21 منظمة غير حكومية تحذر من السلطة التقديرية للقضاة وتنتقد مساطر الاعتقال الاحتياطي

الرباط: كواليس اليوم

أصدرت 21 منظمة مغربية غير حكومية، تشتغل في المجالات الحقوقية والسياسية والجمعوية، خلال اجتماع لها أمس الثلاثاء، بيانا مشتركا ترصد فيه الاختلالات المتعلقة بمساطر الاعتقال الاحتياطي.

وكشفت هذه المنظمات أنها تتابع منذ مدة التظلمات المتواترة اتجاه حالات لجوء النيابة العامة، وقضاء التحقيق إلى استعمال سلطة الاعتقال الاحتياطي، وذلك رغم عدم قيام مبرراته المسطرية وانعدام أية حالة من حالات التلبس، وعدم الإقرار بالتهمة، ورغم  توفر ضمانات كافية في الأشخاص المشتبه فيهم لمثولهم أمام قضاء الحكم في حالة سراح.

وترى المنظمات أن هذا التوجه يطرح عددا من التساؤلات اتجاه احترام ما يوفره الدستور من حماية للحرية والكرامة لكل مواطن، وما تعرفه السياسة الجنائية عامة والقضاء الجنائي بكل مكوناته من ضعف للحكامة في تدبير أدق المقتضيات المرتبطة بحرية الناس، وبالحق في محاكمة عادلة، وكذا بالمفهوم الدستوري لقرينة البراءة، وبفلسفة العقاب.

وكشفت في بيانها الذي توصل موقع “كواليس اليوم” بنسخة منه أن تواتر استعمال الاعتقال الاحتياطي خارج أي اعتبار لطبيعته الاستثنائية يمس بالأمن القانوني وقرينة البراءة التي تعد أساس المحاكمة العادلة، كما يعد مسؤولا بدرجة أولى على ظاهرة الاكتظاظ المهول التي تشهدها السجون المغربية .

واعتبرت هذه المنظمات أن ما يقع يطرح التساؤل حول المفارقة الواضحة بين الطلب الحقوقي المتزايد من أجل إعمال الآليات البديلة للاعتقال الاحتياطي، خاصة آلية الوضع تحت المراقبة القضائية التي أتى بها قانون المسطرة الجنائية  لسنة 2002، وبين سوء تدبير النيابات العامة وقضاء التحقيق لتلك المقتضيات بعيدا عن طابعها الاستثنائي. كما يطرح التساؤل حول حدود ما يسمى بالسلطة التقديرية والحيطة من انقلابها سلطة تحكمية وشططا لا يمكن أن يستعمل تحت ستار صلاحيات مؤسسة النيابة والتحقيق.

وكشفت هذه المنظمات أنه وفي أفق تفعيل مبدأ استقلال السلطة القضائية، إعمالا لمقتضيات الدستور الجديد، لابد من الانتباه إلى إشكالية استقلال كل من جهاز النيابة العامة، وقضاء التحقيق عن سلطة وزارة العدل، ولابد من التفكير في دقة وخطورة الموضوع خصوصا ما يفرضه مثل هذا الاتجاه من استحضار كل الضمانات تحديدا وتدقيقا لمدلول وامتداد مبدأ استقلال السلطة القضائية، مع توفير آليات مضبوطة لمراقبة إعمال كل منهما من طرف قضاء الموضوع لتجنب كل تجاوز أو انحراف أو محسوبية، انسجاما مع روح الدستور الجديد، ومع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

هذا ولم يفت هذه المنظمات أن تلفت الانتباه في نهاية بينها إلى أن الفقرة الرابعة من المادة 30 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تنص على أنه “في حالة الأفعال المجرمة وفقا لهذه الاتفاقية، تتخذ كل دولة طرف تدابير مناسبة، وفقا لقانونها الداخلي ومع إيلاء الاعتبار الواجب لحقوق الدفاع، لضمان أن تراعى الشروط المفروضة بخصوص قرارات الإفراج إلى حين المحاكمة، أو الاستئناف ضرورة حضور المدعى عليه في الإجراءات الجنائية اللاحقة”.

وشددت الجمعيات الموقعة على البيان على أهمية وضرورة  تنزيل وتطبيق المقتضيات الدستورية الجديدة، ومنها تلك ذات الصلة بالحقوق والحريات، وحقوق المتهمين وسلطة القضاء، داعية إلى فتح حوار مسؤول متعدد الأطراف حول واقع العدالة الجنائية بالمغرب، والعمل على ملاءمة المنظومة الجنائية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تحقيقا لسموها على القانون الوطني.

وذكرت، في سياق ذي صلة، بمقتضيات المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه “لا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، وتعتبر أن على النيابة العامة وقضاء التحقيق واجب إعمال هذه المقتضيات اعتبارا للالتزام السياسي والحقوقي للمغرب المصادق والمنضم للاتفاقية ذات الصلة”. كما أكدت مواصلتها المطالبة بتفعيل مقتضيات المادة 159 من المسطرة الجنائية المتعلقة بالوضع تحت المراقبة القضائية، والترافع من أجل تنويع وتوسيع بدائل الاعتقال الاحتياطي لدى كل الجهات المسؤولة.

ويحمل البيان المشترك توقيعات المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وجمعية عدالة والمرصد المغربي للسجون والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ومنظمة العفو الدولية- فرع المغرب والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة وجمعية هيآت المحامين بالمغرب والهيئة المغربية لحقوق الإنسان ومنتدى كرامة لحقوق الإنسان والمرصد المغربي للحريات العامة والجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء ومنظمة حريات الإعلام والتعبير وجمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والشبكة المغربية لحماية المال العام ومرصد العدالة بالمغرب والرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان والمركز المغربي لحقوق الإنسان ومركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية والهيئة الوطنية  لحماية المال العام بالمغرب ومنتدى المواطنين.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني