السعيد بنلباه
لم تمضِ سوى أيام قليلة على الزوبعة التي أثارتها قضية سجن الناشرة الجزائرية زينب مليزي، الشهيرة باسم سليمة، حتى انفجرت قضية جديدة تُعيد اسم ابتسام حملاوي، رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني ورئيسة الهلال الأحمر الجزائري، إلى واجهة الأحداث السياسية والإعلامية بالجارة الشرقية.
فبعد أن أمر قاضي التحقيق بمحكمة بئر مراد رايس بإيداع مليزي الحبس المؤقت يوم الخميس 30 أكتوبر 2025، على خلفية منشور فيسبوكي انتقدت فيه تسيير منظمات تشرف عليها حملاوي، تم الإفراج عنها بشكل مفاجئ يوم السبت فاتح نونبر، أي قبل موعد محاكمتها المحدد في 6 نونبر 2025. القرار فُهم على نطاق واسع كدليل على حجم النفوذ الذي تتمتع به هذه الأخيرة في دواليب القضاء والإدارة الجزائرية.
لكن قبل أن يهدأ الجدل، خرج المسؤول السابق للهلال الأحمر الجزائري بولاية سكيكدة، ياسين بن شطاح، بفيديو صادم بثّه من مكان مجهول، كشف فيه عن معطيات خطيرة تتعلق بمدى سلطة ابتسام حملاوي، مدعياً أنها تتلقى دعمها المباشر من الرئيس عبد المجيد تبون ومحيطه داخل قصر المرادية، وأنها تتدخل في ملفات قضائية وأمنية حساسة.
بن شطاح روى تفاصيل مروعة عن اعتقاله وتعذيبه من طرف عناصر الدرك ببئر مراد رايس، متهماً حملاوي بأنها أشرفت شخصياً على تعديل محاضر التحقيق، وهددته بعبارات مهينة أمام عناصر الأمن، بل وبصقت عليه داخل المحكمة متوعدة إياه بالسجن الطويل، وهو ما تحقق بالفعل بعد الحكم عليه بسنتين سجناً، إحداهما نافذة.
الصحفي عبدو السمار، المحكوم عليه بالإعدام في الجزائر والمقيم حالياً بفرنسا، تناول القضية في بث مباشر على قناته، متسائلاً بسخرية: «هل تحوّلت ابتسام حملاوي إلى كليوباترا الجزائر؟» في إشارة إلى نفوذها غير المحدود وصلاتها المعقدة داخل النظام السياسي والعسكري الجزائري.
القضية الجديدة، التي تشعل مواقع التواصل وتثير استياء الرأي العام الجزائري، تعيد طرح السؤال المؤلم: من يحكم فعلاً في الجزائر؟ القانون… أم شبكة النفوذ والولاءات التي تمسك بمفاتيح السجون والعدالة في آن واحد؟



