بقريتي فج العليق وواد البياض بجماعة بني كلة بإقليم وزان، يستفيد الأطفال بين 4 و 6 سنوات من خدمة التعليم الأولي المجاني ضمن حجرات كاملة التجهيز، سهرت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على إنجازها ضمن المشاريع المبرمجة في مرحلتها الأولى التي انطلقت سنة 2019.
أطفال يتلمسون خطواتهم الأولى نحو حجرات التعليم الأولي، التي من خلالها تسهر مربيات محترفات على غرس مبادئ تربوية وقيم شخصية ووطنية، ستمكن الأطفال من شق مسارهم الدراسي بنجاح، بعد التحاقهم بفصول التعليم الابتدائي.
وجدان، محمد، زهرة، يوسف، وغيرها، أسماء يحملها أطفال يقصدون كل يوم هذين الوحدتين الخاصتين بالتعليم الأولي، واللتين أقيمتا غير بعيد عن محال سكناهم للتعلم مع الحرص على تزويدها بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وأيضا للعب، الذي يشكل أساس بيداغوجية تربوية متكاملة، تروم تلقين المعارف الأساسية لدى الأطفال عبر أنشطة تربوية وترفيهية.
وفاء، المربية المكلفة بوحدة واد البياض، راكمت 3 سنوات من الخبرة في التعامل مع الأطفال بين 4 و 6 سنوات، منذ التحاقها موسم 2021 – 2022 بالمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، إثر استفادتها من عدة تكوينات، ومن بينها التكوين التكميلي ل 400 ساعة، والذي تعلمت خلاله مجموعة من المقاربات والبيداغوجيات بشراكة مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وقالت المربية وفاء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “لقد تعلمت كيفية التعامل مع الأطفال الصغار، بحكم أنهم يحبون اللعب ويجدون في ذلك متعة، لهذا اعتمدنا المقاربة البيداغوجية القائمة على اللعب لتعليمهم مجموعة من المبادئ الأساسية، والتي ستجعلهم أطفالا مندمجين في المجتمع”.
وأبرزت أن بيداغوجية اللعب تستخدم لتلقين الأطفال التعلمات الأساسية، مثل الحروف والأعداد وأيام الأسبوع والأرقام وغيرها، وهو ما يؤهلهم لسهولة الاندماج في التعليم الابتدائي، إلى جانب اكتساب مهارات شخصية مثل الانضباط والانتباه داخل الفصل وسلاسة التواصل.
خدمة التعليم الأولي ما كانت لتصل إلى مجموعة من القرى النائية بإقليم وزان لولا جهود المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وباقي شركائها، والتي حاولت أن تنجز سلسلة مشاريع بالجماعات الترابية السبعة عشر المكونة للإقليم، مع الارتكاز على مبادئ العدالة المجالية في ذلك.
في هذا السياق، قال عبد الغني الشرع، رئيس قسم العمل الاجتماعي بعمالة إقليم وزان، لقد عملت المبادرة، منذ انطلاق مرحلتها الثالثة سنة 2019، على إحداث وتجهيز وتهيئة مجموعة من وحدات التعليم الأولي، التي بلغ عددها الإجمالي 140 حجرة، بحيث يستفيد منها أزيد من 2100 تلميذ وطفل من 4 إلى 6 سنوات.
وشدد على أنه تم الحرص على تغطية كافة الدواوير والتجمعات السكانية بالجماعات الترابية بالإقليم، لاسيما بالمناطق النائية التي لا تتوفر على مؤسسات تعليمية قائمة، وذلك وفق مقاربة تعتمد على التكامل مع المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، على اعتبار أن مشاريع المبادرة هي تكميلية لمشاريع القطاعات العمومية.
واعتبر أن المشاريع المنجزة ضمن محور التعليم الأولي للمبادرة الوطنية وللتنمية البشرية تعتبر “ناجحة وتجربة رائدة جهويا ووطنيا، وهي مثال يحتذى”، مذكرا بأن المبادرة الوطنية قامت بعملية تهيئة وإحداث وتجهيز ودعم تسيير كل هذه الوحدات الخاصة بالتعليم الأولي على مدى سنتين، قبل تسليمها إلى المديرية الإقليمية للتربية الوطنية لمواصلة الإشراف عليها.
وشكلت هذه الجهود المبذولة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دفعة قوية لقطاع التعليم الأولي على مستوى إقليم وزان، والذي راكم نجاحات بفضل تضافر جهود مختلف المتدخلين، بغية تعميم هذه الخدمة على كافة الدواوير والتجمعات السكانية بالإقليم.
في هذا السياق، ألح اسماعيل المجدوبي، المسؤول الإقليمي للمؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الاولي بوزان، أنه في إطار الشراكة بين المؤسسة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، تم إحداث 456 قسما للتعليم الأولي، 140 قسما من بينها أحدثت وجهزت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، مشيرا إلى أن طاقما تربوية يناهز 450 مربية ومربيا يسهرون على تعليم الأطفال المستفيدين من هذه الخدمة.
وشدد على أن هذه الجهود لا تقتصر على البناءات فقط، بل تشمل أيضا بناء قدرات المربيات والمربيين، حيث تسهر المؤسسة، بشراكة مع المبادرة الوطنية، على منحهم تكوينا حديثا وعصريا، يتمحور حول المقاربات المثلى لتعليم الطفولة المبكرة، كما تشرف على تتبعهم وتكوينهم لضمان الجودة داخل أقسام التعليم الأولي.
وستتواصل جهود المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم وزان خلال السنوات المقبلة، وفق فلسفة تقوم على بناء الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، حيث توضع أسس البناء خلال السنوات الأولى من عمر الطفل، إذ تشكل الطفولة المبكرة محور التنمية.