عصر التحولات المناخية والصحية

بقلم : محمد حسيكي

كل ما نعرف من حياتنا الجارية بالعصر، أن القرن العشرين هو عصر التحولات، من نظام إمبراطوريات القياصرة، إلى نظام الكيانات الاجتماعية، تحت الرعاية الاممية .

وخلال العصر، شهد العالم تطورا حضريا في الحياة البشرية، والنظم الاجتماعية من مجالات الصناعة والتجارة، وعلوم الأحياء والتقنيات، مكنت الانسان من الوصول علميا وتقنيا، إلى كواكب أخرى بعيدة عن كوكب الارض، والرفع من التواصل لدى الفرد عن بعد .

غير أن كوكب الارض أضحى من هذا التحول، يعاني من ظواهر مناخية مرتبطة بالتحول الصناعي، الذي له أثر سلبي على المناخ الجاري على الحياة الطبيعية من كوكب الارض، يأخذ باهتمام الأمم والمجموعة الدولية .

وما يشغل البال عالميا، هو التحول الصحي الذي تمر به بلدان العالم، من جراء اكتساح جائحة وباء كرونا فيروس المستجد، وتحويراته عبر طفرات متحولة .

التحول الصحي العالمي :

خلال القرن العشرين، حقق المجال الصحي الدولي، قفزة علمية وتقنية كبيرة في البحث والاكتشاف، ساهم فيها جديد التقنيات الجديدة، والتعاون العلمي والتواصل الدولي، من تبادل الخبرات والأبحاث العلمية، من ظواهر التغذية والمناخ على الصحة البشرية .

مقاومة الأوبئة :

كل ما يعرف عن الأوبئة من أول عهدها، ظهورها من أوقات موسمية، نتيجة تلوث الهواء من أوقات التحول في المدار المناخي، ومن نقص في التغذية، ومن الكثافة البشرية العائمة على سطح الطبيعة من الكوكب، من فترة جفاف قاس على الحياة، أو حرارة موسمية مفرطة، تضع الغذاء والدواء على المحك من الصخة البشرية .

وفي القرن العشرين، ظهرت في مجال الصحة العامة اللقاحات المناعية، التي تعتمدها منظمة الصحة العالمية للوقاية من خطورة الأوبئة والأمراض المعدية، وخصت بها التنظيم العائلي لصحة الأطفال من سن الرضاع .

وكان لهاته اللقاحات دور أساسي في بناء صحة الطفولة، وحماية صحة الأم، ناهيك عن بعض اللقاحات، التي يسري العمل بها إلى سن الثلاثين، والتي تهم صحة الشباب الغير الملقحين من وقت ولادتهم، بعد تعرضهم وإصابتهم ببعض الأمراض المعدية .

غير أن التطعيم، ليس علاجا، بل مناعة وقائية للحماية والحد من خطورة الاصابة، ومنح المصاب فرصة للعلاج .

ومن ثمة كانت منظمة الصحة العالمية، تحث بلدان المجموعة الدولية وخاصة النامية، على تلقيح الأطفال لحماية صحتهم من الأوبئة والأمراض المعدية والمتنقلة من الاختلاط .

جائحة كرونا والموازين الصحية :

حين ظهور كرونا فيروس المستجد، والذي يطلق عليه اسم كوفيد19 من الساحة الدولية، أعلنت حالة الطوارئ الصحية والتعبئة الدولية للحد من انتشاره .

وهو وباء فيروسي جديد، اشتغل الطب الدولي على معرفة مصدره، وراج في الأوساط العامة أنه لا ينتقل عبر الهواء، ومع ذلك اتخذت الكمامات الوقائية للأنفاس، والمسافة المترية بين تقارب الأشخاص، والحد من الحركة الدولية والعامة، على سبيل الوقاية من الانتشار المتفشي للوباء .

وبعد جهود دولية للعمل على ظهور التلقيح ضد الفيروس، لم تكن البداية كما في سابق العهد من الأطفال، بل جاء التحول من البدء بالمسنين، على اعتبار أنهم الأقل مناعة، من هشاشة صحتهم التي تهددها الأمراض المزمنة .

وهذا التحول في التطعيم العام، الذي انحدر من رأس الهرم العمري لحوالي 70 سنة فما فوق، إلى سن 17 سنة.، ثم إلى سن 12 سنة للمتمدرسين، فإلى الأطفال من 5 سنوات في بعض البلدان .

والتطعيم في عدد من البلدان خلق جدلا من الرأي العام، لأن الفيروس جاء مع ظهور التلقيح بطفرات متحورة جديدة، يضرب بها متموجا من بلد إلى آخر، سرعان ما يتسارع الحقل الطبي الدولي إلى الكشف عنه، والحذر الدائم من خطورة انتشاره، مما جعل المجال الطبي يشتغل على المتحور، أكثر مما يشتغل على العلاج .

جديد الوباء المتحور من الساحة الدولية :

الجديد في الوباء، هو من جديد مختبرات الأبحاث العلمية، نتيجة تقدم الطب الدولي، والمشاركة العالمية في الأبحاث التي لم تبق مقصورة على دولة في حدودها، بل عالم بمكوناته الدولية، ومنظومته العالمية .

ومما يزيد التحول الصحي العالمي من الجدية والفروقات من الابحاث ومقاومة الوباء، أن الأوبئة من عهد أول، كانت تقع ضحيتها البلدان الأقل رعاية صحية للساكنة من وسطها الاجتماعي .

لكن في العصر الحالي من ظهور وباء كرونا فيروس، أن البلدان التي عانت من انتشار وتحور الوباء، والأعداد المرتفعة من الساكنة التي تعرضت للإصابة به، هي البلدان ذات النظام الصحي المتقدم، والتي يتوفر ساكنتها على الرعاية الصحية اللازمة، فضلا عن كونها الرائدة في المجال الصحي، على المستوى الدولي والعالمي .

بينما البلدان النامية، التي تعاني من هجرة الساكنة، لأسباب البحث عن سبل العيش، أقل معاناة من الوباء على الساحة الدولية، فهل انتشار الوباء مرتبط بالتغير المناخي، من نشاط بشري مصدره أرضية المجتمعات المتقدمة، أم من تحول علمي جد متطور بالمجال الطبي، من البلدان المتقدمة .

لكن الجدل من الوباء في تحويراته، ومن التلقيح وخياراته، يجعل الحالة مفتقرة لمخرج يحد من الجدل المتفشي من انتشار الوباء، وسبل علاجه .


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني