دلالات ذكرى المولد النبوي

 

بقلم : محمد حسيكي

 

عيد المولد النبوي، هو ولادة من التاريخ، أكثر مما هي ولادة من الفطرة، بل هو عيد هلت به الدنيا من الدين الإسلامي الذي رضيه الله للمسلمين دينا، تحتفل به الأمة الإسلامية شعوبا ومجتمعات، في جموع موحدة الكلمة، يوحدها الإيمان الذي يعمر القلوب المفعمة بالمحبة نحو خالقها الذي أغدق عليها النعمة من الدين على يد الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أكرمه الله ونعمه، وجعله خير رسول لخير أمة .

الحياة من النشأة والمولد :

يجري على الأمة الاسلامية، إحياء المولد النبوي من ليلة للذكر، هادئة بالسكينة التي تسكن القلوب، من إحيائها في أجواء روحية مطبوعة بالإيمان والطمأنينة، والألفة من الجمع والتواصل من الذكر بالبيت الذي أسس للعبادة على تقوى من الله .

من الوجهة الدينية، يجري القول في الاسلام من الإنسان الذي يعوذ أصله إلى نشأة الحياة الكونية من سطح الارض، والتي نشأ من أولها آدم الذي يجري عليه الذكر من الإنسان بالقول : عليه السلام، وآدم هو إنسان النشأة من الخلقة الكونية قبل المولد الذي عليه ذريته، من الأنبياء والرسل الذين يخصهم أهل الدعوة بالذكر، من اسم مشمول بالصلاة والسلام .

وبالدين الإسلامي تخص الأمة ذكر الرسول محمد بالصلاة والسلام، وإفراد اسمه من بين الرسل بالصلة الموصولة من صلى الله عليه وسلم، مصداقا لما جاء به القرآن، إن الله وملائكته يصلون على النبي، يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما .

ومن الصلاة التي أخذها الصحابة اقتداء وعلما ، عن الرسول يجري عليهم بالحديث عنه، اسم رضي الله عنهم، بينما يخص أهل الحديث صهره من آل البيت علي بن أبي طالب بالذكر، من اسم كرم الله وجهه، كونه لم يسجد لصنم قط .

ومن الوجهة التاريخية، فقد خصت الأمة الصحابة الذين تولوا أمر المسلمين بالخلافة بعد الرسول، من اسم الخلفاء الراشدين، وهم أمراء المؤمنين، الذين لهم مكانة تاريخية من الحكم و من الدين .

ومن عصر الخلافة، أسس معاوية بن أبي سفيان، وأبو موسى الأشعري، دعائم الدولة الأموية، وهي الدولة التي خرجت من رحم الخلافة إلى أرضية خيار الأمة، التي جمعت بين العرب والعجم من دين الاسلام .

إحياء المغرب الذكرى :

يحيي المغرب إلى جانب مجتمعات العالم الاسلامي، عيد المولد النبوي، في أجواء رسمية، واجتماعية، مطبوعة بنفحات الايمان والسكينة الروحية والاطمئنان بالحياة العامة، من أجواء ذكرى المولد النبوي، التي يترأس إحيائها من مسجد حسان بالرباط أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، وصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وصاحب السمو الأمير مولاي أحمد.

كما يجرى الاحتفال بحضور رئيس الحكومة ورئيسا غرفتي البرلمان وأعضاء الحكومة وسامي الشخصيات المدنية والعسكرية، وسفراء الدول الإسلامية المعتمدين لدى جلالة الملك .

وخلال الاحتفال تمت تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تيمنا من إحياء الليلة المباركة، كما أنشدت فرق المديح مجموعة من الأمداح النبوية احتفاء من ليلة المولد النبوي الشريف .

بعد ذلك ألقى السيد وزير الأوقاف والشؤون الاسلامية، كلمة بالمناسبة بين يدي أمير المؤمنين، استعرض من خلالها الحصيلة السنوية لعمل الوزارة في المجال الديني والعلمي الذي يخص أنشطة المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الملحية، على الصعيد الوطني والدولي .

ومن بين الانشطة انتقاء الأعمال التكريمية، التي حظيت من ليلة الذكرى المباركة بجائزة محمد السادس التكريمية والتشجيعية الوطنية والدولية، والتي توج بها عدد من المكرمين، تشرفوا بالسلام على جلالة الملك، وتسلم الجائزة التكريمية من يدي جلالته .

مظاهر الاحتفال بالوسط الاجتماعي :

يكتسي الاحتفال بالمولد النبوي أهمية خاصة، منذ رؤية الهلال، حيث يتم الاعلان عن تحديد يوم العيد، ومنه يجري التحضير لهذا الحدث الديني، على صعيد المسجد، وزوايا الذكر من التصوف الاسلامي، ومن الفضاء العام :

المسجد :

بعد رؤية هلال العيد من ربيع الاول، يجري الحديث من منابر خطبة الجمعة، عن المناسبة ومكانتها لدى الامة، والاستعداد لإحيائها في الأجواء الإيمانية اللائقة بها .

ومن وجهة الكراسي العلمية بالمساجد يجري تقديم دروس دينية ومحاضرات علمية، من علماء الامة نهجا عن فقراء المسجد النبوي بالحديث عن السيرة النبوية، من أخلاق الرسول ومعاملاته، مصداقا لقول أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها، كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، وقول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، خدمت عند رسول الله، ما قال لي في شيء فعلته لما فعلته، ولا في شيء تركته لما تركته .

مقامات التصوف :

يكتسي الاحتفال بإحياء ليلة المولد النبوي مكانة خاصة من زوايا التصوف الإسلامي بالمغرب، حيث يتم إحياء الليلة عبر الجمع حول شيخ الزاوية وسرد عدد من ورديات الذكر بطرق جماعية وإنشاد مجموعة من الأمداح والصلوات الابراهيمية، وإلقاء الأضواء على جوانب من حياة الرسول ومسار الدعوة من حياته، وجوانب اجتماعية من الملتقى بالمناسبة .

ومن الوجهة التاريخية من العلاقات بين الأقطار الاسلامية، خاصة فيما يتعلق بالجانب الروحي، فقد نسجت بعض الطرق الصوفية

علاقات روحية لازالت جارية من فترة تاريخية مطبوعة بالود المتبادل من وشائج القرب والاحتفال مع الدولة العثمانية، التي أخذ عنها المغرب بعض محاسن إحياء الاحتفال من ليلة المولد النبوي المتجلية في عروض استعراضية عامة لموكب الشموع بعد صلاة العصر، الذي يجري بالفضاء الحضري من دار صناعة الشموع إلى مقام الزاوية الحسونية التي تحيا بها الليلة من ذكرى المولد من مدينة سلا، والشموع من أحجام صناعية كبيرة ملونة، وفوانيسها من أفران تذكارية من الصناعة الخشبية المخرطة بأشكال هندسية تسبك عليها عجائن الشمع الملونة، المحبوكة الصناعة بألوان الزينة الاستعراضية، التي تمر عبر الطريق العام من حفل رسمي على إيقاع الرقصات الصوفية التي تحدو خطوات أفواج جماعية متتالية، تتقدمها فرق تصدح بالآليات الايقاعية وأصوات المزامير الموسيقية، وقرع الطبول المدوية بالأفراح، وسط الأعلام الوطنية، وأعلام الزوايا لدى الطرق الصوفية، تمر بالشارع العام، مزهوة بالحضور ومنتشية بالظهور، وبما أبدعته يد الصانع المغربي من توشية الألوان وزخارف الكتابات، المطرزة بعجائن الشمع على أشكال الفوانيس الشمعية المنمقة بضفائر فسيفسائية، تلوح منها زينة الصنع المرصعة بالكتابة، التي تشد الأنظار بالقراءة من اسم بركة محمد، الذي يجري الاحتفال بعيد مولده من اهازيج احتفالية، على قسمات الأنغام الناطقة بالأذكار الصوفية والأمداح النبوية، إحياء لأفراح المولد الذي أشرقت البرية بطلعته بدرا، بالأجواء من الفضاء، متعة للأنظار، وإغناء للذكرى بالرمزية والاعتبار .

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني