الرباط – كواليس
أعاد برنامج بثته قناة “أوروبا 1” الفرنسية خلال الأسبوع الجاري التأكيد على ما أصبح حقيقة دولية راسخة: المغرب ليس فقط واحة استقرار في محيط مضطرب، بل نموذج أمني متكامل يُدرّس في كبرى المدارس الاستخباراتية في العالم.
البرنامج، الذي استضاف شخصيات فرنسية وأوروبية بارزة من عالم الأمن والاستخبارات، توقف مطولاً عند الكفاءة العالية للأجهزة الأمنية المغربية، وعلى رأسها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني.
طبعا مثل هذا الكلام لا يمكن أن يأتي هكذا اعتباطا، خصوصا وأن التعاون الاستخباراتي بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية “أنقذ القارة الأوروبية من عمليات إرهابية خطيرة” في أكثر من مناسبة.
المتحدثون وصفوا التجربة المغربية بأنها “من بين الأكثر احترافية ودقة على مستوى العالم”، مشيدين بقدرتها على الجمع بين الصرامة الميدانية والذكاء الاستباقي، وهو ما مكّنها من تفكيك مئات الخلايا الإرهابية داخل المغرب وخارجه، وتقديم معلومات نوعية ساهمت في حماية أرواح الآلاف في أوروبا وإفريقيا بل وحتى في الولايات المتحدة.
سرّ التفوق المغربي في المجال الأمني يكمن في الرؤية المتبصرة التي جعلت من الأمن الوطني ركيزة أساسية في المشروع المجتمعي للمملكة، ليس فقط كجهاز للحماية، بل كأداة لبناء الاستقرار والتنمية. فالمقاربة المغربية تمزج بين الحزم الأمني، والوقاية الفكرية، والسياسة الاجتماعية الوقائية، في نموذج متكامل نال تقدير كبريات العواصم الدولية.
هذا ويبقى من المعلوم والثابت أن المغرب تجاوز مرحلة الدفاع إلى مرحلة الريادة، حيث أصبح مركزاً إقليمياً للتكوين والتعاون الأمني، ومصدراً للمعلومة الموثوقة التي تعتمد عليها وكالات استخبارات عالمية. فكل عملية ناجحة في أوروبا تقريباً، ضد الإرهاب أو الجريمة المنظمة، تمرّ في خلفيتها بصمة مغربية هادئة ودقيقة.
ويكفي أن ننظر إلى خريطة المنطقة لندرك أن الاستثناء المغربي في الاستقرار ليس صدفة، بل ثمرة عمل مؤسساتي منسق، وإيمان راسخ بأن الأمن ليس فقط سلاحاً، بل ثقافة وواجب وطني.
لقد أصبح المغرب الدولة التي تُصدّر الأمن للعالم كما تُصدّر القيم، دولة جعلت من الاستخبارات علماً، ومن الاستباق فلسفة، ومن حماية المواطن واجبا لا وظيفة فقط.
وهكذا، حين يتحدث العالم اليوم عن “بلد الأمن والأمان”، فإن المغرب لا يُذكر كمثال فقط، بل كمرجع دولي أساسي في المعادلة الأمنية العالمية.




