الشؤون النسوية وتصنيف الطابور الثالث

ونحن نتحدث عن قطاعنا امام الاخرين او امام أنفسنا كمهنيين ..دوما نستحضر تسمية هذا القطاع بشقين لا ينفصلان متلازمين حاضرين بقوة في أذهاننا ..كتعبير عن وزارتنا …الشباب…و الرياضة..ولا نزيد عن ذلك كلمة واحدة
وعند حديثنا عن مديرية الرياضات ..فالكلمة بذكرها شاملة جامعة لكل الأقسام والمصالح و المراكز والهيات التابعة لها
لكن حينما نستجدي القول عن مديرية الشباب و الرياضة..فإننا نقف بقصد أو بغير قصد عند هذا الحد من التعابير ..ونصيب بالحيف أهم أقسام ادارتنا …شؤون المرأة او الشؤون النسوية ..و بالتالي فتداولنا الشفهي يزيد واقعا مريرا على وجود هذا التخصص ضمن منظومة قطاعنا
من رؤية أخرى حينما نتداول الحديث عن السادة المناديب ( رؤساء المصالح الخارجية ) وانتماءاتهم التخصصية إلا و نتحدث عن كافة مرجعيتهم التخصصية ..مندوب من الشباب … و مندوب من الرياضة…و في بعض الاحيان نتحدث بحيف اخر عن المناديب المظليين ( les parachutés ) بحكم عدم تخرجهم من أي معهد تخصصي تابع للقطاع …لكن أبدا لا نتحدث أونتداول بتفصيل عن مسؤول خارجي مرجعيته من الشؤون النسوية ..مما يحيلك الى الاعتقاد ان التدبير و التسيير القطاعي و الاستحضار اللغوي منحصر فقط في زاويتي الشباب و الرياضة دون الطرف الثالث
من هذه الرؤيا تظهر مناحي أخرى من الاقصاء و التهميش الذي يطال هذا القسم سياسة و عدة و ادارة رغم الدور الفعال لهذا القسم في تأطير المرأة المغربية وتأهيلها معرفيا و مهاريا ومساعدتها على ابراز ذاتها كمكون أساسي للرقي بالمجتمع المغربي
سمعنا عن منتديات كبرى في كافة تخصصات القطاع وعن اعادة دوراتها حيث تنفتح وزارتنا من خلالها على المجتمع المدني الشريك وفعاليات اعلامية وعموم الناس.. كالمناظرة الوطنية للرياضة والمعرض الدولي للرياضة والمنتدى الوطني للتخييم و لقاءات شبابنا و لقاءات المركز الوطني للديموقراطية …و اللقاءات التنافسية للمدارس الرياضية و التبادل الشبابي ولقاءات التنافس المسرحي و الفني و الموسيقي …وغيرهم كثير…اما فيما يخص زملائنا في الشؤون النسوية فرغم تراكم العمل المتواصل لمهامهم طيلة السنة و التعبئة الكبيرة لروادهم ..وحضورهم القار في تقديم خدمة القطاع و انضباطهم في العمل إلا ان حضور تخصصهم في المحطات القوية الوطنية و الدولية أقل من مثيلاتها الشباب و الرياضة باستثناء المهرجان الوطني للأندية النسوية الذي لا يتعدى عدد دوراته العشر ضمن ازيد من خمسين سنة من الحضور و الفعل الجاد…وهذا مؤشر بالغ الاهمية لترتيب الأولوية للشؤون النسوية في برامج القطاع التي تتصدرها دوما انشطة الطفولة و الشباب و الرياضة وتقزيم حضورالشؤون النسوية مقارنة مع باقي التخصصات الريادية من منظور الادارة..
حتى في زمن التيه الاداري لقطاع الشبيبة و الرياضة الذي تحدث فيه الجميع عن امكانية تفكيك القطاع الى ادارات اخرى ..فالكل تحدث بإسهاب في وضع التصورات عن المندوبية السامية للرياضة ..و عن كتابة الدولة في الشباب..اما الشؤون النسوية فقد حظيت بحيف تصور الحاقها بإحدى الوزارات ذات التقاسم المشترك
دوما كانت المراكز النسوية تضطلع بمهام ثلاثية رئيسية هي سر قوتها في المجتمع المغربي سواء منه الحضري او القروي …وهي تقوية قدرات المرأة المغربية من خلال التكوين والتحسيس و التوعية وتقوية قدراتها المهنية و التقنية وكذا مساعدتها في تأطير طفولتها الصغرى وتمتين مهارتها المعرفية و السيكولوجية والاجتماعية ..لذلك تعتبر أدوار هذا القسم ادوارا طلائعية تنتمي الى الأدوار الكبرى للدولة في التنمية الشاملة خصوصا على مستوى مقاربة النوع وحسن التصنيف النمطي للمرأة ..اذ ما فتئت الدولة تشجع كوادرها الادارية و البشرية و المدنية للرفع من مستويات التأهيل و التكوين و التطوير للمرأة المغربية لجعلها في صلب مغرب المستقبل….الشيء لا الذي نلمس تفعيله كأولوية ضمن قطاعنا
للأسف الشديد عند استحضار الكرونولوجيا التاريخية لهذا القسم ..فان كل ولاية سياسية مرت على هذا القطاع إلا و زادت في اقصاء خدمة هذا القسم عن غير قصد ..وساهمت في اتساع التهميش لها من خلال تسبيق كل المجالات الاخرى عليها في الاهتمام و في التداول و في البرمجة و في الميزانية المرصودة للتدبير و التأهيل و التجهيز و التكوين و التاطير
بسبب هذا الحيف لم يعد للأندية النسوية ذلك البريق الذي ساهم في مضى في رقي المرأة المغربية و تأهيلها و تأهيل الاداء التربوي للطفولة الصغرى نظرا لتعاقب تبني سياسة الافضلية لغيرها من المراكز و المجالات الاخرى
لم تعد الاندية النسوية إلا تلك البقرة الحلوب التي تدر دخلا قارا يمكن اغلب السادة المناديب من الاعتماد عليها بحق او بدون حق لتدبير الشؤون الاقليمية لنياباتهم بدعوى عدم توفر ميزانية خاصة للتدبير المحلي و هذا امر معروف لدى جميع المهنيين بدون استثناء
تتعدد أعذار السادة المناديب في تعاملهم مع هذه المداخيل فمنهم من يعتبرها مداخيل صافية للنيابة الاقليمية ..وعليه يعتبر المسؤول الاول الاقليمي الامر بالصرف الاول لها .. وبين من يعتبرها صندوق النجدة او الصندوق القابل للاختراق لتسيير انشطة النيابة الاقليمية …لتغطية مصاريف النقل و المحروقات وشراء الادوات المكتبية و مصاريف التظاهرات و مصاريف المشاركات التمثيلية في اللقاءات الوطنية و مصاريف الحفلات التكريمية ومصاريف الاحتفالات الوطنية ومصاريف التغطية الشاملة ..
جرأة في استغلال هاته المداخيل رغم توفر الاندية النسوية على جمعيات الدعم التي غالبا ما تكون ضعيفة امام سلطة المسؤول الاول ورغم المذكرات التنظيمية و التوجيهية في هذا الباب ..
علما ان نفس المسؤول لا يمكنه استغلال مداخيل القاعات الرياضية و مداخيل المراكز السوسيورياضية كونها تتوفر على مجالس للتدبير منبثقة من الهيات الجمعوية العاملة بهاته المراكز التي تحد من سلطته و سلطة الراغبين في استغلال الموارد المالية الخاصة بها في التدبير المحلي..
ويكاد التجاذب الحاصل بين ادارات الاندية النسوية بمسؤوليها وجمعيات دعمها مع اغلب السادة المناديب يكون تجاذبا خطيرا يدخل في اطار المنازعات الادارية و الاختلاف الشاذ بين مركز و ادارة اقليمية .. عرفت طريقها الى الادارة عبر تظلمات مباشرة او بوساطة هياة نقابية ..فرغم وجود العديد من المذكرات التنظيمية لهاته المداخيل يصعب على الجمعية التصرف فيها إلا ان هذا الامر في استفحال شديد لعدم الانضباط لمضامينها التي تحث على ضبط المداخيل و تأشير المصاريف في شروط التحملات المنوطة بها … اذ يعتبر السادة المناديب اول مراقب لعملياتها وليس اول مستغل لها بحق او بدون حق ..و الجدير بالاشارة ان القانون المنظم لجمعيات دعم المراكز و الاندية النسوية و رياض الاطفال واضح وينص بالضرورة على اداء اجور الاطر المساعدة وتقوية التجهيزات و تجديدها وبعض الترميمات حسب المسموح به من المداخيل..وتمكين الاطر التابعة له من المشاركات الوطنية واللقاءات الكبرى وتغطية بعض الانشطة الاحتفالية باليومين الوطنين عيد العرش و عيد الشباب لا غير
يزداد الامر سوءا في ظل التحول البشري المسير لهاته المراكز فالمغادرة الطوعية و التقاعدات المتتالية لمسؤولات المراكز وضعف البديل الذي غالبا ما يكون اطارا مساعدا مغلوبا على امره يستجيب بسرعة فائقة للسادة النواب في ما يتعلق بصرف المداخيل دون اللجوء الى المرجعيات التنظيمية في هذا الباب
خلاصة الامر تبقى مداخيل المراكز النسوية صندوقا اسودا ..غريبا…يصيبه كل اشكال الحيف الاداري
خاصة في المراكز الكبرى ذات الدخل الهام
على مستوى البنيات التحتية فان خريطة قسم الشؤون النسوية تكاد مراكزها وخدماتها تغطي كل المجالات الحضرية و القروية ذات الاكتظاظ السكاني المهم …إلا ان اغلبها طالها التقادم و الاهتراء وطال شبكات اكسسوارات الصرف الصحي والماء و الكهرباء الاعطاب خصوصا في مراكز نيابات المغرب العميق….وذلك راجع الى ضعف الميزانية المرصودة كل سنة لقسم الشؤون المراة لتاهيل نفسها من جديد …وكذا التهميش العام في الاهتمام بهذا القسم في زمن قطاع اهتم العديد من المرات بسياسات اخرى مرتبطة باشراك الشباب في الفعل السياسي و الاجتماعي العام واهتم بسياسات النهوض بالرياضة .. وبين السياستين لا تعدو الشؤون النسوية مجرد تاثيث بشري للبرامج المنبثقة من هذه السياسات في اغلب المحطات رغم قوة اداء مراكز الاندية النسوية في كل مكان
كما تعرف التجهيزات العامة لمراكز الاندية النسوية و الامكانات العينية تدهورا ملحوظا خصوصا المرتبط بالتكوين المهني الذي لم تعد الميزانية المرصودة قادرة على تغطية كافة الحاجيات في الوقت الذي تعرف خدمة هاته المراكز اقبالا من العموم النسوي
انه تراجع يستحق الالتفات اليه لإعادة الشؤون النسوية الى توهجها و ذلك بإعطائها الاولوية التي تستحق خصوصا في ظل النقص الحاد الذي تعرفه مواردها البشرية و تنامي اعداد المراكز ..فمهما تكن درجة الحيف الذي ينظر به الى هذا القسم في سياسة القطاع ..الا انه يبقى قسما مهما من حيث القيمة الاجتماعية و الادارية
نحتاج ان نراهن من جديد على الخدمة المقدمة من القطاع للشأن النسوي العام في المغرب ..لأنه لا يمكن تصور اي سياسة بدون اقحام شريحة المرأة في صلب التطور و التنمية …و لأن تنمية المرأة اصبحت نقطة اساسية في التأهيل السياسي و الديموقراطي الذي ينص على فعاليتها في المنظومة البشرية و السياسية للمغاربة في الوقت الحالي و في الاجل القريب
في ظل هذا الوضع الذي تعرفه اغلب المراكز النسوية لا من حيث الاهتمام المركزي و لا من حيث توفير المقومات المالية و الادارية التي لا تستجيب الى تحقيق الحضور المتميز و المتكامل لها …يبقى قسم شؤون المرأة احد الدعامات الاساسية التي تعطي لقطاعنا حضوره المتميز في الفعل المباشر لتخصصات وزارتنا لما تقوم به المؤسسات التابعة له في هذا القسم من تحقيق اوراش كبرى للتكوين المستمر و التاهيل و التاطير رغم الصعوبات البشرية و المالية و الادارية التي تعرفها
طموحنا ان تتقوى هذه الخدمة اكثر لتنفيذ تصورات قطاعنا في هذا الباب ليكون قسم شؤون المرأة في مستوى تطلعات المرأة المغربية .. و تحقيقا افضل لمغرب المستقبل اكثر نصفه البشري العنصر النسوي
فمزيدا من التطلع الى تقديم خدمات المراة في ارقى تجلياتها ..من خلال الاهتمام الفعال بهذا القسم …
وكفى من السياسات التي تجعل قسم شؤون المرأة ضمن قطاعنا في الطابور الثالث
المصطفى الهيبة في 3 دجنبر 2012


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني