لا يمكن وصف ما تقوم به الكتائب الإلكترونية للحزب المعلوم، من ممارسات خارجة عن نطاق الدين والأخلاق، بغير الإجرام الممنهج، في حق دولة ملتزمة بالحياد تجاه ما يجري في الخارج، وشعب معروف بسلميته، وتقيده بالإسلام الوسطي المعتدل.
إن عبارات التشفي، التي وردت عن عدد من أدمينات صفحة “فرسان الخراب” الفايسبوكية، وما تلا ذلك من تدوينات على صفحاتهم الشخصية، على خلفية الحادث المؤلم لاغتيال السفير الروسي في أنقرة، لا يمكن أن يكون إلا نزوعا نحو الإجرام، وتحريضا على الإرهاب والإشادة بمرتكبيه، وإلا فكيف يعقل أن يسأل أحدهم الرحمة لقاتل السفير الروسي؟ إلا إذا كان من المشيدين بفعلته الإجرامية التي لا علاقة لها بتعاليم الدين الإسلامي السمح، وشريعته.
إن التحرك الذي قامت به الدولة المغربية، تجاه موقظي الفتن النائمة، والشروع في تنفيذ حملة اعتقالات ضد المتورطين في الإشادة بمقتل السفير الروسي، والمحرضين على الإرهاب، يستحق كل الشكر والتنويه، وذلك بالنظر إلى أن الصمت عن مثل هذه الممارسات الخطيرة، يمكن أن يضر بسمعة البلاد، وربما أمنها واستقرارها لاحقا، لا قدر الله.
فلا مكان للفكر المتطرف والاستئصالي في صفوف المغاربة، والمغاربة عن بكرة أبيهم، رافضون للإرهاب، معادون أشد المعاداة لأهله ودعاته.
وخير دليل على ذلك، ردود فعل المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي على التدوينات الفايسبوكية المتشفية في مقتل السفير الروسي، والتي أجمعت على التنديد بهذه الأفكار التخريبية، واستهجانها، والمطالبة بالتعامل بحزم وصرامة مع أصحابها والمروجين لها في وسط المجتمع المغربي المسالم.
إن خطورة الكتائب الإلكترونية، قد ظهرت بوادرها وإرهاصاتها منذ مدة، وكان لزاما التحرك في الوقت المناسب، حتى لا تتطور الأمور إلى ما لا يحمد عقباه.
ويكفي التذكير بما كانت تدبجه الكتائب من مقالات وتدوينات، عشية تفكيك السلطات المصرية لأنصار الإخوان في “رابعة”، ثم خلال الأحداث التي شهدتها تركيا أثناء محاولة الإطاحة بطيب رجب أردوغان من السلطة، وغيرها من أحداث ومحطات، كانت فاضحة لحقيقة معدن الكتائب، كاشفة عن نواياهم الحقيقية.
خلال كل هذه الأحداث، حاولت الكتائب إسقاط ما يجري في الخارج على الداخل المغربي، وسعت بكل ما أوتيت من خبث ودناءة، إلى إيقاظ نيران الفتنة في البلاد، وإحداث الوقيعة بين المغاربة ونظامهم الحاكم، لولا حكمة الساهرين على الأمن والاستقرار في البلاد، والتفاف المغاربة على العرش العلوي الشريف.
لكن حادث اغتيال السفير الروسي في أنقرة، كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، ونزعت آخر الأقنعة عن حقيقة هذه الكتائب التي بات الدور الحقيقي من وجودها واضحا وضوح الشمس، ألا وهو البحث وراء الفتن النائمة، ومحاولة إيقاظها.