كيف عاش الانسان وتواصل مع الفضاء

 

بقلم : محمد حسيكي

شهد القرن العشرين، من الوجهة التقنية والتواصل الفضائي، الصعود الأولي للإنسان إلى الفضاء، عبر مركبة أبولو، والهبوط على سطح القمر، واتصال الرواد مع الارض عبر محطة الفضاء الامريكية، من كاب كانفرال .

وقد نقل الاعلام الدولي عبر الشبكات التلفازية، الصور الخاصة بذلك الحدث العلمي التاريخي، وتحققت الاسطورة والتي ستبقى خالدة في التاريخ من سجل البشرية .

ومن خلال الأشياء العلمية التي وصلت إلى مسامعنا وقتها، رسالة من الامم المتحدة عبر رواد الفضاء، وجهت من خلالها إلى الاسماع صوت الانسان من فضاء الكوكب المضيء، وما إذا كان به أحياء من جنس الانسان .

وبعد أن ظهر رواد الفضاء أمام المشاهدين على الشاشات المنزلية، وهم داخل بدلات خاصة للوقاية من الأجواء القمرية، تراهم يقفزون فرحا على أرضية ناصعة البياض، كما سمع المشاهد أصواتهم من الاتصال الفضائي مع المحطة الفضائية كاب كانفرال .

ولدى العودة إلى الارض، هبط الرواد سالمين بالمضلات على السطح البحري بالمحيط ، وتم نقلهم إلى غرفة العزل الطبي بالمحطة الفضائية، لإجراء الاختبارات والكشوفات الطبية عن حالتهم الصحية، من جراء مكوثهم بالفضاء خارج الفضاء الارضي .

واستنباطا من صدى تلك الرسالة الاممية، التي حملها الرواد إلى الفضاء الكوني، لتصل إلى الأسماع البشرية، جاء العنوان حكيا محكيا عن علاقة الانسان مع الفضاء، من الوجهة المعاشية، قبل القفزة التقنية، التي أوصلت الانسان إلى مدار الارض من الفضاء .

الفضاء :

حين نتحدث عنه إجمالا، نقول الفضاء الكوني، بينما حين نتحدث عنه إفرادا، نقول : هاته الارض، ذات سطح بحري أدنى، وذات سطح بري أعلى، يوحدها مع الفضاء الأفق، وهاته شمس تضيء من اليوم نصفه، وهذا قمر يضيء العام كله، وتلكم النجم تسري وتختفي، من مدارات الارض الفضائية، ودخول القران الشهري الفضاء الارضي، – الغياب الكلي للقمر والنجم – .

حياة الانسان من الفضاء :

هناك من يعيش بالمتجمدة من الاسكيمو على طرفها مع اليابسة، وهناك عموم الحياة باليابسة، وهم الساكنة الذين صعدوا إلى سطح القمر، بينما الذين يعيشون على سطح المتجمدة، فلا زالوا على حياتهم الناصعة البياض، وهم في حاجة إلى رحلة نحو اليابسة، كي يخاطبوا إخوتهم من الفضاء الأممي، ويومها تختتم الرسالة .

علاقة الارض مع القمر :

العلاقة التي تجمع الارض مع القمر، هي علاقة فضائية، إذ كل منهما يدور حول نفسه من يومه حول الشمس، الارض أولا، يتبعها القمر ثانيا، حيث الارض مدارها يوم ضوئي من المدار الشمسي، والقمر مداره يوم فضائي من المدار الفضائي للأرض، حيث دورة الارض الشمسية من سطحها وفضائها، على اختلاف من نوعها ، ومن تم يتواصل ساكنة اليابسة، من يومهم مع الفضاء من الشمس والقمر، يعملون به شمسيا، ويعملون به قمريا .

اليوم القمري :

تتم رؤيته استهلالا فضائيا، وهو يوم عام من مدار اليابسة والمتجمدة، ويتم عده يوميا باليوم الشمسي، أما مداره العام فهو يومي من الفضاء، من مداره على الاستواء، سنوي من مداره بالقطب .

يجري استهلاله من الغرب بعد غروب الشمس، ويتم مداره الضوئي حين الاستواء بين مدار السرطان ومدار الجدي، ثم تضله الارض بظلها إلى أن يغيب من الافق، وتقترن اليابسة من مدارها والمتجمدة من الاستهلال .

الاستهلال الشهري :

تعوذ بي ذكرى الاستهلال، إلى أيام التربية مع جدتي، من بيتها القروي، حيث كانت تصحبني إلى جانبها أينما حلت وارتحلت، إلى يوم أن أخذت بيدي إلى المدرسة .

كان من بين ذكرياتي صحبتها بالقرية، رؤيتها للهلال يوم استهلاله، حيث كانت وأهلها لا يعرفون من التاريخ، غير الأيام والشهور القمرية .

لذلك تراهم عند نهاية كل شهر قمري، يتطلعون إلى الفضاء لرؤية الاستهلال، الرجال من جهة، ينظرون إلى الفضاء ويتحدثون، والنساء من جهتهن من فضاء القرية الرحب الفسيح .

ويغلب على مجمع النسوة من وقت الرؤية، صنف الجدات مع أحفادهم، وإن تعذرت على أنظارهن الرؤية، ناشدوا قريبا من جمع الرجال، المساعدة على تحديد ثبوت الرؤية قبل المغيب .

وحين يرون الاستهلال يستبشرون بالرؤية، ويرفعون الدعوات بمزيد الخير والبركات، كما يجري الحديث بينهن حول الرؤية، بينهن من تقول أن استهلاله رقيق كالشعرة من العمق الفضائي، بينما حين تتعذر الرؤية، يقل جمعهن من اليوم الموالي .

وحين يتابعون الرؤية من اليوم التالي، يتأملون في استهلاله، والتعليق عن مداره الذي يكون واضح الرؤية من غير تدقيق في الملاحظة، ومنهن من تعلق أن استهلاله كان من البارحة، ألا ترون أنه منكب المدار، ودافع للماء من السماء .

كنت خلالها أعرف جهة الرؤية، من وجهة الناس، ولا أعرف وقتها لا الاستهلال ولا الهلال، إذ كنت أفتح عيني بيدي شوقا للرؤية، وأخاطب جدتي ᴉ أين هو، ما رأيته بأم عيني، ولو انفتحت عيناي فوق جفني بالرؤية، لا أرى منه شيئا، فتقول جدتي : ما أصعب الرؤية يوم لا تراه، تكبر وتراه، إن شاء الله .

ومن الشهور القمرية حملتنا أمهاتنا في البطن، وأرضعتنا من الثدي، إلى أن بلغنا الفطام من يوم عن يوم، وتلك أيام من تذكر على سبيل الذكر .


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني