تبت يدا كل ناهب لأموال الأمة وتب

 

فئات واسعة من الشعب المغربي تعاني في صمت أو تعبر عن ذلك جهارا نهارا عما أصابها من حيف وظلم منذ زمن بعيد وتفاقم وضعها المعيشي في السنوات الأخيرة خاصة بعد رفع الدعم عن المحروقات وما رافق ذلك من ارتفاع صاروخي في جل المواد الاستهلاكية
لكن السؤال المحوري الذي يفرض نفسه هنا هو كالتالي: من المسؤول إذن عن تردي الأوضاع المعيشية لمعظم المغاربة،أهي الحكومة أم لوبي الشركات المتحكمة في الأسواق أم محترفو اقتصاد الريع أم جهات أخرى من داخل البلاد أو من خارجها؟
على كل حال،فلا تخفى على كل عين ثاقبة ما تتوفر عليه بلادنا من ثروات باطنية وبحرية وبرية هائلة قد تجعل المغاربة ينعمون في العيش الرغيد ويتمتعون بكافة الحقوق الأساسية في الصحة والتعليم والشغل،إلخ
لكن المعضلة هنا فيما يبدو أن هناك أكثر من “أشعب الطماع” بيننا،من يريد أن يعيش “الجنة على الأرض” هو وأسرته وأقاربه ومعارفه وهم كثر مثل “أشعب الطماع” هذا،ويقتنصون كل الفرص التي تعود عليهم بالربح ولو كانت غير مستحقة لهم أو غير مشروعة على حساب أرزاق فئات واسعة من المغاربة
تفاصيل هذا الإجهاز على أرزاق المغاربة وعلى المال العام سردتها تقارير المجلس الأعلى للحسابات والتقارير الدولية وتحدثت عنها اللجان الاستطلاعية بالبرلمان وعرض عدد منها أمام المحاكم وسال بها مداد الصحف الوطنية والعربية والدولية،ابتداء من أزمة صناديق التقاعد و أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وشركة كوماناف وقضية البرنامج الاستعجالي بوزارة التعليم وقضايا اقتصاد الريع بالمأذونيات ورخص الصيد بأعالي البحار وسرقة الرمال والسطو العقاري وتهريب الأموال والتملص الضريبي والتهرب الضريبي والتحايل على الصفقات العمومية وفق المصالح الزبونية،وهلم جرا
ولا شك أن الدولة قد وقفت على عدد من مثل هذه الخروقات في حق الوطن وفي حق الشعب وأنجزت مساطر قانونية لحماية المال العام وأحالت من أحالت على ردهات المحاكم،لكن الأموال العمومية التي ذهبت والامتيازات التي حصل عليها أصحابها،من الصعب أن تسترجع كما هي بعد مضي زمن طويل على هذه الخروقات في حق الوطن وفي حق
الشعب
تصرف أو ارحل
فليس لحكومة السيد أخنوش خيار آخر إذن أمام هول الارتفاعات المتوالية في أسعار العديد من السلع والمواد الاستهلاكية وتدهور القدرة الشرائية لفئات عريضة من المواطنين المغاربة بينهم من صوتوا على أحزاب الأغلبية الحكومية، إلا بتفعيل الشعار الانتخابي لحزب الحمامة “تتساهل أحسن” على الأقل بهذا المنظور، وذلك برفع الأجور العامة والخاصة والمعاشات العامة والخاصة بنسب مهمة والتخفيض من الضرائب والرسوم على الدخول والمعاشات وتحديد هامش ربح شركات المحروقات وتخفيض نسب الضريبة على الاستهلاك بمعدلات مهمة والزيادة أيضا في نسب التعويضات العائلية بمبالغ مهمة، خصوصا للطبقتين المتوسطة والدنيا من عموم المغاربة، بعدما عانت طيلة عمر الحكومتين السالفتين غير المأسوف عليهما وأثناء سنوات الجائحة المرة وخلال ما شهدته أيضا من تداعيات الحرب الروسية -الأوكرانية، والباقي يعلمه الله وحده
لقد كانت الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة أيضا فرصة ذهبية للمرشحين لاستعراض الوعود المعسولة والبرامج الانتخابية التي بدت وكأنها جنة فوق الأرض ستتحقق لشرائح عدة من المجتمع، كل كان يغني على ليلاه في تنافس شديد من أجل كسب المزيد من أصوات المواطنين، منهم من كان “ينزل الشتا فلوس” حسب تعبير سعد الدين العثماني ومنهم من كان يحاول استمالة الناخبين بروح معنوية و بتعهدات منه بغد مشرق أفضل من الأمس
فمن وزع المال الانتخابي لشراء ذمم المواطنين المحتاجين
وحاول كسب سقف أكبر من الأصوات، إنما كان يغامر بمستقبل هذا الوطن ومستقبل مواطنيه، فالمثل المغربي يقول “كون سبع وكولني”، فلتكن أيها المرشح نزيها، واثقا من صدق برامجك، صافي النية، حسن السمعة، فيك غيرة على وطنك، خادما لمصالح المواطنين، قريبا منهم ومن تطلعاتهم ومن آلامهم وآمالهم، وسوف لن تلقى منهم غير الترحاب تلو الترحاب دون أن تضطر لشراء أصواتهم والدوس على كرامتهم
إثراء متعدد الأشكال وتفقير متعدد الأبعاد من المهد إلى اللحد
وحش التحكم السياسي والاقتصادي ووحش الغلاء و التفقير ووحش التجهيل والاستخفاف بإنسانية المواطن وتحقيره ووحش الخوصصة الصحية والتعليمية و وحش المافيا العقارية و لوبي الأدوية ووحش القروض الأجنبية وإملاءات الصناديق والأبناك الدولية ووحش بعض لوبيات الأبناك والتأمينات وخدمات الداخل ووحش بعض المقاولات غير المواطنة وذات النفوذ ووحش شراء الذمم وجلب الأصوات باستعمال أخس طرق المكر والخديعة أو عبر وسائل الضغط والابتزاز بمغربنا العميق ووحش الاقتصاد الريعي ووحش الطمع في أصوات غير مستحقة ووحش الطمع في الاستفراد بالخيرات من قبل أقلية على مرأى ومسمع من أغلبية صامتة، عازفة ومغردة أو مدونة، سابحة في ظلمة بحر لجي من فوقه ومن تحته موج هي من دواعي فقدان الثقة في منظومتنا الانتخابية والسياسية من قبل عدد كبير من المواطنين خاصة ممن ينتمون للطبقة الوسطى من المجتمع التي عانت وتعاني من أساليب طحنها
و تفقيرها خاصة في العشرية الأخيرة

أسرار تكشف لأول مرة عن غالي+أرقام صادمة حول الوضع الصحي بالمغرب مقارنة بالجزائر+أسرار أسعار الأدوية
آباء وأمهات نهب
لا يسعنا إذن إلا أن نقول لهؤلاء الذين نهبوا أموال الشعب (آباء وأمهات نهب ) وتركوه يئن ويتألم من مرارة العيش مثل ما وصف به القرآن الكريم في سورة المسد عبد العزى بن عبد المطلب الملقب بأبي لهب عم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :بسم اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ(1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ(3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ(4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
عبدالفتاح المنطري
كاتب صحافي


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني