المغرب ليس لبنان ولا الحزب "حزب الله"!

 

بأظلافه وأنيابه الزرقاء وحتى بشاربه الأثير، ظل طفل الإخوان المدلل عبد العالي حامي الدين يدافع باستماتة عن صديقه توفيق بوعشرين وينقع كنبته الملوثة في المطهرات طيلة فترة محاكمته.

 

وهو إذ يفعل ذلك فلأنه يعلم أن إفلات بوعشرين من العقاب سيجعله يتنفس الصعداء و يعزز في نفسه شعورا بالإفلات من تبعات القضية التي تؤرقه وتهدد مستقبله السياسي “الواعد” برمته.

 

ولعل تلك العلاقة بين الجنائي والسياسي في حياة حامي الدين، العقائدي المتطرف في عنفوان شبيبته، والانتهازي المتسلق في فجر كهولته؛ تشبه تلك العلاقة المستحيلة التي وصفها أحمد شوقي(الشاعر) على لسان ليلى فيما كان بينها وبين ورد وقيس: يا لكما مني ويا لي منكما نحن الثلاثة ارتطمنا بالقضا.

 

وأما حامي فقد ارتطم بالقضاء الأرضي، بين ماضيه الغابر الذي خال أن النسيان قد طواه وركمه في زوايا الذاكرة كما طوى الثرى جثمان الضحية.. ماضي الانجراف الأعمى وراء فتاوى ابن باز ودوغمائيات ابن عبد الوهاب وفصول العقيدة الطحاوية.. ماضي المسك الباكستاني والطاقية البنغالية والسواك على صدر القميص والجلباب القصير إلى الكعبين وحرمة مصافحة النساء…

 

وحاضره الذي يلعب فيه دور نجم من نجوم المجتمع السياسي؛الشعر المصفف بلمعة ” الجيل”،الأحذية الإيطالية من جلد البقر، البدل اللندنية المقتناة من أرقى دور الأزياء،ربطات العنق المقلّمة من”أرماني”، وعطور إيف سان لوران وباكو رابان والسوشي والكافيار…

 

 

وهاهم يرمون أوراقهم كاملة.. يوهمون الدولة أنهم غاضبون..”لن نسكت” يهتف مصطفى الرميد متوعداً!! يقامرون بكل مكتسابتهم المادية وغزواتهم الجنسية ويقذفون بحممهم الهادرة بشكل عشوائي.. يفجرون في الخصومة ما شاءوا ويختبرون اشتداد سواعدهم في الرماية..

 

يجاوز الرميد كل أساليب اللياقة المرعية كرجل دولة ويقصف المؤسسة العدلية بالردة القضائية دون سابق إنذار ودون أن يقدم بين يديه أدلة تثبت ادعاءاته على الطريقة الماكارثية.. يفعل ذلك اليوم، فقط عندما يتعلق الأمر بالطفل المدلل وبحصاناتهم الشخصية من المتابعة القضائية،لكنه أيضا لم يكن ليفعل إلا حين استقر في مخيالهم الجمعي اعتقاد راسخ بأنهم باتوا يشكلون دولة داخل الدولة..

 

الأتراك يراقبون، القطريون وشياطين الإسلاميون كلهم أجمعون يتابعون معركة كسر العظام هذه بين سلطة القانون و تمرد الحزب الذي أظهر في لمح البصر أنه لا يقيم أي وزن للمؤسسات التي يشتغل من خلالها ولا لهيبة القضاء ولا لواجب التحفظ في تصريحات أقل ما توصف به بأنها صبيانية انفعالية..

 

الأتراك والقطريون وشياطين الإسلام السياسي في المشرق يعتبرون ما يجري لحظة فارقة؛ فإذا اهتزت الدولة تحت وطأت الحشد الإسلامي فإن تلك إشارة قوية إلى أن الإسلاميين باتوا قاب قوسين أو أدنى من جبهة النصرة وأحرار الشام..

 

  تضامن بن كيران مع “أهله وعشيرته” على طريقته الخاصة “التقلاز من تحت الجلابة” تأييدا لهرطقة الرميد، أما العثماني الذي نسي مهامه الرسمية ومسؤولياته حشر لاجتماع استثنائي بعلية القوم بشكل يذكر باجتماع حكومة حرب!!

 

نقول حكومة حرب لأن كلمة “لن نسلمكم أخانا” لا زالت ترن في آذان المغاربة برنين غريب مستهجن.. إن كانت تدل على شيء فهي تدل على المنظور الذي ينطلق منه إخوان بن كيران في علاقتهم مع الدولة والمجتمع؛ علاقة المجتمعات الموازية كما نظر لها الإرهابي سيد قطب؛ الأب الروحيrector  spiritusلإخوان ابن كيران، والذي أطلقوا اسمه مؤخرا- بوقاحة وتجاسر- على أحد شوارع طنجة مرقد محمد شكري!!

 

هنا الدولة ومؤسساتها في مواجهة المليشيا التي تزعم في وضح النهار أن لها القوة المادية لمنع وصول يد القانون إلى المطلوبين للعدالة، وبإمكانها أن تفرض إرادتها المستقلة على المنظومة القضائية بأكملها، وبذلك فلا يبقى أي معنى لقيمة التقاضي ما دام كل فصيل سياسي أو عصابة مافيا أو شبكة دعارة لها الخيار في الاستجابة للأمر القضائي أو رفضه..

 

ورغم أن الجنرال فون كلاوسفيتز في كتابه المرجعي “في الحرب” حصر تعريفه للحرب أنها بين الجيوش النظامية كشرط جوهري، فإن الأكاديميين المعاصرين يَرَوْن أن مقاومة الدولة للحركات الإسلامية المتمردة هو نوع من أنواع الحرب المعاصرة لاعتبارات متعددة.

 

فلا بد للدولة أن تعيد هذه الميليشيا المارقة أو هي في طور المروق-كما تشير القرائن الأولية-إلى جادة الصواب مهما كان الثمن.. أقول مهما كان الثمن حتى لو اقتضى الأمر أن تدخلهم جحورهم التي خرجوا منها أول مرة في الزمان الأول، فليس المغرب هو لبنان ولا ابن كيران هو نصر الله!!

 

لا حصانة لهم إلا حصانة المواطنة التي يتمتع بها الكافة حقوقا وواجبات، ولا استثناء ولا استقواء ولا سلطة يملكونها فوق سلطة القانون.

 

وطفلهم المدلل إذا ما ثبت لنظر العدالة أنه رفع حجر طوار وشدخ به رأس مواطن مغربي حتى فلقه نصفين أو شارك في ذلك فلا مناص من أن يدفع ثمن فعلته الشنيعة التي فعل مهما طال الزمن وتقادم الجرم الجنائي، ومهما حشروا في مدائن إعلامهم الإسلاموي”الحر” من سحرة يلقون عصيهم الصحفية ليسحروا بها الرأي العام.

 

الملكية هي الحل

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني