الدولة الجزائرية معزولة بالغاز وبدونه!

الصادق بنعلال

في ظل سياق الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة، وفي إطار الأزمة الاقتصادية والغذائية الطاحنة التي عمت مختلف بلدان العالم، تنتشي الدولة الجزائرية وتفرك يديها فرحا بفضل الارتفاع الصاروخي لسعر الغاز والإقبال العالمي على هذه المادة الحيوية، ولم تقتصر على الشعور المتضخم بالأنا والإحساس المنفوخ “بالصورة الاعتبارية” التي تبدو عليها الآن هذه الدولة العسكرية، بل تجاوز ذلك إلى استخدام الغاز وتوظيفه لتصفية الحسابات السياسية مع جيرانها “المسلمين والمسيحيين”! واستعماله أداة للمساومة والابتزاز، وإشعال فتيل المواجهات الإقليمية والدولية بشكل بالغ الاستفزاز. وهكذا وبعد تصريح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أمام أعضاء البرلمان، جدّد فيه التمسك بقرار له في مارس الماضي، بدعم مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، كحل واقعي وجاد وذي مصداقية لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، لجأت الرئاسة الجزائرية فورا ودون تردد إلى معاقبة إسبانيا على قرارها السيادي والمستقل، فبعد أن استدعت سفيرها بمدريد منذ مدة، أعلنت “التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، الموقعة في 8 أكتوبر 2002″، وتجميد التجارة معها!

وفي الأثناء صرح وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس في لغة دبلوماسية بالغة الرقي والرزانة، أن بلاده تريد حل الخلاف مع الجزائر بأسرع ما يمكن، عبر الحوار والدبلوماسية، من أجل إرساء علاقة جيدة قائمة على الاحترام المتبادل، كما طلب مسؤولو الاتحاد الأوروبي من الجزائر إعادة النظر في قراراتها المتسرعة دون إخفاء قلقهم البالغ من هذا الوضع غير المقبول. ومن المعلوم والشائع أن نزاع الصحراء المغربية المفتعل قائم بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو الانفصالية منذ مستهل السبعينيات من القرن العشرين، والطرف المعني بالتعاطي القانوني معه هو مجلس الأمن، وأن المغرب، بعد أن تيقن وباقي المعنيين الدوليين بالموضوع، باستحالة تنظيم استفتاء “تقرير المصير”، اقترح مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية في ظل السيادة المغربية، لكن الدولة الجزائرية الطرف الأساسي في هذا الصراع المصطنع ترفض الحل السياسي المتوافق عليه، وتسعى سعيا إلى تأبيده وإضعاف المغرب و”تقسيمه”، لأنها ترغب بجنون في الوصول إلى المحيط الأطلسي، وتطويقه “جاره الغربي العدو “!!

في كل الأحوال أبانت الجزائر عن نهجها السياسوي النزق، وعدم اهتمامها بالتشبث بالقيم والقرارات والأعراف الدولية، ورفضها الممنهج للحوار والمصالحة والدبلوماسية المنفتحة، ونزعتها بالغة الغلو والغوغائية، والمقامرة بمصير شعوب المنطقة، فلا إسبانيا ستتراجع عن موقفها السيادي الحر عن تأييد مغربية الصحراء، على غرار دول غربية وعربية بالغة الاعتبار، ولا المغرب سيتخلى عن حبة رمل من وحدته الترابية بالأمس واليوم وغدا، وانه مصر على مواصلة مشوار التنمية الاقتصادية وتقوية نظامه السياسي ليصبح أكثر ديمقراطية من أجل مستقبل واعد بالحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. أما الجزائر فهي الآن خارج وعيها تحت وقع صدمة الموارد المالية الكبيرة، وعندما تصحو من نشوة “السكر الطاقي” بعد أن تضع الحرب الروسية الأوكرانية أوزارها، ويستعيد الاقتصاد العالمي عافيته، ستجد نفسها مضطرة إلى قراءة جديدة لواقعها الحقيقي المر والمؤلم، واقع دولة عسكرية تغدق أموالها المعتبرة بشكل ريعي بئيس على اللوبيات وعناصر الضغط هنا وهناك، وإنقاذ شركات الأسلحة الآيلة للإفلاس شرقا وغربا.. وتفشل فشلا ذريعا في استنبات مستلزمات الدولة المدنية العصرية، وإقامة مشاريع واستثمارات تنموية نوعية، تحول دون هجرة شبان في مقتبل العمر في قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل؛ حيث تكافؤ الفرص والمساواة ورغد العيش!


تعليقات الزوار
  1. @Nasser

    Non. sincèrement on ne peut pas être à la hauteur des sujets marocains. Parler des autres nations alors que le maroc est dirigé par un homosexuel, que les enfants se font defoncer le cul par des pervers soit disants touristes, que les femmes sont des quasi esclaves au golfe ou se font exploiter à la huelva, que le cannabis est légalisé pour certains oligarques sans oublier la biaa au drapeau israélien. Non fort les marocains.

شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني