تبون واستعراض “الإنجازات العظيمة”.. عندما يتحول تدشين محطة تحلية إلى حدث رئاسي استثنائي!

 

في مشهد جديد يثير السخرية أكثر مما يدعو للإعجاب، قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن يتحف شعبه مرة أخرى بـ”حدث تاريخي”، وذلك عبر إشرافه شخصيًا، بكل “هيبته”، على تدشين محطة تحلية مياه البحر “فوكة 2” بولاية تيبازة. قد يبدو الأمر عاديًا للوهلة الأولى، لكن عندما يكون هذا النشاط البسيط، الذي يمكن لأي موظف حكومي متوسط المستوى أو حتى مسؤول تقني في وزارة الموارد المائية أن يقوم به، مدرجًا ضمن الأجندة الرئاسية، فلا يسعنا إلا أن نتساءل: هل أجندة رئيس الجمهورية فارغة إلى هذا الحد؟

الرئيس المتفرغ للتدشينات.. هل من مشاغل أخرى؟
لا شك أن تبون هو من أكثر رؤساء العالم تعلقًا بمقص الافتتاحات وشرائط التدشين. لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأصر على أن يكون هو النجم الأوحد فيها، حتى لو تعلق الأمر بمشاريع كان من المفترض أن يفتتحها مسؤول محلي أو وزير تقني. فالمفترض أن يكون رئيس الجمهورية مشغولًا بإدارة الملفات الكبرى، التخطيط الاستراتيجي، حل الأزمات الاقتصادية، ومتابعة الملفات الدبلوماسية، بدل التفرغ لقص الشرائط والتقاط الصور أمام لافتات المشاريع!

استنفار أمني وعسكري.. لمجرد تدشين محطة؟
الأكثر إثارة للاستغراب، وربما الضحك، هو الاستعراض العسكري الذي رافق هذا “الإنجاز الخارق”. فقد حضر الحدث رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، إلى جانب وزير الطاقة، ووزير الداخلية، ووزير الري، ومسؤولي المؤسسات الوطنية. مشهد غير مسبوق وكأن الرئيس الجزائري يدشن منشأة نووية سرية أو يعلن عن إنجاز فضائي خارق، بينما في الواقع، كل ما قام به هو افتتاح محطة لتحلية مياه البحر، وهو أمر بات شائعًا في عدد من الدول دون الحاجة إلى كل هذا الطنين والضجيج.

إنجاز متأخر.. وتضخيم إعلامي مثير للسخرية
ما يزيد من غرابة هذه “المهزلة”، أن تحلية مياه البحر ليست اختراعًا جزائريًا جديدًا، بل هي تقنية تستخدمها دول عديدة منذ عقود، بعضها أكثر تقدمًا وأكبر قدرة إنتاجية مما هو مخطط له في الجزائر. ومع ذلك، يتم تقديم الأمر وكأنه قفزة نوعية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، بينما الحقيقة أن هذه المحطة ليست سوى جزء من محاولات الجزائر المتأخرة لمواجهة أزمة المياه التي تعاني منها البلاد بسبب سوء التخطيط، وقصور السياسات المائية السابقة.

رئيس في سباق مع “الأضواء” بدل الإنجازات الحقيقية
الرسالة التي يوجهها عبد المجيد تبون بهذا التصرف المتكرر هي رغبة غير طبيعية في الظهور الإعلامي. فبدلًا من الانشغال بحل الأزمات الكبرى التي تعاني منها الجزائر، كالتضخم، البطالة، وتدهور القدرة الشرائية، يصر الرئيس على أن يكون “بطل التدشينات”. ومن يدري، ربما قريبًا سنراه يشرف بنفسه على افتتاح مدرسة ابتدائية، أو حتى قص شريط افتتاح مقهى شعبي في أحد أحياء العاصمة!

في النهاية، قد يكون السؤال الأكثر إلحاحًا: متى يدرك تبون أن الظهور المتكرر في أحداث بسيطة لا يعكس القوة، بل يكشف مدى الفراغ السياسي والإداري الذي يعيشه نظامه؟ الأكيد أن الجزائريين بحاجة إلى رئيس مشغول بحل مشاكلهم الحقيقية، وليس مسؤولًا متفرغًا للتصوير في حفلات تدشين مشاريع متأخرة أصلاً!

 

 

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني