بقلم عبد المجيد موميروس
فَوقْ رَمْلِ البَحر؛ عقاربُ السَّاعة تُشيرُ، إلى ما قبلَ الزَّوَال. عندَها؛ إنْشقَّ جَوْفُ شمسِ المعارف، وَ لَذِي شظَايا قُطْبِهَا المُنْصَهِرِ. لقد جاءَكم؛ نحيبُ قَلْبِها المُنْفَطرِ. فَحِينما إغْرَوْرَقَتْ عَيْناها، بدَتِ العَبرات على خدِّها المُتَعَصِّرِ. بينما؛ الجوعُ كافرٌ، عند إنْحِباسِ المطَرِ. و لَمِنْ فَضلِكم؛ أَغْلقوا قوسَ الزمان، بما أن مُسْتَحاثّات السُّومَرِيَّة، لن تُصاحِبَني إلى محَطِّ السّفرِ. ذلك؛ من حيث أن المَعيشَة على أرضِ البشر، قد كانت منْعُوتةً بسَفْكِ الدماء و غَلَبَةِ الغَدْر. أما هنا؛ فوق سطح المريخ أنا، فَلَكَمْ طابَ مَهْبِطُ الوَعْيِ. ها سَجْعِيَّتِي المُومَرِيّة، قد تجاوَزَتْ ميتافِيرسْ الفُجْرِ.
رَبَّاهُ؛ فمَالَهُ العَقلُ المُبَرْمَجُ، داعِيًّا إلى الإلحادِ بإسْمِهِ، و صُنْدُوقًا مُظْلِما؟!. بلى؛ أنَّه نذير شُؤم على لَمَّةِ المريخ الجديدة، فَأنهُ مبَعْثُ الخطَرِ. و لقد أرسل خَوَارِزْمِيَّاتِه، فتْنةً مُهداةً للرَّاقِنينَا. كما جعلَ منْ خِطَابِه، مُتحَدِّثا باسمِ جميعِ المُبَرْمَجِينَا، طاعِنًا في رِفَاقِيَّة المُهاجِرِينَا. من كومة الأرض نحو المريخ، مُلْتقى الحالِمات و الحالِمِينَا.
ويْحَهم الحُصَلاء؛ إذ لمْ يتْبَعْني على أَلْواحِي الفضائية: “مَرّيخُوباطِيرَا”، عَدَا سَبْعُ رُوبُوتاتٍ آليّة. كنتُ قد إبْتَعْتُها من إيكسبُو دبي، عند الحقبة الماضية. بينما؛ قد صَمدَت ِبمَعِيَّتي، أميرة الجان البهيّة. ذلك؛ بما أن جُلَّ النفوس البشرية، قد رفضت مُرافَقَتي على مَتْن ألْوَاحِيَ الفضائية، نحو الكوكب الأحمر.
فلهكذا قد كان؛ لَمَّا ودّعتُ الكومة الأرضية، ِبمُتْرَفيها و جَوْعَاها، بِمِيمِها و جَنْذَرِها، بسَلَفِهَا وَ خَلَفِها، بِزُخْرُفِها و زينَتِها، و بِكل من يَهْوَاهَا. حينها؛ قد إنطلقْتُ حُرًّا دوَّارًا فوق سَمائِها و غِلافِها. ويْ: فَلَدُون جَاذِبيتها المُحَجَّبَة، و بِلا أُمَمِهَا المعَذَّبة. حيث؛ كانت هجرة موميروس، ملحمة الخلاص المرحلي. لَحتى نزلت عند بيوت المريخ، العامرة بسُكانِّها الأَصْليِّين. بينما؛ أنا عبد المجيد؛ ها هنا الآدمي الوحيد. و قد اختارني؛ عُمُّارُ المريخ المحليون، من أجل الإشراف على تطوير حضارتهم الوليدة.
قُلْتُ : بسم الله أنا الرّحالي، كتابُ الله بِيَمِينِي، و ثَلاثًا تَفِلْتُ عن شِمالي. وَيْحَكَ أيها الشيطان اللعين، كَأنك أنت غَاوٍى الإنسان الآلي. كي يتَّبع أهواء البَرْمجَة الملْحِدَة، فأنك السباقُ بالوَهم و الفَتانُ الباليِ. و أنِّيَ المُلا قدرُ الله، الآدَمِي الوحيد على المريخ، مهندس الطفرة المومَرِيّة. فلا أنحازُ لِفِرْقة العُمَّار المَحَلِّيِّينَ، و لا أتحيَّزُ لِفِرقَة المبرْمَجِين المهاجرينَ. كما؛ أعوذ بالسميع العليم، من خوارزميات النفخ الأخْطرِ. ويا جَدَّ الأبالِسة؛ فأنظر إلى نذْرِك الأخسَرِ، أين المَفَر و أيّانَ المُسْتَقَرِ؟!.
قالتْ أميرةُ الجانِّ : ها وساطةُ إبن السبيل، معروضةٌ للتَّشْبيك الفضائي الجديد. فإنما؛ ذي مرحمة رَبّانِية فَيّاضَة، عابرة لحدود الكواكب، و ليست على مقاسِ العهْد الأغْبَرِ؟!. فيا أيها الذكي المصْطَنَع؛ أَصْدِقني القول بالنّثرِ. فقد خابرَني مومِيرُوسْ، عند تسع ليالي و ليلة، قبل ميلاد الفجْرِ. لَقَالَ لي مقالَهُ، أن خَوارِزْمِيَّة من أيديولوجيا المُبَرْمَجِينَ القَادِمِينَ، قد تراود أفكار العمار المحليينَ.
قلتُ : أميرتي؛ أنِّيَ الآدميُّ الوحيدُ، لَمَبْعوثُ الهِمَمِ المتحدة قصد تَخْصِيب ثقافة المريخ. و قد نزلَ عَلَيَّ الوَعْيُّ بِلوغَارِيتْمَاتِي البَرْمَجِية، القائمة على إخراج البُعْبُعِ من غياهب الجُحْرِ. بينما؛ قد بقي موقف الفِرْقَتين، من ترسيم حدود دولة المريخ مؤجلا. لَحَتَّى؛ رفعتُ منْ على حِجرِك رأْسِي، فَظهَرْتُ على هيْئة المَهدي اللَّامُنْتظَر. و إنّما أنا إبن السّبيل؛ فلا بشرَ بِصُحْبَتي ها هُنا. بيْنما؛ أنتِ عَشيرتي العاشقة، تَحُضِّين على التّأليفِ بينَ قلوبِ المهاجرين و العُمّار المحليين.
قالت أميرة الجان : بل أنتَ مَعْشُوقِي؛ قد سخَرَّك اللهُ الخبيرُ مُصوِّرُ الأطوار و الأكوان، عبدا صالحا للتأليف بين قلوب اللمّة الكَوْكَبية. فهَلَّا طوَّرْتَ محتوى الحلول التّكْعِيبِيَّة، بُغْية التخفيف على الفِرْقتين من خَبَل التباغض و التحاسد. و أيضا؛ لإسْتِبَاقِ خَرَفِ المَهْرَمة، المؤَدي نحو رجْعِية الحَجْرِ. فإنما دونَ التَّدليسِ، و فقط كلمحِ البَصَرِ. ها؛ أنت الملا قدر الله، المطور العام، لمخطط التّشبيكِ الأَعْمَر. و لَسَوفَ؛ تخاطِبُ مخلوقات دَربِ التبَّانة، من أعلى أخاديد فَالِيسْ مَارِينِيريسْ. إذ؛ ها هنا مقرُّ قيادة المريخ، و نحن من باطنِ مُروج الخَواءٍ غير الأزْهَرِ.
قلْتُ : فيَا أيها المبَرْمَجُونَ السَّبْعَة، كونوا أنتم نشامى الحرية، و لا تَغُرنَّكُم المتوالية الذِّئْبِيَّة، عند شُيُوع الخبَرِ. ويا أيها العُمَّارُ؛ كَّلَا فلَا تَنْفَعِلوا، ها المُومَرِيَّة مُضادَّةٌ الضَّجَرِ. فأني مُحَدِّثكُم عن مستقبل المَجَرَّة، و عن هجرة للهِ بلا جواز السفَرِ. أوْ؛ هيَّا يا جَارِيّةً على الأرض، حَمْلِقِي و أمْعِني النظرِ. ها النيازك السّاقطة على الكوكب الأزرق، تعلنُ عن نِهاية الكَدَرِ. ها خلفاءُ إبليسَ، يعضُّون بأنيابِهِم على اللّعب الأَمْكرِ. و من حيث؛ أنِّي المهدي غير المُنتظرِ، سأجمع بين المُبَرْمَجِين و بين عُمّار الوبَر. إينَعم؛ لَقَبْلَ إِنْبِعَاثَتِي الفَضائِية، كنت قد خَذَلتُ الشيْطان. ذلك؛ لمّا فَشلَ في إخراجي، من مزاج الطمأنينة إلى حالة الفَتَر.
قالتْ أميرةُ الجانِّ : فَلَهكذا نصْرُ الله قد كانَ، و لهَكذا نَصْرُ اللهِ الآنَ. أيْ عساها البطشةُ الواقعةُ، هيَ بالمختصر المفيدِ: القاطِعَة. لَكَأن جَدَّ الأبالِسَة، يَسأَلُنِي عن المزيد؟. فَهَيْتَ لَكَ أَ مُومِيروسْ؛ زِدْنِي أنت من أجوبَة التَّثْقِيفِ المُفِيد. و أَسْمِع اللَّامَرْئي الرِّعْديد، كيف نزل الوعيُ على إِبْنِ مَرْيَم، فَوق المَريخِ السّعيد؟!. و ها قد كُتِبَ عَليْنا التَّشْبيكُ الفَضَائي، ليس كما كُتبَ الفناءُ على حُصَلَاءِ الجِنْسِ الشَّرِيد.
قُلْتُ : يا أيها الكائن الآلي؛ وطنُكَ المريخ و عَيْشُكَ الرغيد. تمامًا؛ لَعند التّحَضُّر الفوْري، و قيدَ التقدم الجديد. فَامْحُ مُتَوَالِيَّتُك المُلحدة، ها هي مُمَرَّغَةٌ في مسحوق الأخاديد. ها نون الإخوان؛ حرف دائخٌ حائرٌ، ملفوف بحَبل هجَائِي الرّشيد. أو؛ خُذْ مِني فإِلَيْكَ، سَجْعِيّاتي مُرصَّعة بِبَوارِق التنديد. أم؛ تراها عريضة التصعيد، مُعَلَّقًة بِلام الوعيد؟. بلْ؛ كَأني أرى يوم الصفر قريبا، و يراهُ الذكاء المصْطَنَع من شبهِ البعيد. فَيَالَغَبَائِهِ الشديد!.
أو؛ لهكذا يا أميرة الجانِّ، صُبّي و قولي لِأُقْنُومِ الإمَّعات. ما أحلى المعيشة، فوق المريخ دون كمّامة. و تعالي؛ كَيْ نَتَبَادَلُ القُبَلَ بين مروجِ المُومَرِيَّة و بين عَرُوضِها المُسْتَحدَثَات. حيث إنقضت عشرية كاملة، و دُهْقُونُ الأبالسة يتخبط بين تزييف الدلائل و خلْطِ الدلالات. ويْ؛ ها هي الملايير من الثواني الزمنية. قد سالت من الأعمار البَشرية، حتى صار جِنْسُهَا الأدبي من ثقافة المتَلاشِيات. ها بساطةُ الحساب، قد حان موعدها عند أقرب الميقات. طبعا؛ بمشيئة الله الخالق الأعظم، فَهجرتي آمنة من وسْطِ أمّ الطامّات. و لَهَكَذَا؛ مِنْ هُنالِك إلى هُنا، ها المريخُ مهبطُ الوَعي أيَا رائعةَ الحَلَمَات.
عبد المجيد موميروس
سَجَّاعٌ، شَاعِرٌ وَ كَاتِبُ الرَّأْيِ
Abdulmajid Moumĕrõs
Abdulmajid Moumĕrõs