في ظل الأزمة المتصاعدة التي يعيشها طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان في المغرب، تدخل “وسيط المملكة” بمقترح يهدف إلى التوصل لحل للنزاع القائم بينهم وبين الحكومة. جاء هذا التدخل بعد أشهر من الإضرابات والاحتجاجات التي أدت إلى شلل الدراسة في الكليات الطبية، نتيجة لقرار الحكومة تقليص مدة الدراسة من سبع سنوات إلى ست سنوات، وهو القرار الذي قوبل برفض واسع من الطلبة.
ويتضمن مقترح الوسيط حلين أساسيين. الخيار الأول يتمثل في “الحل السياسي”، الذي يسعى إلى تحقيق توافق بين الحكومة والطلبة حول قبول تقليص مدة الدراسة، على أن يشمل هذا التوافق تحديث المناهج الدراسية وتطويرها لتواكب المتطلبات الحديثة في سوق العمل، مع الحرص على الحفاظ على جودة التعليم الطبي. ويهدف هذا الحل إلى موازنة تقليص مدة الدراسة دون التأثير على معايير التكوين الطبي.
أما الخيار الثاني، فهو “الحل القانوني”، الذي يرتكز على مبدأ دستوري يقضي بعدم رجعية القوانين، ويستند إلى المادة السادسة من الدستور المغربي التي تنص على أن “القوانين لا تسري بأثر رجعي”. وفقاً لهذا المبدأ، يحق للطلبة الذين بدؤوا دراستهم وفق النظام القديم (مدة الدراسة سبع سنوات) إتمام مسارهم الدراسي حسب النظام الذي دخلوا عليه، دون إلزامهم بالتحول إلى النظام الجديد. وبالتالي، يقترح هذا الحل أن يطبق النظام الدراسي المحدد بست سنوات فقط على الطلاب الجدد الذين التحقوا بالكليات الطبية بدءاً من العام الأكاديمي 2023، مع حماية حقوق الطلبة الحاليين وعدم التأثير على خططهم الأكاديمية.
هذا التدخل يأتي في وقت حساس، حيث وصل الاحتقان بين الطلبة والحكومة إلى ذروته. فقد نفذ الطلبة سلسلة من الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية، كما نظموا إنزالات وطنية في العاصمة الرباط للمطالبة بالعدول عن قرار تقليص مدة الدراسة، معتبرين أن القرار يمثل “تهديداً لجودة التعليم الطبي في المغرب”. في المقابل، ترى الحكومة أن تقليص مدة التكوين ضرورة للتخفيف من النقص الكبير في الكوادر الطبية في المغرب، حيث تواجه البلاد طلباً متزايداً على الخدمات الصحية.
مقترح “وسيط المملكة” يحاول إيجاد أرضية مشتركة تضمن استجابة لمطالب الطلبة بالحفاظ على جودة التعليم والحقوق المكتسبة، في مقابل تلبية احتياجات النظام الصحي في المغرب. يبقى أن نرى ما إذا كان هذا المقترح سيلقى قبولاً لدى الطرفين وينهي الأزمة التي عطلت مسار آلاف الطلبة في كليات الطب.