الرباط – كواليس
تحولت الرياضة في المغرب، بفضل الرؤية الملكية السامية، إلى أحد أعمدة القوة الناعمة للمملكة، وإلى واجهة مشرقة تُجسد ملامح الوطن المتجدد، المنفتح، والواثق في نفسه. لم تعد الإنجازات الرياضية مجرد لحظات عابرة من الفرح الجماهيري، بل أصبحت تعبيراً عميقاً عن روح وطنية متجددة، وعن تماسك الهوية المغربية التي تتقوى كلما دوّى اسم “المغرب” في الملاعب العالمية.
فكل فوز مغربي في المحافل الدولية لم يعد انتصاراً رياضياً فحسب، بل تجسيداً لعلاقة متفردة بين العرش والشعب، بين قيادة تؤمن بالإنجاز كقيمة وطنية، وشعب يحتضن الفخر كهوية راسخة. حين يهتف الملايين باسم المغرب، من الدار البيضاء إلى الدوحة، ومن باريس إلى مونتريال، فإن ذلك لا يُعبّر فقط عن انفعال جماعي، بل عن إيمان مشترك بقيم الوطن ووحدته وتاريخه.
هذه الروح الرياضية الوطنية التي تتوهج في كل محفل، جعلت من المغرب اليوم فاعلاً دبلوماسياً جديداً بلغة الرياضة. فبفضل التوجيهات الملكية السامية، أضحت الرياضة أداة دبلوماسية حديثة تنفتح على العالم وتبني الجسور مع الشعوب. كل إنجاز رياضي مغربي في الخارج يُترجم إلى احترام دولي متزايد، وإلى صورة مشرقة لمملكة تجمع بين الحداثة والأصالة، وبين التنافس الشريف وروح التآخي.
من خلال المنتخبات الوطنية والبطولات الكبرى التي يحتضنها المغرب، يتجلى هذا التوازن النادر بين الانفتاح العالمي والاعتزاز بالهوية. لم يعد المغرب يشارك في البطولات ليصافح العالم، بل ليعرفه بنفسه: بثقافته، بقيمه، وبقدرة أبنائه على التميز دون صخب.
وعلى الصعيد الإفريقي، صارت الرياضة امتداداً طبيعياً للسياسة الخارجية للمملكة. فالمغرب لا يشارك في الرياضة الإفريقية فقط لرفع الكؤوس، بل ليُرسخ قيم التضامن والوحدة وتقاسم الخبرات. من خلال الأكاديميات المغربية التي تستقبل المواهب الإفريقية، ومن خلال دعم البنيات الرياضية في دول القارة، يُكرّس المغرب قيادته الهادئة في إفريقيا، ويحوّل الملاعب إلى مساحات تعاون وتنمية بشرية قبل أن تكون ساحات تنافس.
الرياضة المغربية اليوم هي عنوان لصورة جديدة للمملكة في العالم. صورة بلد شبابي دينامي، يعرف كيف يستثمر في طاقاته البشرية ويجعل منها رافعة للتنمية والانفتاح. من الملاعب الحديثة إلى الأكاديميات المتطورة، ومن التنظيمات الكبرى إلى المواهب الصاعدة، يتجسد النموذج المغربي في الإصلاح الهادئ والعمل المتقن. وفي زمن أصبحت فيه الصورة أداة دبلوماسية بامتياز، صارت الملاعب المغربية أفضل منصة لتعريف العالم بمغرب الإنجاز والثقة والاستقرار.
أما الجاليات المغربية المنتشرة عبر العالم، فقد منحت هذه الإنجازات بُعداً وجدانياً آخر. فكل انتصار رياضي وطني يتحول إلى مناسبة وطنية عابرة للحدود. من باريس إلى مدريد، ومن بروكسل إلى مونتريال، يحتفل المغاربة في الخارج كما لو كانوا في قلب الوطن، يرفعون الأعلام ويغنون للنشيد الوطني بدموع الفخر والانتماء. إنها دبلوماسية المشاعر التي لا تحتاج إلى بيانات رسمية، بل تُمارس بالعفوية والحب، فتجعل من كل هدف مغربي رسالة رمزية تربط الوطن بأبنائه في العالم.
وفي هذا السياق، يبرز احتضان المغرب المتكرر للتظاهرات الرياضية الكبرى كترجمة عملية للثقة الدولية في قدراته التنظيمية. من كأس العالم للأندية إلى كأس إفريقيا للأمم، وصولاً إلى الاستعداد لتنظيم كأس العالم 2030، يثبت المغرب مرة بعد أخرى أنه شريك موثوق وجدير بالاحترام الدولي. هذه البطولات لا تروّج للرياضة فقط، بل تُبرز مؤهلات المغرب السياحية والثقافية والبشرية، وتجعل من كل حدث رياضي منصة دبلوماسية تُعزز إشعاع المملكة عبر القارات.
وهكذا، تتجسد الرياضة المغربية اليوم كأداة ناعمة للدبلوماسية والاستقرار، تُعزّز مكانة المملكة كقوة هادئة تجمع بين الإنجاز والرؤية، وبين الطموح والحكمة. فالعالم يرى في التجربة المغربية نموذجاً فريداً للإصلاح المتزن، وللقدرة على تحويل الحلم إلى مشروع، والمشروع إلى إنجاز.
الرياضة في المغرب لم تعد مجرد لعبة أو تنافس، بل أصبحت لغة وطنية راقية تروي للعالم قصة بلد يصنع مجده بالإصرار، ويصدّر قيمه بالنجاح، ويقود شعوبه بالقدوة.
إنها الدبلوماسية الهادئة لبلد قوي بإيمانه، متوازن برؤيته، ومتوّج بإنجازاته.



