رمضان والمجتمع والطوارئ الصحية

بقلم : محمد حسيكي

المجتمع التفاف بشري من كيان ترابي ذو طابع اجتماعي منظم، تحكمه قواعد الشرع من الدين، وقواعد الوضع القانوني من المنتظم الدولي، مبني على الشرعية الدولية التي تعترف وتتعايش مع الحياة الدينية، وأجوائها الحية التي يعيش عليها الانسان، في إطار شرعي يواكب الحياة الاجتماعية، كما عليه المجتمع في مواكبة المنتظم الدولي .

ومن أجواء الحياة الاجتماعية في الدين الاسلامي صوم شهر رمضان، وفيه يتغير التوقيت اليومي من توقيت إداري + ساعة إضافية عن توقيت جرينتش، إلى توقيت المدار الفضائي الموافق لتوقيت جرينتش، – الساعة الطبيعية -، وتحول وقت النظام الغذائي من الساعة الشمسية، إلى الساعة القمرية، بدءا من رؤية هلال شهر الصيام، إلى رؤية هلال الفطر، وحلول العيد وعودة الحياة الاجتماعية إلى مجراها العام .

تحضيرات رمضان :

صوم رمضان هو الامساك عن شهوتي البطن والفرج من الأكل والشرب والجماع، على كل مسلم سليم الصحة البدنية والعقلية وبالغ سن الصوم، من آذان الصبح، إلى آذان المغرب .

وإلى جانب الامساك عن الأكل نهارا، هناك الصلوات الخمس اليومية، وصلاة التراويح الليلية، والتي تختتم من الشهر بالقيام للعبادة من ليلة القدر المباركة، كما يختتم المسلم الصائم صومه من آخر الشهر برؤية هلال العيد، وإخراج زكاة الفطر لفائدة الفقراء، وتأدية صلاة العيد الجماعية من يوم الفطر .

والصوم لمدة شهر من السنة، يتطلب من الصائم استعدادات مادية وروحية لقضاء فترة الصيام في أجواء غير مكلفة شرعا، تسود منها الانسانية بين عامة المجتمع، كما يجري على الصوم من الفرد التوجه نحو الاماكن الدينية، مما يؤدي بالمجتمع إلى إغلاق الملاهي الليلية، والتي لا تليق أجواؤها مع شهر الفريضة الدينية، الذي يحييه المجتمع في أجواء هادئة من الطمأنينة تحيي في الانسان سكينته الكونية التي يحيا منها على الارض بالعقل من الجسم والروح .

ومن ثمة يعرف الشهر الفضيل من الحياة الاجتماعية، حركة نشيطة من العمل ومنظمة من الخدمات، لاستقبال وقضاء الصوم في أجواء اجتماعية ممتعة، تجري لها الاستعدادات بالأسرة من البيت، والمجتمع من أنشطة الحياة العامة، لمتطلبات الصوم، من وجهة النظام الغذائي الذي يسود من رمضان، والتنشيط العام وقت الاجتماع حول مائدة الافطار، عبر برامج قنوات الاتصال السمعي البصري، التي تجتهد في تحضيراتها لاستقطاب المتابعين بالمشاهدة والسماع من وقت جمعهم العائلي للإفطار.

الصوم والصحة :

من أساسيات الصوم في الدين الاسلامي، توفر الفرد على الصحة الجسمية والنفسية لأداء الفرض الديني، ومن ثمة رخص الشرع للصائم بالإفطار من وقت السفر، ورفع عنه الصوم من حالة المرض وحالة العجز من سن الهرم، في الأحوال العادية، وكذا الالتزام بحالة النظام العام من وقت الجائحة .

وهكذا ترى خلال شهر الصيام، رجال الدعوة من الدين يرشدون الناس إلى أمور دينهم، والأخذ منه باليسر يرخصون للمريض عبر إرشاد الطبيب المعالج، وللمسافر من وقت دخوله في السفر، والمرأة من نفاس أو من حيض، تقتضي مراجعة القيم الديني في قضاء ما عليهم من الصوم، بعد خروج شهر رمضان .

ومن وجهة التغذية العامة، تقدم القنوات العمومية والخاصة نصائح صحية في التغذية للعامة، كما للمرضى خلال شهر الصيام، فضلا عن برامج نموذجية سمعية ومرئية لتحضير الوجبات اليومية، والمشارب الغذائية المنعشة، إلى جانب مسلسلات الفرجة اليومية، والموسيقى الروحية، والحلقات العلمية، والندوات الفكرية، إلى جانب الأنشطة الترفيهية، وبرامج الأطفال المسلية .

الصوم من وقت الجائحة الوبائية :

يقصد من مفهوم جائحة الطوارئ الصحية وباء كرونا فيروس المعدي، والذي اجتاح العالم كله وعرف من اسم الجائحة الكارثية، والتي أثرت على الحياة العامة من الساحة الاجتماعية والدولية، وأيضا على الأجواء الدينية، من حظر الاختلاط من أماكن العبادة، وحظر التجوال الليلي إلا في الحالات الخاصة المأذون لها بالحركة .

ويدخل في حكم المرضى المصابون من الجائحة، خاصة الذين تدعوا حالتهم إلى العناية المركزة، بينما تخضع إلى الاستشارة الطبية حالة الذين يتابعون العلاج من بيوتهم، وكذا الذين يتلقون اللقاح من يوم الصيام، إن اعترضتهم أعراض من اللقاح، تستدعي اليقظة من الطبيب والملقح .

وبالمغرب فرضت الجائحة في سنتها الاولى من شهر رمضان حالة الطوارئ الصحية، والعمل بالتدابير الاحترازية الوقائية، بينما السنة الثانية من صوم رمضان، اقترنت مع عملية اللقاح من الوباء، في أجواء من التدابير المعمول بها صحيا واجتماعيا، للحد من تفشي الجائحة واكتساب المناعة الصحية للفرد والمجتمع من اللقاح لمواجهة الموجة الوبائية، التي لازالت أجواؤها مخيمة على الساحة الاجتماعية والدولية .


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني