برعاية ملكية سامية.. ملتقى البودشيشية يصدر “إعلان مداغ حول الذكاء الاصطناعي”

اختتمت أشغال الملتقى العالمي للتصوف في دورته ال19، تحت شعار “التصوف ومآل القيم في زمن الذكاء الاصطناعي”، التي تنظمها، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الطريقة القادرية البودشيشية، ومؤسسة الملتقى، بشراكة مع المركز الأورو- متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، وبمشاركة العديد من الأساتذة الجامعيين والمفكرين والباحثين من مختلف أنحاء
العالم، بإصدار إعلان مداغ حول الذكاء الاصطناعي

ونبه الإعلان إلى التحول التكنولوجي الكبير، الذي يجعل البشرية أمام مسؤولية كبيرة تتطلب الوقوف مع الذات والتفكير في كيفية الاستفادة من هذه الأدوات بطرق تسهم في تحقيق الخير للإنسانية، مع تجنب الإضرار بها أو استغلالها لأغراض غير مشروعة.
ونبه الإعلان إلى أنه رغم الفرص الكبيرة للذكاء الاصطناعي، تبرز تحديات جديدة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية، والإنسانية في استخدام هذه التكنولوجيا، مؤكدين على ان الذكاء الاصطناعي، الذي بقدر ما يمكن أن يكون قوة عظيمة للخير والازدهار، يشكل خطورة على وجود النوع البشري، في حال استخدامه خارج دائرة القيم الأخلاقية الراسخة، التي تحمي إنسانية الإنسان.
وفي ما يلي نص إعلان مداغ حول الذكاء الاصطناعي:
ارتباطا بما يشهده العالم اليوم، من تطور هائل في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، التي أصبحت تؤثر بشكل متزايد على مختلف جوانب الحياة الإنسانية؛
وتفاعلا مع ما فتحته هذه التكنولوجيا من أبواب واسعة لتغيير نمط التصرف البشري، وعلاقته بالعالم الرقمي؛
واعتبارا للفرص الكبيرة للذكاء الاصطناعي، تبرز تحديات جديدة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية، والإنسانية في استخدام هذه التكنولوجيا؛
وأخذا بعين الاعتبار، تطور الذكاء الاصطناعي الذي جعله ليس مجرد أداة تقنية، بل مجالا يطرح أسئلة عميقة حول القيم التي يجب أن نلتزم بها في تطويره واستخدامه؛
وفي ظل التحول الكبير، نجد أنفسنا أمام مسؤولية كبيرة تتطلب منا الوقوف مع الذات والتفكير في كيفية الاستفادة من هذه الأدوات بطرق تسهم في تحقيق الخير للإنسانية، مع تجنب الإضرار بها أو استغلالها لأغراض غير مشروعة.
واستنادًا إلى تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، الذي يدعو إلى الإحسان والتزكية؛
وتماشيا مع المشتركات القيمية العالمية؛
واعتبارا لمسؤوليتنا تجاه أنفسنا، وتجاه مجتمعاتنا، وتجاه الأجيال القادمة، التي تفرض علينا التحلي بالمسؤولية الكاملة في التعامل مع هذه التكنولوجيا؛
واستشعارا لتحديات الذكاء الاصطناعي، الذي بقدر ما يمكن أن يكون قوة عظيمة للخير والازدهار، يشكل خطورة على وجود النوع البشري، في حال استخدامه خارج دائرة القيم الأخلاقية الراسخة، التي تحمي إنسانية الإنسان،
وانطلاقًا من روح التعاون التي يدعونا إليها ديننا الحنيف؛
نعلن، نحن، المجتمعين، في الدورة التاسعة عشرة، من الملتقى العالمي للتصوف، بالزاوية العامرة للطريقة القادرية البودشيشية، بمذاغ، في ضوء تشريف الله تعالى للإنسان بالعلم والعقل والمعرفة، مصداقا لقوله تعالى : “وعلم الإنسان ما لم يعلم”، وأن المعرفة فعل القلب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، مصداقا لقوله تعالى: “ولكن يواخذكم بما كسبت قلوبكم”،
وبناءً على المبادئ المستمدة من مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة التي تدعو إلى حفظ الكليات الخمس والحرص على الخير العام، نعلن عن ضرورة وضع أسس أخلاقية تحكم تطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بما يحقق رفعة الإنسان وخدمة المجتمع في إطار من المسؤولية والوعي، ونقر ما يلي:
1. القيم الأخلاقية وازع لمخاطر الذكاء الاصطناعي وانحرافته
“إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” الحديث إن كل تكنولوجيا تُطور يجب أن يكون وازعها القيم الأخلاقية، فلاىيجوز بأي حال من الأحوال استخدام الذكاء الاصطناعي للتعدي على حقوق الإنسان أو الإساءة إليه بأي صورة من الصور.
2. الحياد والانصاف:
إننا ملتزمون بتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تضمن الحياد والانصاف بين جميع الأفراد، دون أي تمييز بناءً على الجنس، العرق، الدين، أو الوضع الاجتماعي، وندعو مطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى استحضار مبادئ الإنصاف والمشترك الإنساني.
3. الشفافية والمساءلة:
إن استخدام الذكاء الاصطناعي يتطلب شفافية تامة في كيفية اتخاذ القرارات، ووضع آليات مؤسساتية وبنيات قانونية للمساءلة عن أي أخطاء أو انتهاكات تحدث نتيجة سوء استخدام الذكاء الاصطناعي.
4. حماية الخصوصية:
“ولا تجسسوا” (الحجرات: 12). يجب أن تلتزم أنظمة الذكاء الاصطناعي بحفظ خصوصية الأفراد وحماية بياناتهم من أي انتهاك أو إساءة استخدام، فلا يجوز جمع البيانات أو استخدامها إلا بما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على حقوق الأفراد.
5. التزكية والتطوير الأخلاقي:
“قد أفلح من زكاها” (الشمس: 9). إن تطوير الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم بروح التزكية، لجعل التكنولوجيا وسيلة لتحقيق الخير والإصلاح، وتجنب إلحاق الضرر بالمجتمع أو البيئة.
6. الاستدامة وحفظ الأمانة:
“إن الله يآمركم أن تؤدوا الآمانات إلى أهلها”(سورة النساء: 57)، استحضار البعد الائتماني الاستخلافي في استخدام الذكاء الاصطناعي، بطرق تحافظ على بقاء النوع البشري، والموارد الطبيعية وتساهم في الحفاظ على البيئة، بما يحقق مبدأ الاستدامة للأجيال القادمة.
7. التعاون من أجل الخير العام:
“وتعاونوا على البر والتقوى” (المائدة: 2). يجب أن يكون الهدف الأسمى للذكاء الاصطناعي هو خدمة الإنسان، وتحقيق التقدم العلمي بما يساهم في تعزيز رفاهية المجتمعات، ويعزز من القيم الإنسانية العليا، وبما يحفظ إنسانية الإنسان.

نعاهد الله ونعاهد أنفسنا على الالتزام بهذه المبادئ الأخلاقية المستمدة من شريعتنا الغراء والقيم العالمية، ساعين بذلك إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة الخير العام، آخذين بعين الاعتبار مسؤوليتنا أمام الله وأمام البشرية جمعاء.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني