هل أعود إلى زوجتي الثانية أم أبحث عن ثالثة؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله تعالى خيرا على جهودكم في خدمة الإسلام والمسلمين، وأسأله تعالى أن يضاعف لكم الأجر إنه جواد كريم.

استشارتي هي: أنا متزوج ولدي أطفال ولله الحمد، ولكني رغبت في الزواج الثاني لأن زوجتي رغم صلاحها وطيبتها تفتقر إلى الأسلوب والتعليم والانشغال بالأولاد, وأنا في بلد يموج بالفتن، فتزوجت بفتاة مطلقة أعجبني أسلوبها جدا, لكني لم أهتم بالناحية الدينية والأخلاقية, وعشت معها في البداية لحظات رائعة، رغم أني سمعت من أقاربها أن فيها صفات مذمومة, من غرور, وكبر, وعدم احترام, وأن هذا كان سببا طلاقها من زوجها الأول، لكن أحد أقاربها نفى ذلك رغم أنه يعلمه تماما, والله المستعان.

وقد رزقت منها بطفل, ثم عانيت من الصفات آنفة الذكر (الغرور – الكبر – عدم احترام أقارب الزوج) كما أنها غيورة ومكايدة فطلقتها.

والآن مرت سنوات ولا زالت لي رغبة في الزواج، وأبحث عن امرأة ذات دين، وأحيانا أحدث نفسي بطليقتي لأجل ابني؛ ولأن أسلوبها جميل, ثم أصرف النظر لأني لا زلت أسمع أن أخلاقها هي هي.

فما رأيكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك تواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولك الأحوال، ويسعدنا أن نكون في خدمة أمثالك، وشرف لنا أن نكون في خدمة الكرام من أبناء أمتنا، ونشكر لك الدعاء والثناء على الموقع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا جميعًا الإخلاص في أقوالنا وأفعالنا وأحوالنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وعند التأمل في هذه المسألة نحن نفضل أن تعود إلى زوجتك الأولى، لعلمك أنه لا توجد امرأة خالية من العيوب، فلا تظن أنك لو جئت بثالثة أو طلبت رابعة أو بحثت – بعد أن تطلق واحدة –أن تبحث عن خامسة، أو زوجة سادسة، لا تظن أنك ستجد امرأة خالية من العيوب، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟! وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، والمرأة خُلقت من ضلع أعوج، وأعوج ما في الضلع أعلاه، والوصية من النبي -صلى الله عليه وسلم– توجهتْ لنا نحن معشر الرجال، واعلم أن طلاق المرأة كسر لخاطرها، وزوجتك تعرضت للطلاق مرتين، ونتمنى أن يكون فيما حصل لها عبرة، والمؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين، لكنها لُدغتْ مرتين، ونتمنى أن يكون في ذلك درس لها وتغيّر حاصل في أخلاقها، لأن الكِبر ولأن التصرفات التي كانت تصدر منها هي التي أخضعتها لتجارب مؤلمة، والطلاق مؤلم جدًّا للمرأة.

فإذا ثبت لك أن حالها تغيّر، وأن إمكانية التحسن موجودة، أو إمكانية الاحتمال من ناحيتك موجودة طالما كانت فيها جوانب مشرقة, وتغنيك في هذا الجانب, ولك منها طفلة، حتى لا تكون الطفلة ضحية أخرى تُضاف إلى المجتمع مثل أمها بفقدها الرعاية الأبوية والحنو الأبوي، والبنت أيضًا تحتاج إلى وجود أب في حياتها، فلذلك نحن نتمنى أن يسير اتجاهك وتفكيرك في هذا الاتجاه.

ودعنا سويًّا نتفكر في هذه الأمور، وسوف نكون سعداء إذا تواصلت معنا –مع موقعك– حتى نتبين هذه الأمور، ولا تنتظر رأي الناس، ولكن حاول أن تتعرف على الحقيقة عن قرب، ولو عن طريق محارمها، ولو عن طريق نساء يعرفنها من محارمك، فإن تبين لك أن هناك أدنى تحسن, ولو كان قليلاً في أخلاقها فعليك بها، لأن في ذلك أكثر من مصلحة، المصلحة الأولى: أنك متعلق بها, ولازلت تذكرها, وتذكر أسلوبها الجميل رغم وجود الطلاق. المصلحة الثانية: لوجود هذه الطفلة التي هي ضحية لهذا الطلاق، وهي السعيدة الثانية, وستسعد جدًّا لعودة المياه إلى مجاريها.

الأمر الثالث أيضًا: ستزداد عندك القناعات أن الإنسان لا يمكن أن يُرضي جميع الناس، وعليك أن تُحسن التعامل، وتحسن علاقتها بأسرتك، حتى لا تتيح فرصة التطاول على الآخرين، وعليك أيضًا أن تتذكر أنك أقدر على الاحتمال لتصرفاتها، والرجل ينبغي أن يحتمل من زوجته، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم– يحتمل، بل قالوا يحتمل كل أذىً يأتيه، ولا يتدخل إلا إذا تجاوز الأذى إلى الآخرين، أو إلا إذا كان الخطأ فيه عصيان لرب العالمين تبارك وتعالى.

أما إذا كان التكبر أو التعالي أو التقصير في حق الزوج فهذا ينبغي للزوج العاقل أن يحتمله، أو يحتمل جزءً منه، ثم بعد ذلك في الجزء الباقي لا مانع أن يُؤدِّب أو يهجر أو يتخذ الوسائل الأخرى غير الطلاق، وهي ناجعة ومفيدة, ومؤثرة بدرجة كبيرة.

وطبعًا الشرع لا يمنعك أن تتزوج بغيرها، لكننا نجد في أنفسنا ميلاً لهذا الجانب، ونتمنى ألا تستعجل الأمر، ولكن نتمنى أن تفكر في هذه الطريقة، وسوف نكون سعداء إذا رصدتَ هذه الإيجابيات, وتفكرت, وتذكرت في السلبيات المتوقعة، ثم تأمّل عواقب الأمور، وتذكر بُنيتك الصغيرة، واكتب لنا بعد ذلك بما تميل إليه النفس، وعند ذلك يمكن أن نتحاور في هذا الشأن.

ونسأل الله أن يقدر لك ولها الخير، وأن يردها إلى الحق وإلى الخير والصواب، وأن يعين الجميع على كل أمر يُرضيه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

عن موقع (الاستشارات)


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني