ليلة سقوط القوة الضاربة

بقلم : بوشعيب حمراوي

ليلة جمعة سوداء عاشها قادة نظام العسكر الجزائري وخدامهم في الرئاسة والخارجية. بعد أن تعرضت دبلوماسيتهم الخارجية لنكسة كبيرة، وخرجت خاوية الوفاض من قلب مجلس الأمن. بعد المصادقة على القرار الأممي رقم 2602. والإعلان عن سقوط القوة الضاربة، قرار لاشك سيلقي بظلاله اليوم الاثنين على الذكرى ال67 لثورة الفاتح من نونبر 1954 المطالبة بالاستقلال. تلك الذكرى المفروض أن تكون يوم احتفاء مشترك بين الشعبين الشقيقين. جعل منها قادة الشر يوما للتنكر لكل ما قدمته المملكة المغربية من تضحيات ودعم لتحرير الجزائر من الاحتلال الفرنسي.
معظم أعضاء مجلس الأمن أشادوا بالملف المغربي، و تبخرت كل التهم الواهية الملفقة من طرف نظام الكابرانات عن واقع حقوق الإنسان بالأقاليم الجنوبية، و عن كفاح الجيش المغربي الباسل. 13 دولة عضو بمجلس الأمن من أصل 15 دولة أيدت المقترح المغربي الممثل في الحكم الذاتي، وصوتت من أجل تمديد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة كاملة ابتداء من 31 أكتوبر 2021، تاريخ انتهاء الولاية السابقة. بل إن الدولتين غير المصوتتين لصالح المغرب (روسيا وتونس)، فضلتا الامتناع عن التصويت. ولم تبادر روسيا إلى استعمال حق الفيتو. الذي يمكنها من إلغاء كل عملية تصويت والإطاحة بكل القرارات الأممية. كما أن مستشار الرئاسة التونسية عاد ليرطب الأجواء. و يؤكد أن تونس مع القرار. ليتضح أن التصويت في طياته مجاملة وتخوف من ردود أفعال نظام العسكر تجاه تونس الجريحة. والتي وضعها رئيسها في مأزق خارج الدستور.
نظام العسكر الذي أهمل مطالب الجزائريين في العيش الكريم. و بدد أموال وثروات الشعب ، في محاولات استمالة أنظمة بعض الدول. كما بدد جزءا كبيرا منها في شراء الأسلحة والعتاد العسكري. وتشييد القصور، و ملء أرصدة القادة والموالين لهم بالبنوك الدولية. لم يجني من وراء لهته خلف الأوهام سوى السراب وخيبات الأمل المتتالية.
فقرار مجلس الأمن لم يحدد جدولا زمنيا لبداية مهمة المبعوث الأممي. الذي من المفروض أن تبنى كل خطواته على أساس تغليب مقترح الحكم الذاتي. باعتبار أن لا أحد تحدث عن الاستفتاء من أجل تقرير المصير. فمجلس الأمن يقر بأن مصير الصحراء والصحراويين المغاربة لن يكون خارج الحضن المغربي. كما أنه لا شأن لبعثة المينورسو ومبعوث الأمم المتحدة بحقوق الإنسان داخل الصحراء المغربية. باعتبار أن الصحراويين المغاربة يعيشون في أمن وأمان كباقي المغاربة.
لم يكن هناك أي حديث في الاجتماع الأممي ليوم الجمعة عن موقعة الكركرات التي سجلت تدخل راقيا للجيش الملكي، ضد عصابات البوليساريو التي قطعت الطريق في وجه السائقين. وتمكنت من إجلاءهم بدون إراقة دم ولا إطلاق أي رصاص حي أو ميت. بل إن مجلس الأمن اعتبر الجزائر طرفا في النزاع. وفرض عليها الجلوس في موائد مستديرة من أجل النقاش الجاد والمثمر.
كل ما يأمله الشعب المغربي ونظامه أن يستفيق رواد القوة الضاربة من سباتهم. وينتبهوا إلى أن ما يكنونه للمغرب والمغاربة من عداء مجاني، لن يحد من صمود المغاربة وكفاحهم من أجل استكمال وحدتهم الترابية جنوبا وشمالا. وأن الضرر الكبير هو أن نجد شعب بلد شقيق غني بالنفط والغاز، ويعيش شعبه الجوع والمهانة. وأن نرى أن أموال وثروات الشعب تبدر من أجل تقوية العداء ضد المغرب. إن ما يعيشون نظام العسكر من أحلام اليقظة، هي في حقيقة الأمر كوابيس مغلفة بأوهام العظمة والأنانية. وعاجل أم آجلا سيكتشفون واقعهم المخجل. وسيدركون أن قوتهم الضاربة ستأتي على الأخضر واليابس داخل التراب الجزائري.
سيسجل التاريخ أن نظام الجزائر هو من حال ويحول دون تأسيس المغرب الكبير. وهو من حول أطماع القوى العالمية إلى إفريقيا. وجعل الكل متربصا بثرواتها الطبيعية ومواقعها الإستراتيجية. وهو من سيطيل أمد الحروب الأهلية في مالي وليبيا وتونس وغيرها من الدول التي باتت أطرافها الداخلية تواعد قوى الاستنزاف وتؤمن لها إقامات وموائد داخل بلدانها.
ففي الوقت الذي بدأت فيه نيران الحروب تخمد داخل عدة دول، وبدأت الصراعات القبلية والعرقية تذوب. تحولت دول المغرب الكبير المفكك وعدة دول افريقية إلى وجهة جديدة لدول كبرى (روسيا، تركيا، الصين، ألمانيا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل، فرنسا..). وطبعا فكل تلك الدول تبحث عن استنزاف ثروات الدول المستضعفة والمشتتة. وقريبا ستدخل تلك الدول في صراعات بينها من أجل تقاسم كعكة هي في الأصل موارد عيش تلك الشعوب. ولن نتفاجأ في حال اندلاع نيران حرب عالمية ثالثة، تكون شعوبنا هي الحطب وثرواتنا هي الضامنة للسلاح والعتاد.
حقيقة ما يجري ويدور بخصوص ملف الصحراء المغربية. تجعلنا نحن المغاربة في حالات صدمة وحيرة. ففي الوقت الذي نجد التأييد والدعم من دول أجنبية. نرى كيف تسارع دول شقيقة إلى حرماننا من حقها في استكمال وحدتنا الترابية. نظام جزائري أثث على كره المغاربة. ونظام تونسي يختار دائما الحياد السلبي. ونظام ليبي عاش يتلذذ بعدائه للمغرب قبل أن يدخل في صراعات داخلية. ونظام موريتاني غير واضح في قراراته اتجاه وحدتنا الترابية. علما أن كل دول المغرب الكبير تدرك حق الإدراك بصدق وجدية مطلبنا. وكان من المفروض أن تكون في صدارة الداعمين لملفنا. لكن يبقى الأمل في شعوبها ومشاتلها البشرية التي نأمل أن تفرز قادة قادرين على فرض التغيير من أجل بناء المغرب الكبير.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني