أثار استقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لزعيم جبهة البوليساريو، خلال احتفالات الجزائر بالذكرى السبعين لثورة التحرير، موجة من الجدل والتساؤلات حول طبيعة وأبعاد العلاقة بين الجزائر والجبهة الانفصالية.
فقد استقبل تبون زعيم البوليساريو باعتباره “ضيف الجزائر”، رغم أن الأخير قادم من ولاية تندوف الجزائرية، مما أثار استغراب العديد من المتابعين حول الرسائل التي ترغب الجزائر في إيصالها من خلال هذا “الاستقبال الرسمي”.
هذا الحدث يأتي في سياق دعم الجزائر المستمر لجبهة البوليساريو، حيث تؤكد الجزائر مراراً وتكراراً دعمها لما تصفه بـ”حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره”. وتقدم الجزائر دعماً متعدد الأبعاد للجبهة، بما يشمل الدعم الدبلوماسي والمادي، إذ تستضيف مخيمات تندوف منذ عقود وتعتبرها قاعدة رئيسية للبوليساريو، مما يجعل هذا “الاستقبال” يعكس عمق التبني الجزائري للقضية التي تتبناها الجبهة الانفصالية.
ورغم توجيه الجزائر دعوات متكررة للحوار وحل النزاعات الإقليمية بالطرق السلمية، إلا أن هذا التوجه يتناقض مع مواقفها الداعمة للبوليساريو، وهو ما يعمق من حدة التوترات بينها وبين المغرب، الذي يرى في هذه الخطوات تدخلاً مباشراً في شؤونه الداخلية ومحاولة لإثارة النزاع حول قضية الصحراء المغربية.
من جهة أخرى، يبرز هذا الحدث كجزء من إستراتيجية سياسية ودبلوماسية تسعى الجزائر من خلالها إلى تعزيز حضورها في المنطقة، وتوجيه رسائل ضمنية للدول المعنية بالنزاع الصحراوي حول موقفها الثابت في دعم البوليساريو. ويعكس استقبال زعيم الجبهة في مناسبات وطنية، مثل ذكرى الثورة الجزائرية، محاولات الجزائر الربط بين مواقفها الحالية وإرثها التاريخي في مقاومة الاستعمار، مما يشير إلى سعيها لإضفاء بعد رمزي على دعمها للجبهة.
ورغم أن الجزائر تصر على أن دعمها للبوليساريو يأتي ضمن إطار التضامن مع “قضية عادلة”، إلا أن هذا الموقف يظل محل جدل واسع، حيث يرى كثيرون أن استضافتها لقادة البوليساريو وتنظيم مثل هذه اللقاءات الرسمية قد يساهم في تصعيد التوترات الإقليمية ويعقد جهود الوساطة الأممية الرامية إلى إيجاد حل سلمي ودائم لهذا النزاع.