعى لتعميم قوانينها العنصرية على اليهود المغاربة إسوة بيهود فرنسا و مستعمراتها حتى لا يتقلد اليهود المناصب الوظيفية داخل الإدارة العمومية، مما اضطر والد اندري إلى ممارسة التجارة للبحث عن مصدر رزق لإعالة الأسرة ..

يحكي المستشار الملكي السيد أندري أزولاي أنه في سنة 1949 حدث ان زارنا جارنا المسلم الحاج ”ليمام ” رحمه الله مباشرة بعد عودته من الحج، و في طريق عودته للمغرب مر على مدينة القدس..

طرق جارنا باب بيتنا و استقبله والدي ،كان الحاج يرتدي جلبابا أبيضا، و كان وجهه يفيض نورانية وهيبة وجمالا ، و قال لوالدي انه مر من القدس ،و انه يحمل له هدية من المدينة المقدسة … ثم أخرج من جيبه كيسا صغيرا بداخله تراب و ناوله لوالدي قاءلا: تقبل مني هذه الهدية و سأكون سعيدا لتشاركني حجي وزيارتي للقدس ” أورشلايم ” .

أن يحمل مغربي مسلم ترابا من مدينة القدس قاطعا قرابة 6000 كلم ، و ياتي به الى مدينة الصويرة بالمغرب و يهديه لجاره وصديقه اليهودي المغربي فهذا لعمري يختزل كل معاني الانسانيه من تعايش و تساكن وجيرة ومودة ومواطنة و ” تامغرابيت “…

ما قام به الحاج ليمام هو بترتيب وتوفيق وإلهام من الله …والرسالة هي ان القدس مدينة السلام ملك لمحبيها وعشاقها من كل المنابت والأعراق .

هذا حدث يرويه المستشار الملكي في اكثر من مناسبة بتأثر كبير وفخر فائق… حدث زيارة الحاج ليمام المسلم المغربي لمنزل الأسرة في أربعينيات القرن الماضي ، والهدية الروحية التي لا تقدر بثمن ،و التي كانت عبارة عن تراب وبمثابة ” براخوت ” من الارض المقدسة حمله لجاره و صديقه والد السيد اندري ازولاي …


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني