في خطوة مثيرة للجدل، استضافت الجزائر وفدًا تابعًا لحركات كردية انفصالية في مخيمات تندوف، حيث تم رفع شعارات وعلم “روجافا” المؤيد لاستقلال كردستان بجانب علم جبهة بوليساريو الانفصالية. ووفقًا لصحيفة “العرب” اللندنية، فإن هذه الخطوة تهدف إلى استفزاز تركيا والرد على دعمها للمجلس العسكري الحاكم في مالي المناوئ للجزائر.
النشاط الذي نظمته جبهة بوليساريو يوم السادس من يناير الجاري، شهد مشاركة نشطاء أكراد عبّروا علنًا عن دعمهم لوحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية، وهي منظمات تصنفها تركيا كمجموعات إرهابية وتشن عمليات عسكرية ضدها بشكل مستمر.
وحصل الوفد الكردي على تأشيرة دخول إلى الجزائر وتصريح رسمي لزيارة مخيمات تندوف، التي تخضع لسيطرة الجيش الجزائري. هذه الخطوة تُظهر أن السلطات الجزائرية كانت على دراية بحساسية الموضوع، خاصة مع العلم أن تركيا لن تتغاضى عن استضافة نشطاء انفصاليين مناوئين لها، مما يجعل هذه التحركات تصعيدًا واضحًا.
تأتي هذه الخطوة الجزائرية كرد فعل على تعزيز تركيا وجودها في مالي، حيث زودت أنقرة المجلس العسكري الحاكم هناك بـ20 طائرة مسيّرة من نوع بيرقدار، في خطوة اعتبرتها الجزائر تجاوزًا لدورها التقليدي في مالي وإجهاضًا لاتفاق السلم والمصالحة الذي ترعاه منذ 2015. وقد قوبلت التحركات التركية بترحيب مالي واضح تجاه أنقرة وحلفائها، مثل روسيا والصين، مع تجاهل الجزائر تمامًا.
ويرى مراقبون أن استضافة الجزائر لنشطاء أكراد في تندوف بمثابة ردة فعل غير متكافئة مع الخطوة التركية، وهو تصعيد قد يجلب المزيد من العزلة للجزائر، خاصة إذا أدى إلى توتر العلاقات مع تركيا، التي تُعد واحدة من أكبر المستثمرين في الجزائر.
هذه الحادثة تعكس مرة أخرى ما وصفته الصحيفة بـ”العجز الجزائري عن التعامل مع الأزمات بمرونة”، حيث تلجأ السلطات إلى التصعيد غير المدروس بدلًا من الحلول الدبلوماسية. ووفقًا للصحيفة، هذا النهج أثبت فشله في ملفات عديدة، أبرزها التوترات المستمرة مع فرنسا وإسبانيا، والآن مع تركيا.
بهذه الخطوة، تسير الجزائر في اتجاه قد يزيد من عزلتها الدولية، خاصة مع تصاعد الانتقادات لسياساتها الخارجية التي توصف بأنها تفتقر إلى التوازن وتضر بالمصالح الوطنية. وفي ظل الظروف الحالية، يبدو أن التصعيد الجزائري مع تركيا لن يحقق أهدافه، بل قد يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي والدولي للجزائر.