استطلاعات الرأي: "أردوغان" غادي فالخسران.. فكيف سينعكس أفول نجم "العدالة والتنمية" على مشاريع الإسلام السياسي بالمنطقة؟

 

مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية في تركيا المقررة في شهر مارس، أكدت استطلاعات الراي ان اردوغان وحزبه سيفقدان عمادة اثنتين من اهم معاقل الحزب الاسلامي في تركيا: اسطمبول وأنقرة. فقد بات واضحا ان الدعم الشعبي لأردوغان في تقلص مستمر وسيؤدي تأكل شعبيته بعد انتكاسات اقتصادية واحتقان اجتماعي وارتفاع معدلات البطالة ونزول قيمة الليرة بمقدار ثلاثين في المائة الى خسارة حزبه لأهم حاضرتين في تركيا و اللتان كانتا تحت سيطرته طيلة مدة حكمه، حيث يعتبر اردوغان فوز حزبه فيهما مقياسا لشعبيته وفوزه في الرئاسيات.

وتضع استطلاعات الراي مرشح المعارضة لعمودية العاصمة انقرة بثلاث نقاط متقدما على خصمه مرشح العدالة والتنمية في حين قلص مرشح المعارضة في إسطنبول Ekrem İmamoğlu الفارق بينه وبين مرشح العدالة والتنمية الحاكم Binali Yıldırım ب 1,5 نقطة.

وحسب مصدر مقرب من العدالة والتنمية فان هذا التراجع يعود الى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم و افلاس الشركات والخوف من تدهور العملة وكلها عوامل ستؤثر على قرار الناخبين في المدينتين والذي يخضع بالأساس الى محددات اقتصادية.

ومع بلوغ معدل التضخم عشرين في المائة سنويا عمدت الحكومة الى بيع الخضار في الاسواق الحكومية بأثمان رخيصة للدفع الى تخفيض الأسعار  في أسواق إسطنبول وأنقرة، لكن ذلك عزز لدى الكثيرين الانطباع بتدهور الاقتصاد والعودة الى الوراء بعد 16 عاما من الازدهار،  كما ان هذا العرض الحكومي لم يعمم على باقي المدن مما ادى الى موجة من الانتقادات.

وتراجع الناتج المحلي الخام بشكل حاد الى 1, 6 في الربع الثالث من السنة، والمؤشرات تنذر بمزيد من التراجع، في حين بلغت نسبة البطالة 12,3 او ما يقارب أربعة ملايين أواخر السنة الفارطة حيث تجاوز نسبة 10,3 في المائة للسنة التي قبلها.

وبعيدا عن الحالة الاقتصادية فان الناخبين في تركيا باتوا يبحثون عن وجوه جديدة بعد ان ملوا رؤية الوجوه نفسها في الحكم لمدة 16 سنة، وهذا ما لا يمكن لديكتاتور مثل اردوغان ان يتقبله خصوصا وان قرارته السياسية خلال الفترة التي تلت انقلاب 2016 كانت تسير في منحى تعزيز سلطته المطلقة على الدولة بما فيها البرلمان والمؤسسة القضائية والعسكرية وإخراس أصوات المعارضة ومطاردة الصحفيين وتدجين الأجهزة الأمنية، وهذا المسار الذي يناهض القبول بالتداول السلمي الديموقراطي على السلطة لا يمكن الا ان يوكد بوضوح ان اردوغان لن يترك كرسي الرئاسة الا بعد تدخل الجيش او هبة شعبية تعصف بنظامه.

لكن الأدهى ان مغادرة حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا سوف يودي الى سقوط مريع لمشاريع الاسلام السياسي في تركيا وفِي الشرق الاوسط وشمال افريقيا حيث يعتبر اردوغان الاب الروحي لفروع الحزب في المنطقة، ووجوده على راس دولة مثل تركيا بإمكانياتها المادية والإعلامية هو من دعائم نجاح الجماعات الاسلامية التي ترنو الى الحكم في بلدان ما سمي بالربيع العربي، اضافة الى المصير المجهول الذي ينتظر جالية الاخوان المسلمين الذين باتوا يتخذون من تركيا مقرا رئيسيا لعملياتهم.

 وبالتالي فان نكبة الاسلاميين اذا ما فاز حزب علماني في تركيا (يعيد للبلاد هويتها الديموقراطية الحداثية) فلن تختلف كثيرا عن نكبة البرامكة في العراق على يد العباسيين اذ لا يستبعد ان يتم استبعادهم من الاراضي التركية او  في  السيناريو  الأسوأ ان يتم ترحيلهم الى بلدانهم الاصلية وحل جميع الكيانات الاسلامية والجهادية وشبكة الاتصالات التي ظل اردوغان يقدم لها الدعم المالي والإعلامي لشن حملاتها على الدول الوطنية في البلدان العربية.

 

 

 

 

 

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني