بقلم: عبد الحكيم العياط
تستعد الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل لعقد مؤتمرها الوطني التاسع يومي الجمعة والسبت 31 يناير و1 فبراير 2025 بالمقر المركزي للاتحاد المغربي للشغل في الدار البيضاء. ينعقد هذا المؤتمر في سياق حساس تواجه فيه الشغيلة الصحية تحديات متزايدة في ظل تدهور الأوضاع الاجتماعية والمهنية واستمرار المشاكل الهيكلية التي تؤثر على القطاع الصحي بالمغرب.
قطاع الصحة بالمغرب يشهد منذ سنوات تراكمًا للمشاكل المرتبطة بضعف البنية التحتية، نقص الموارد البشرية، وتفاقم الضغط المهني على العاملين. هذه التحديات تعيق تقديم خدمات صحية ذات جودة للمواطنين، وهو ما دفع الجامعة الوطنية للصحة إلى تصعيد مطالبها والدعوة إلى تحقيق إصلاحات شاملة ومستدامة.
من أبرز الملفات التي سيطرحها المؤتمر التاسع ضرورة تنفيذ المحاضر الموقعة مع الوزارة والحكومة، والتي تشمل تحسين ظروف العمل، مراجعة التعويضات، وتوفير آليات تحفيزية للموظفين في القطاع الصحي. تأخر تنفيذ هذه الالتزامات أثار استياء العاملين وزاد من تعميق الشعور بعدم الرضا داخل أوساط الشغيلة الصحية.
إلى جانب ذلك، سيشكل ملف قانون الإضراب أحد النقاط المحورية في أشغال المؤتمر. تعتبر الجامعة الوطنية للصحة أن محاولات الحكومة لتقييد الحق في الإضراب عبر قوانين جديدة تمثل تهديدًا للمكتسبات النقابية. هذا الموقف يعكس التزام الجامعة بالدفاع عن الحقوق النقابية كجزء لا يتجزأ من مسارها النضالي، مع التأكيد على رفض أي سياسات تهدف إلى تقييد الحريات النقابية والتراجع عن حقوق الطبقة العاملة.
المؤتمر التاسع يشكل أيضًا مناسبة لتطوير استراتيجية العمل النقابي داخل الجامعة. من بين المحاور الرئيسية التي ستناقش تعزيز مشاركة المرأة والشباب في الأجهزة التنظيمية. المرأة الصحية، التي تعتبر العمود الفقري للقطاع، تواجه تحديات إضافية، من بينها عدم المساواة في الفرص وصعوبات في التوفيق بين العمل والمسؤوليات الأسرية. بالتالي، يتطلب الوضع وضع خطة شاملة لدعم المرأة في القطاع وضمان تمثيلها العادل في مختلف الأجهزة النقابية.
وفي ما يتعلق بالشباب، يسعى المؤتمر إلى تفعيل دورهم كعنصر أساسي في تجديد العمل النقابي. بالنظر إلى التحديات الراهنة، يبدو أن الشباب يمثلون أملًا في تعزيز الحركية النقابية واستقطاب رؤى جديدة تسهم في تطوير الأداء النقابي.
إلى جانب القضايا التنظيمية، سيولي المؤتمر أهمية خاصة لملف القدرة الشرائية للشغيلة الصحية. الارتفاع المستمر في الأسعار وتراجع قيمة الأجور أثرا بشكل مباشر على الأوضاع المعيشية للعاملين، مما دفع الجامعة إلى التأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الأزمة.
من المتوقع أن يخرج المؤتمر بتوصيات هامة ترسم معالم المرحلة المقبلة، من بينها وضع آليات فعالة للتنسيق مع باقي الهيئات النقابية، تعزيز الشراكة مع الفروع الجهوية، وتحديد خارطة طريق واضحة لتصعيد العمل النقابي إذا استمر تجاهل مطالب العاملين في القطاع الصحي.
إن المؤتمر الوطني التاسع للجامعة الوطنية للصحة لا يمثل فقط محطة لتقييم المرحلة السابقة، بل هو فرصة حقيقية لرسم ملامح مستقبل القطاع الصحي في المغرب. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، يبقى الأمل معقودًا على إرادة المناضلين لإحداث التغيير الإيجابي الذي يخدم مصلحة العاملين والمواطنين على حد سواء.
ختامًا، فإن انعقاد هذا المؤتمر يمثل رسالة قوية للحكومة ولجميع الأطراف المعنية بضرورة إعطاء القطاع الصحي الأولوية التي يستحقها، عبر تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين ظروف العاملين باعتبارهم الركيزة الأساسية لتطوير المنظومة الصحية.