امتحانات الكفاءة المهنية ولغة العدم

مع اقتراب استحقاقات امتحانات الكفاءات المهنية..تتأجج ردود الافعال و تتعالى اصوات محتجة و يكثر اللغط و تنفصم الشخصيات و تتباين الاحكام من اغلبية الموظفين ما بين ناقم و شاتم و متشكك و عدمي و رافض و مستسلم وطامع و حالم وأمل…..لكن القليلون راضون ….كل بدواعيه و اسبابه..كل يفسر عملية مرور الامتحانات على هواه وتجربته و موقعه ..كل بنظرته الخاصة لهذه المحطة المهمة في حياتنا المهنية
والنقمة و الشك حالتان نفسيتان ظاهرتان اكثر من اي حالة نفسية اخرى اصحابها مصابين بالإحباط العارم اما عن حنق او عن حق
يشترك الناقمون و المتشككون في نظرتهم في تقزيم نتائج الامتحانات ونعت الناجحين بالمحابين و اصحاب معالق من ذهب و الوصوليين و نعت المسؤولين على الامتحانات بالتسويف و الزبونية و المحسوبية ..و الحكم على عملية الامتحانات ككل بمجرد مسرحية
هذه النظرة تولد لك احساسا عاما اننا نتواجد في بركة اسنة بشكل عام … نظرية دونية الناجحين و فساد المسؤولين …نظرية لم تكن يوما مسنودة الى اي مرتكز يتم الاعتماد عليه عند المساءلة الادارية و القانونية لتحقيق الحق و اقرار النزاهة
الكل يصنف نفسه على انه كفاءة القطاع دون غيره …والكفاءة تتسم به وحده دون الاخرين و عليه وجب ان يقابل كفاءته وجوبا نتيجة مرضية ايجابية شخصية في الامتحان المهني .. واي تجاوز للتفوق الشخصي و عدم تحققة للعديد من الاسباب .. الا ورام صاحب هذا التصنيف الى لغة الطعن والنقد و الانتقاد والتنقيص لباقي الناجحين ..وبناء اتهامات اكثر خطورة وأحكاما عدمية اكثر عنفا .. راسما لغة من التصغير لعملية امتحانات الكفاءة المهنية برمتها
وبما ان الكل مقتنع انه يتسم بالكفاءة المهنية دون غيره .. و يمتلك وحده كافة الكفاءات المستقصاة في الامتحان …فان العدد القليل الناجح في اطار النسبة المئوية المقترحة من وزارة المالية اجبارا يفرض على قطاعنا نسبة قليلة من الناجحين وأغلبية من غير المتوفقين .. الشيء الذي يزيد حنق هؤلاء فيعمدون الى صياغة لغة قاتمة عن كل شيء في كل شيء وضد اي كان داخل هذا القطاع
اذا كان الكل يمتلك هذا الكفاءة و يتمتع بها .فكيف السبيل الى تمييز المتفوقين دون غيرهم ؟؟؟
انها قضية تستدعي منا معاودة النظر الى ذواتنا كمجتازين لهذا الاستحقاق ..و معاودة تقييمها مع الزملاء الاخرين مضمونا ومهارة ….للتمكن من الاقتناع انه عند الامتحان يتفوق احد وينتظر الاخر
و حيث ان اغلبنا غير قادر على استيعاب التفريق بين ما نملك و ما يملكه الاخرون من معارف و ادراكات و كفايات مهنية و وغير قادرين على معرفة درجات التفاوت بيننا بسبب الدرجات الفردية في تجديد المعارف و استكمال الاطلاع والمسايرة و تحيين الاطلاعات وتطوير الذات التي تكون الية للموكل اليهم قيادة ظروف الامتحانات لملاحظة و اكتشاف وتصنيف التميز الفردي بشكل عمودي …فان الاغلب يلجأ الى تعليق شماعة الاخفاق على اي عملية مرتبطة بالامتحان وعلى مسؤوليه بدعوى وجود المحسوبية و الزبونية و الوصولية و القرابة والقرب المركزي … وهلم جرا من النعوت السلبية الشاملة
منطقيا ..لا يمكن بتاتا تمتيع الجميع بالنجاح لمجرد اجتيازهم للامتحان المهني لما تفرضه وزارة المالية من كوطة اصنفها سبة في حق القطاع …كون المناصب المالية المقترحة اجباريا دوما قليلة جدا يتعذر معها الاستجابة الى التفوق الجماعي حتى لو فرضنا ان الجميع يمتلك نفس القوة من الكفاءة المهنية…وعليه وجب الاقتناع التام ان عملية الامتحان ستفرز بالضرورة فئة محددة موفقة و فئة اخرى اكبر غير ذلك
منطقيا كذلك لا يمكن اعتبار كل اللجان المكلفة بتدبير الامتحانات في كل الشعب عديمو الضمير …و موسومون بالزبونية و المحسوبية ..انها لغة عدمية للغاية….
فهذا التصور السلبي لهؤلاء دوما يتغذى من تكاثر اللغو وتناسل الافكار السلبية و تناقل الاتهامات شفهيا ..حتى تصبح البيضة الواحدة الف بيضة بين عشية و ضحاها لما نجيده من لغة قوية في هذا الباب بالخصوص
وبالتالي نكون قد جنينا في احكامنا على قدر مهم من هؤلاء المسؤولين الذين يتسمون بالنزاهة و الحياد …فوجود النزهاء بينهم يمنعنا دوما من تعميم الاحكام
افتراضيا يمكن الاقرار بوجود اختلالات ما ..تنظيمية او ادارية في عملية اجتياز الامتحانات المهنية …لكن ليست بهذا التشوه الذي نداوم الحديث عليه …نستمر في مقاسمة هذه اللغة المحبطة الى درجة الاستسلام المرضي فيصبح الامتحان لدى البعض حالة نفسية محبطة مما يقطع الطريق على بناء طموح متجدد و منح الاخرين فرصة التفرد في لحظة التباري…..الصواب ان نداوم على اصدار اقتراحاتنا الايجابية لتصويب هذه الاختلالات و تطوير اداءات الجميع ..كل من موقعه لتطوير قيمة النزاهة و التدبير الجيد للامتحانات نحو تحقيق مصداقية شاملة لهذه المحطة المهمة في حياتنا العملية
اذا سألت في لحظتك هاته أيا من الزملاء المهنيين لك…عن استعداده لاجتياز الامتحان المهني الا و اجابك على الفور برفضه التام المشاركة هذه السنة في هذا الاستحقاق دون ان ينسى ان يربطها بردود وأحكام مشوبة بتصور الاختلال و عدم المصداقية ..و من الاكيد بعد ذلك ستجده اول المهرولين لحضور هذه المحطة مما يدل على وجود تفاوت بين ما يجب فعله و ما نستهلكه من تصورات سلبية جماعية
ان حضوره هذا يؤثث ايجابا لعملية التباري المهني …ويؤكد وجود فرص للتفوق ..لأننا جميعا نؤمن بداخلنا انه مهما يكن من ملاحظات غير محفزة هناك فرص ايضا تمكن من تحقيق نتائج ايجابية والتوفق في رسم نجاحات ممكنة كما حدث مع الكثيرين دون ان يلجؤوا الى نظام ( باك صاحبي ) و ( قضي ليا نقضي ليك )
الغريب في الامر ان اصحاب اللغة العدمية حول الامتحانات حينما يتفوقون ..يعمدون الى الصمت عن القسط من النزاهة التي مكنتهم من النجاح …ليجتروا فيما بعد لغة التشويه و الدونية حينما تقترب فرصة اخرى لمعاودة الامتحان حسب ما يفرضة التقادم في الدرجة …..
الاكثار من تداول هذه اللغة العدمية يدفع الكثير الى الاحباط …و بالتالي الى حالة من التهاون و البوهيمية المهنية …يترتب عنه عدم استعداد للامتحانات …وجعل العملية مجرد حضور في فضاء معين في مدينة معينة … دون العمد الى التسلح بالمراجعة المعرفية العامة و تطوير المعلومات و الرفع من مستوى الاداءات و التدرب على مناهج تقديم المهارات … مما يعطي فرصة اكبر للجان الامتحان من تقصي قدراتنا و معرفتها و تمييزها عن البقية
ان التفاؤل في النظر الى امتحانات الكفاءة المهنية يدفعنا بالضرورة الى الاجتهاد اكثر لتنمية مداركنا المهنية نظريا ومنهجيا ..الشيء الذي يمكننا من حضور اكثر تميزا و نحن نتبارى على تحقيق ذلك الحصيص القليل من مناصب الترقية….
ينقصنا …الايمان بأنفسنا كمهنيين اخذو وقتهم الكامل في التقصي و البحث و القراءة و المواكبة و التجديد كما يفعل البعض منا شهد لهم تاريخ القطاع بالتفوق في كل شيء الى درجة لا يمكن حجب شمسهم بالغربال
ينقصنا ان ننتقل من لغة الصفر التى نجتهد في وسمها بالآخرين الى نقاط اكثر رقيا.. لكن تحتاج دوما الى الرفع منها لننحقق العدالة المهنية في الامتحانات المهنية
ينقصنا ان لا نكون عدميين…….دام لكم النجاح
المصطفى الهيبة 25 اكتوبر 2012


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني