في خطوة تعكس تصاعد التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، قررت السلطات الجزائرية تعليق التعاون القنصلي مع ثلاث محافظات فرنسية، وذلك على خلفية ترحيل مهاجرين جزائريين غير نظاميين من فرنسا، وهو الإجراء الذي رفضته الجزائر بشدة، مما أدى إلى إعادة بعض المرحّلين على متن الطائرات نفسها التي أقلتهم إلى هناك.
ووفقًا لما نقلته محطة “أوروبا 1” الفرنسية، فإن القنصليات الجزائرية في نيس، مونبلييه، ومرسيليا أوقفت تعاونها مع السلطات الفرنسية، مما يعني تجميد الاستماع القنصلي للسجناء والمحتجزين الجزائريين، وعدم إصدار أي تصاريح قنصلية للمهاجرين غير النظاميين الذين تستعد فرنسا لترحيلهم، حتى إشعار آخر.
وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التوترات بين البلدين، والتي تفاقمت منذ اعتراف باريس بالحكم الذاتي المغربي للصحراء، حيث انعكس ذلك بشكل مباشر على عدة ملفات حساسة، من بينها ملف الهجرة. وفي السابق، كان التعاون بين وزارة الداخلية الفرنسية والقنصليات الجزائرية يسمح بالتحقق من هويات المهاجرين غير النظاميين، وإصدار تصاريح قنصلية تُسهل إجراءات ترحيلهم، لكن مع التصعيد الأخير، توقف هذا التعاون تمامًا.
وبالرغم من عدم صدور إعلان رسمي من الجزائر حول هذا القرار، إلا أن التحركات الأخيرة تعكس ردّ فعل حازمًا على ما تعتبره السلطات الجزائرية تشددًا غير مبرر من قبل باريس، خاصة بعد تصاعد عمليات الترحيل التي تستهدف جزائريين متهمين بـ “التحريض على العنف” و”الإخلال بالنظام العام” وفقًا لوزارة الداخلية الفرنسية.
يُذكر أن الجزائر تمتلك 18 قنصلية في فرنسا، تتوزع على المدن التي تضم أكبر عدد من المهاجرين الجزائريين، وعلى رأسها مرسيليا، التي لطالما شكلت نقطة استقطاب تاريخية للجزائريين الباحثين عن فرص عمل منذ استقلال البلاد عام 1962. ومع هذا التصعيد الجديد، يبدو أن العلاقات الجزائرية الفرنسية تدخل مرحلة من الجمود الدبلوماسي غير المسبوق، مما قد ينعكس على ملفات أخرى مرتبطة بالمصالح المشتركة بين البلدين.