أَ عبد اللطيف وهبي: قَدْ وَلَّى زَمَنُ العَبِيدِ و إنْقَضَى!

بقلم عبد المجيد مومر

“كانَ هيغَل عَلى حقٍّ؛ لَمّا قالَ: يُعَلِّمُنا التّاريخُ، أنَّهُ يسْتَحيلُ علَى البَشَر التَّعَلُّم منَ التّاريخِ “.
جورج برنارد شو.

لقد وطّدَ خطاب 9 مارس 2011 لدستور التحول الديمقراطي الكبير، حين إنتصر لمكارم العدالة الإنسانية. فقد جَزَم بِالقطعِ، على احترام حقوق و واجبات المواطنة الدستورية. ذلك؛ لَمَّا رسَّخ مبدأ المساواة بين المواطنين و المواطنات. عندما نص في تصديره، عن تأكيد الدولة المغربية على حظر و مكافحة كل أشكال التمييز، و منها التمييز بسبب الانتماء الاجتماعي.
غير أن النوازل النكراء، لسَخَّارِ الحكومة “الزَّرْقَاء”. لَتكشف عن تفشي جائحة العَائِلُوقْرَاطِيَّة، داخل هياكل الدولة المغربية. بما يهدد نَسقَها الدستوري القائم، من خلال تمظهرات جُرم التطبيع مع التوريث الجَبْري اللادستوري. ذلك؛ لِمَا يجسده من إنقلاب مكروه، على كُنْهِ الإختيار الديمقراطي. حيث؛ أن أُولِيغَارْشْيَا العَائِلُوقْرَاطِيَّة، قد عمدت إلى خَنق روح المساواة، و رَدْمَ عماد العدالة، عبر إفراغها من كل تنافس حقيقي شريف. مع تحريف رسالة الوثيقة الدستورية، و جعلها مجرد نسخة شمسية لوثيقة أُسْطُورِيَّة، قد توضع ديكورا للزينة الخدّاعة. أَوْ؛ لَكَأنها قد خُصِّصَت – فقط- لِتَوْريَة إنْهمارِ الريع و الامتيازات، على وِلْدانِ أُولِيغَارْشْيَا عَائِلُوقْرَاطِيَّة جائرة. أُولِيغَارْشْيَا تمارس الغبن قصد إضفاء الشرعية عليها، بما يؤدي إلى ميز عنصري ظليم ضد “ولاد الشعب”. و كذا بما سيفضي إلى تعميق أخاديد الهوة السحيقة، بين الأجيال الصاعدة و بين العديد من المؤسسات الدستورية.
فهكذا معشر الرفيقات و الرفاق؛ إن اللوبي العائلوقراطي الهَاتِر، لَيَسْعى بالالتفاف على جوهر الأحكام الدستورية، من خلال بدعة التوريث الجبري اللادستوري. و هكذا؛ قد تبيَّن أن مشروع الأصالة و المعاصرة، تَخَلَّفَ نَحوَ احتضان عقيدة الأبَّارْتايِد ضد “ولاد الشعب”. مما يؤشر على إنبثاق حراك مُتَوسع، في ظل استمرار جرائم العبث بأحكام الميثاق الأسمى للأمة المغربية. تلكم؛ التي تحض على نهج المواطنة الدستورية و منهاج الحكامة الراشدة.
و لعلها مقالتي مُنْذِرَة أيضا باستفحال ظاهرة القنوط السياسي عند أغلبية الشباب المغربي. و الذي يمقت جميع مظاهر الإخلال بالمبدأ الدستوري القاضي بتكافؤ الفرص. كما يرفض تمييع صورة الدولة المغربية، كما حدث حين امتحان الأهلية الخاص بمهنة المحاماة. بعد أن مَسَخَتْه الوَهَابية الحداثوية إلى مجرد كَوْلَسَةٍ لا ديمقراطية، حتى أفرَغَتْهُ من كل حمولة تنافسية قانونية عادلة.
و أنها وَهابيةُ الوزير المغرور، عند متاع الغَرور. تماما .. تجتر عُقد النرجسية الفارغة و الأنا الجاهلة. تلكم؛ التي قد مارستها عائلات بعينها، تحت يافطة التوريث الجبري الكريه. و الذي لن يشكل إلا مَشتلا، لاستنبات كل أشكال التطرف، الاستبداد، الإرهاب و الفساد.

فإشْتدي أَيَا عُنْصُرِيَّة .. تنْفرجي!. أي: مهما طالت شِدَّتهّا، سينقضي أجل جائحة العَائِلُوقْرَاطِيَّةالمُعدية. لَسَتَنْجَلي ظُلْلمتُها اللادستورية، و سنشرع جميعنا في تقييم أرقام خسائرنا القِيَمِية و البشرية و الإقتصادية و الإجتماعية ..الخ. نعم ، ستعود باقي المؤسسات الدستورية إلى تصريف أمورها الطبيعية ضمن مزاج شعبي جديد، لكي نكتشف أن الأجيال الصاعدة من رحم الأمة المغربية، قد باتت لها مطالب كرامة مُسْتجَدة.
فهل سنجد سيرة حزب الأصالة و المعاصرة، يَبابًا؟!. أم أنها ستتأَقْلم إيجابا بإعتماد الاستعاضة الثقافية الكفيلة بتجاوز مرحلة الصدمة و الرعب. ذلك؛ عبر إعادة تدوير مخلفات “نَعْرَة” العَائِلُوقْراطِيَّة الرَّاسِبَة، و الإستفادة من دروسها و عبرها الحاصلة؟!.

و لأن العقل السياسي البامي، قد عَرَّى عَنْ خَرفِهِ. وَ قطع الشك باليقين، إبَّان مِحنَة الجائحة هاته. فقد يمضي بنا سياق الحديث، إلى نقدِ ما جادت به قريحة عبد اللطيف وهبي الكاهن العام لمشروع الأصالة و المعاصرة. بعد أن خرج علينا قَارِضًا سَجْعَ العَائِلُوقْرَاطِيَّةالمَوْبوءة. هكذا إذن، سأَمُد يد العون إلى فِرْقة الوَهابية الأصيلة و المعاصرة. كَيْ يَتذَكروا معي: أن تطور الشعوب و الأمم، سُنة لن يجدوا لها تبديلا.

نعم؛ ستنقضي جائحة العَائِلُوقْرَاطِيَّة، بإذن الله المُهَيْمِن. و ستظل الطبيعة على طبيعتها المُتَأَقْلِمَة، قادرة على المباغثة و المفاجأة!. سيستمر قدرُنا التاريخي مثلما كان، مُنْذِرًا بالملايين من الفيروسات الثقافية، و كذا التهديدات الفضائية، و الجيولوجية، و البيولوجية، و ما خفي كان أعظم!. بل؛ ستجدون الطبيعة ذكيةً فوق ثقافة المألوف، المعتاد و الجامد. لذا؛ أنا على أتم اليقين أن مشروع الأصالة و المعاصرة قد كَسدَ بيَدِ وَهَّابيَّةٍ مُسْتَحدَثَةٍ دَهْمَائِيّة غَوْغَائِيّة، هجينة بمتلازمة التوريث الجبري اللادستوري، التي تخالف النقل و العقل و الذكاء الاصطناعي. حيث؛ ليس بمَقدورها -اليوم – تقديم الأجوبة الفضلى التي تهم العدالة الدستورية، باعتبارها أسّ النموذج التنموي الموعود.

فَلَرُبّما؛ ذلك لأنها أصالة بلا عماد فكري متطور، أو لأنها معاصرة بلا مدى ذكي حالم. فكيف لها،! و من أين لها القدرة على طرح مشروع التقدم و الكرامة أمام أنظار الشباب المغربي؟!. إذ ها مقراتها؛ ليست عدا غُرفًا مغلقةً مظلمةً قد اعتاد مُرِيدُوها المُخْتارون، على إستجداء الغنيمة و نشر ثقافة الريع المُخَرّبَة.

هكذا الآن؛ و نحن في زمن دستور التحول الديمقراطي الكبير. لقد اصطدمنا بأم الفواجِع، حيث يَفرُّ مَخْلُوعُ الوهابية الباميَّة خوفا من المحاسبة الدستورية. لأنه اعتاد النقل ضد العقل، و طغى بمشروع التأصيل المعاصر لبدعة العَائِلُوقْرَاطِيَّةالسيئة. إِيْ وَ رَبِّي؛ فقد تَعَوَّد على غنائم السفسطة في زمن الرخاء الشعبوي، و سيضطر إلى الإدبار أمام كَرَّة الغَضب الشعبي.

و لعلها حالة عبد اللطيف وهبي، لهِيَ أبرز مثال على حقيقة القيمة السياسية المضافة لِسَخّار العَائِلُوقْرَاطِيَّة، الذي نجح في قيادة حزب ” بالدْفِيعْ” !. و ها أنتم تجدونه -اليوم- كاسيا عاريا، قد جهل الجهول على روح الدولة و ماهية هيبتها. حتى؛ سارت الوهابية الباميّة، تهيم وحيدة منفردة بلا ناصحٍ و لا هم يَقدرون!.
بَلْ؛ ها أنتم لَتَجِدون سَخَّارَهَا: ضائعًا تائهًا، بَوَّالًا على صحف الإختيار الديمقراطي. أما أنا؛ سأقول قولا لَيِّنًا، عَسَاهُ الغَبِيُّ يخْشَى: كلّا إن العَائِلُوقْرَاطِيَّة، فلا تليق بسمعة حزبٍ قد أصمَّ أسماعنا بخطاب امتلاك المشروع الديمقراطي الحداثي البديل. أَ لَا؟ وَ هوَ مشروع الأصالة و المعاصرة!. إيْنعَم، هذا التهافت على التوريث الجبري اللادستوري؛ لا يليق بسيرة حزب تحصل على المرتبة الثانية في نتائج الإختيارالديمقراطي، و له ثاني أكبر كتلة نيابية داخل المؤسسة التشريعية. أَوّاهْ .. حزب كان يفترض فيه تقديم الحلول التقدمية الحداثية البديلة عن هذا الفشل الحكومي الذريع.

و لسوف ترون؛ كيف أصبح عبد اللطيف وهبي مُنْهَكًا لا يخجل من رَذيلة خيانة الأمانة الدستورية. فَتأمَّلوا معي كيف يعيش زعيم ماخور العَائِلُوقْرَاطِيَّة “بَلْبَالًا”، فاقدا لفضيلة الحياء السياسي. و ها أنتم تتابعون كيف أنه لا يدري ما العمل؟!؛ رغم أنه عاش يساريا مُتنكِّرا، يدَّعى مناهضة الليبرالية المتوحشة التي تتهدد حكومتها اليوم، حمى الإسفاف المبتذل. بل فوق كل هذا، بات عبد اللطيف وهبي تحت تأثير أفيون الكرسي، يلعن مواقع أصله السياسي و الطبقي و الثقافي، مُتَمَسِّحًا بأهْدابِ أُولِيغَارْشْيَا العَائِلُوقْرَاطِيَّةالمُتَسَلِّطَة.
عودا على بدء؛ و رغم خَطْبِ الإكراهات الداخلية و العالمية، فإنَّا لا نُعارض قدرَ الله. و إِنَّمَا سَنَفِرُّ من قدر الله، إلى قدر الله!. سَنَفِرُّ من مكائد العَائِلُوقْرَاطِيَّة الأصيلة المعاصرة، إلى أَمَلِ المساواة الدستورية. مُتَمَسِّكين بِحِكَمِ الرسول محمد السراج المنير، الذي قال: إذا قامت الساعةُ و في يدِ أحَدكم فَسيلة، فَلْيَغْرِسْهَا!.
هكذا .. لَحتَّى نتَضرع للخالق القهار، أن “ولاد الشعب” ليَستَحِقون تكافؤ الفرص!. إذ على هذه الأرض الطيبة المباركة، قد وُلِدوا حاملين مشعل الإستعاضة الذكية. و إنهم بالتأكيد؛ لسوف يطالبون باحترام العهد الدستوري. مثلما يطالبون بمحاسبة الوزير السَّبَهْلَل على المسؤولية التقصيرية، في جريمة تعبيد الطريق لِمَاشِيّة العَائِلُوقْرَاطِيَّة التي لا تسير. ذلك؛ بعد أن تجلت للعيان أباطيلُ فرقة الوهابية البامية، التي ردمت بِأيديها مشروع “الأصالة و المعاصرة”. و قد كان بيتها أوْهَن من بيتِ العنكبوت.

تحيا الدولة الدستورية
قدْ وَلَّى زَمنُ العَبِيد و إنقَضَى

عبد المجيد مومر
سَجَّاعٌ، شاعر و كاتب الرأي

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني