اللصّ وكلاب الحزب

 

“لم أنم قط مع امرأة دون أن أدفع لها..

وللقلائل اللواتي لم يكن يحترفن المهنة كنت أقنعهن بالمنطق أو بالقوة أن يأخذن الأجر حتى ولو يرمين الدراهم في المزبلة..

منذ العشرينات من عمري اتخذت سجلا بالاسم والسن والمكان وملخص مختصر للظروف والأسلوب.. إلى عامي الخمسين كن 514 امرأة مع من مارست مع كل منهن على الأقل مرة واحدة..

انقطعت عن التدوين عندما لم يعد الجسد قادرًا على مسايرتي.. كانت لدي طقوسي الخاصة.. ولم أكن أشارك أسراري مع أحد ولا أحكي عن مغامرات الروح والجسد..” غارسيا ماركيز، ذكريات غانياتي الحزينات.

 

الناظر في الشبكة الهائلة التي أسس لها تنظيم الإخوان المسلمين في البلدان العربية وأوروبا سوف يلاحظ أنها تشبه بيت عنكبوت متشابك الخطوط متقاطع المسارات حتى إنك إذا أمسكت بطرف الخيط البعيد الذي لا يبدو منقطع الصلة وتبعته إلى نهايته ستصل إلى لُب التنظيم لجماعة الإخوان المسلمين:الأحزاب الإسلامية، المنظمات الطلابية، التنظيمات الإرهابية، المراكز الخيرية، اتحادات رجال الدين (العلماء)،النشطاء والجمعيات الحقوقية، المنشدون الدينيين و دور أزياء المحجبات..المطابع ودور النشر..القنوات الإعلامية والدور الصحفية حتى ميادين الفن والغناء والمسرح والسينما أصبحت تنضح بالفكر الإسلاموي الإرهابي بما فيها تلك التي توهمك بأنها حداثية؛ هي كلها في داخل هذا الوكرالإرهابي الكبير..

 المغرب يقف اليوم في أحد أهم الاختبارات التي ستبرز مدى قوة الدولة المغربية في مواجهة تيار الإخوانالمسلمين الذي ازداد قوة في العقد الأخير عندما انضمت إليه دولة نفطية غنية هي قطر وأخرى ذات نفوذ سياسي وتطلع لإعادة السلطنة العثمانية مثل تركيا، وعلى الملاحظ النبيه أن يتفطن إلى الدور الذي يلعبه وسيلعبه الإخوان ومعهم الإعلام القطري في قضية توفيق بوعشرين، فمنذ اليوم الأول لاعتقال هذا القلم الإخواني في المغرب على خلفية اتهامه بجرائم اغتصاب وهتك عرض للعديد من صحفيات هذا الوطن المحترمات، نهضت منصات في المشرق العربي وذيولها في المغرب لمهمة الجهاد الإعلامي الذي تمرسوا عليه في دول حل بها الخراب مثل العراق وسوريا وليبيا واليمن..

لكن، هل المغرب لقمة سائغة لجماعة عمرها ثمانون عاما ودويلة خليجية نشأت في السبعينات أمام دولة علوية عمرها أزيد من أربعامئة عام وتقاليد مخزنية لها وقار الملكيات العتيقة وكبرياء الإمبراطوريات العظمى؟!!..تاريخ لا تملكه أي من الدول العربية من الجزائر إلى الحجاز التي ظلت كلها تحت حكم العثمانيين لخمسمائة عام عاشها المغرب في ظلال الاستقلال التام بعيدا عن همجية العثمانيين..

يخطيء من يظن أن الإخوان والقطريين يدافعون عن بوعشرين لأنه رجل منزه عن أن ينزل سرواله لنساء كسيرات في مكتب العمل ويجبرهم على مواقعته، هم يدافعون عن سلطة وعن نفوذ وعن قلم كانوا يبتزون به إستقلالية الدولة المغربية تجاه القضايا التي تهم الإخوان والقطريين والعثمانيين الجدد في الشرق الأوسط، وعلى رأسها المشروع الإسلاموي المرعب الذي خططت له قطر وحلفاءها الأتراك وتولاه الإخوان في أعقاب الفوضى التي سُميت بالربيع العربي، وبفضل إعلامها وقنواتها وعلى رأسها الجزيرة ومواقعها الالكترونية وذبابها في مواقع التواصل الإعلامي استطاعت أن تؤثر على الرأي العام في الدول العربية..

 اليوم نجد المواقع القطرية في المشرق مثل عربي 21  وجريدة القدس العربي وهاف بوست عربي ومدونات الجزيرة والجزيرة مباشر وترك برس ونون بوست والعربي الجديد إضافة إلى مواقع الإخوان في المغرب التي تكتب فيها أقلام من حزب العدالة والتنمية وحركة الإصلاح و التوحيد والمتعاطفين مع الحلم الإسلاموي تشيعهم منابر جماعة العدل والإحسان؛ كلها تجندت للدفاع عن مندوب القطريين والإسلاميين في المغرب..

هناك مؤسسات ضخمة ينفق عليها الملايير من الدولارات مهمتها تجنيد الكتاب والأقلام في هذه الأقطار لصالح الفكرة الإسلاموية، لا يهم كثيرا إن كان الكاتب يعتنق حقيقة تلك الفكرة أم لا؛ الذي يهم أن يسخر إمكاناته وما يتوفر عليه من مهارات لصالحها والمقابل يكون مغريا جدا..صحفي من أبناء مكناس يتحول في غضون سنين معدودة إلى صاحب مؤسسة إعلامية بجرائدها الورقية ومواقعها الالكترونية وتحته جيش من الموظفين المداومين بكتابهم ومصوريهم وتقنييهم الذين يتقاضون رواتب شهرية قارة في زمن قد يقضي فيه الصحفي سحابة عمره دون أن يحصل وهو في الستين ما يشتري به شقة بسيطة في حي من الأحياء الشعبية..

هذا ما يصنعه المال القطري..اليوم ومع اقتراب محاكمة المشتبه به توفيق بوعشرين يزداد الإسلامويون الفاشيون شراسة تتصاعد لهجة التهديد تنبثق أحلاف مع بعض مُدَجّني اليسار الذي يستفيدون هم أيضا من كعكة القطري..نسمع تصريحات لزعيم يساري بارز يتهم دون دليل الدولة بفبركة ملف لبوعشرين..صحفي حيران لا يتردد في الطعن في شرف صحفية مغربية لأنها أبت أن تبتلع لسانها خوفا من رهق الإسلامويين ورهطهم الذين يمطرون حسابها على الانترنت بالقذف والسباب من تحت الحزام..

الحيران نفسه قال بلفظ مغلف أن الصحفية يثيرها الاغتصاب “لأسباب منطقية” كما يزعم، طبعا المنطق هنا لا علاقة له بمنطق ديكارتوكانط و ولكنه منطق الحيران الذي يرى في المرأة هي الفتنة و المحرك الأساسي لغريزة الرجل وهي دوما السبب في اغتصابها..أمثال هؤلاء يمكن لهم-ودون حرج- أن يقولوا هذا في أي امرأة مغربية “لأن الانسان ليست له سوى أم واحدة”

 ولأن أمثال هؤلاء الذين يحملون ذات الفكرة الإخوانية يعتبرون النساء لا فضل لهن ولا كرامة، وأنهن مجرد وعاء جنسي لا فرق إن استعملته اغتصابا أو رضاء، أو جاهدت به نكاحا أو واقعته سفاحا..وكيفما دار الأمر فالرجل قد أدرك من أين تؤكل كتف القطريين وكلمة السر هي دعم الإخوان المغاربة “وما يخصك خير”..كل من له أزمة مادية قطر ستتكفل بالمصاريف.. شقق.. علاج في الخارج.. سيارات..بدل وقمصان..تأجير مكاتب مهنية..أسفار..حتى ساندويتشات “البانيني” الساخنة..

 ماذا يفعل الريسوني في الدوحة طيلة هذه السنين..أينشتاين نفسه لم يأخذ كل هذه المدة لاكتشاف نظرية النسبية،هل بدأ إعداده لتولي عرش القرضاوي الذي بلغ أرذل العمر خصوصا وأن القطريين عينوه نائبا له في اتحاد “علمائهم المسلمين”؟!..لماذا يهاجر بلال التليدي بمقالاته المشهرة بالمغرب إلى موقع إخوانيمثل عرب 21وماذا عن مقالاتهم المغرضة في صحيفة رأي اليوم؟..ماذا عن الداعية الإرهابي عمر عبد الكافي الذي وجهوا له دعوة لإلقاء محاضرة إخوانية وهابية في الدار البيضاء ب300 درهم للتذكرة في الشهر القادم..

ما الرابط بين الشعبوي المحترق “ويحمان” مع قاتل الشهيد بنعيسى أيت الجيد..وما سبب الهجوم الذي يشنه إخوان تركيا عبر بوقهم “معتز قطر” على قناة الشرق في عاصمة الخلافة العثمانية على المغرب ورموزه..ولماذا تخرج جماعة ياسين هذه الأيام للتظاهر من أجل الغوطة الشرقية بدمشق وكأنها حي من أحياء سلا؟!! تبدو كلها حوادث متفرقة لكن الخيوط كلها تتلاقى حول مشروع إقامة الدولة الإسلاموية الذي يربط عناصر الشبكة الإخوانية بحيث إذا اهتز أحد الأوتار اهتزت له الشبكة كلها..

لقد حاولوا اقتحام المغرب وزعزعة الأوضاع بتحريك خلايا الإرهاب مرارا وفشلوا ومع كل مرة تلحق بهم المخابرات المغربية هزائم نكراء..ولازالت الصحافة تنشر كل شهر عن إلقاء رجال الخيام القبض على مجموعات إرهابية كانت -لولا يقظة الجهاز الأمني- ستجعل من المغرب أرضا لأبشع المجازر والمذابح الإثنية..

حاولوا تسليط حزب العدالة والتنمية طيلة مدة حكمه لإضعاف المؤسسة الملكية فعضوا أصابع الندم..سقط رأس الشعبوية ابن كيران الذي نفخوا فيه فكانوا كالذي ينفخ في قربة مقطوعة..وهاهم اليوم يستشعرون إرهاصات سقوط الحزب الذي أظهر فشلا ذريعا في السياسة والإدارة والحكامة وصاحبته الفضائح الجنسية والأخلاقية طيلة ترأسه للحكومة، فبدأنا نسمع نبرة جديدة تزداد حدة رويدا رويدا مع مرور الوقت تنذر بصدام قادم بين الحزب من جهة والدولة والمجتمع من جهة أخرى..

الحزب أتى ليخلد فيها وانتهى بالنسبة له زمن الانتخابات..ويبدو أن درس الإخوان في مصر لم يؤخذ بعين الاعتبار، وأن الغرور قد ركب هذه الطغمة النازية وظنوا أنهم مانعتهم أموال قطر وإعلامها من سيف القضاء وسيادة القانون..وغدا سيرون أي منقلب ينقلبون..

ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني