في مشهد صادم ومؤلم، تم تداول صورة لطفل صغير يفترش الأرض أمام باب منزل في حي التقدم بمدينة الرباط، ينام على قطعة قماش بالية، مرتديًا معطفًا شتويًا يحاول به اتقاء البرد القارس. الصورة التي انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي لم تكن سوى غيض من فيض لواقع مرير يعيشه أطفال الشوارع في المغرب.
أين حكومة أخنوش من هذه المأساة؟
في الوقت الذي ينشغل فيه رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالتحضير لما يسميه البعض “حكومة المونديال”، لا تزال معاناة الأطفال المشردين تتفاقم دون حلول ملموسة. رغم كل الشعارات الرنانة عن “النموذج التنموي الجديد” و”حقوق الأسرة والطفل”، لا تزال هذه الفئات الهشة تواجه التهميش والإقصاء.
لا يمكن الحديث عن تطور اقتصادي وتنموي بينما أطفال في عمر الزهور يبيتون على الأرصفة، بلا مأوى ولا أمل. أين هي وزارة التضامن والأسرة من هذه المشاهد التي تدمي القلوب؟ أين هي البرامج الحكومية التي تستنزف الملايين تحت شعار “حماية الطفولة”؟
واقع مزرٍ ومسؤولية مشتركة
هذه الصورة المؤلمة ليست الوحيدة، بل هي جزء من مشاهد متكررة في مختلف المدن المغربية. في طنجة، الدار البيضاء، مراكش، وحتى في الرباط العاصمة، لا تزال صور الأطفال المتسولين والنساء المشردات على الأرصفة تعكس فشل السياسات الاجتماعية في تحقيق العدالة والكرامة لهذه الفئات.
العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية طالبت مرارًا الحكومة بوضع استراتيجيات واقعية لحماية الأطفال المشردين من مخاطر الشوارع، لكن يبدو أن أولويات رئيس الحكومة منصبة على أمور أخرى، أبرزها تحسين صورته استعدادًا لما يصفه البعض بـ”مونديال السياسة”.
الأموال المهدرة والمصير المجهول
من المثير للسخرية أن تصرف الدولة ملايين الدراهم على مشاريع تدّعي دعم الأسرة والطفولة، بينما المشاهد على أرض الواقع تعكس تناقضًا صارخًا. الطفل الذي رصدته الصورة، والذي لا يتجاوز عمره عشر سنوات، يكشف عن حجم التقصير في مواجهة معضلة التشرد.
يستحيل القبول بصور كهذه في بلد يطمح ليكون نموذجًا تنمويًا. فبينما ينعم بعض المسؤولين برفاهية المكاتب المكيفة، يواجه أطفال الشوارع مصيرًا قاسيًا في ظل تجاهل تام من طرف المؤسسات المعنية.
أين المبادرات الحكومية؟
من غير المعقول أن تستمر الحكومة في التباهي بإنجازات غير ملموسة على أرض الواقع، بينما الشوارع تحتضن هؤلاء الأطفال دون مأوى. رئيس الحكومة مطالب اليوم بتقديم إجابات واضحة حول هذه الأوضاع، خصوصًا في ظل التزاماته المتكررة بتطوير المنظومة الاجتماعية والاقتصادية.
دعوة إلى التحرك العاجل
لا يكفي التعاطف عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بل يجب على السلطات المحلية والإقليمية التحرك بشكل فوري. يتعين على قائد المنطقة وأعوان السلطة التحري عن وضعية الطفل وتقديم الرعاية اللازمة له. كما يجب على وزارة التضامن والأسرة التدخل بشكل عاجل لتوفير مأوى آمن وإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال.
صرخة في وجه اللامبالاة
إن استمر الوضع على ما هو عليه، سيظل المغرب بعيدًا عن تحقيق العدالة الاجتماعية. فحماية الطفولة ليست رفاهية، بل هي واجب على كل مسؤول في الدولة. ورئيس الحكومة مطالب اليوم بالخروج من خطاباته الرنانة والانخراط فعليًا في حل المشاكل الحقيقية التي تؤرق المغاربة.
الحكومة بين الشعارات والتنفيذ
في نهاية المطاف، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن أن تستمر الحكومة في تجاهل مأساة هؤلاء الأطفال؟ وهل سيتحرك أخنوش وفريقه لتدارك الوضع قبل أن يتفاقم؟ الأجوبة حتى الآن غير واضحة، لكن الواقع المؤلم يتطلب تدخلاً عاجلًا يتجاوز الشعارات الفضفاضة.