في خطوة غير مسبوقة، قررت فرنسا فرض حظر دخول على عدد من المسؤولين الجزائريين، في مؤشر واضح على تزايد حدة التوتر بين البلدين. الإعلان الذي جاء على لسان وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، لا يحمل فقط بعدًا دبلوماسيًا، بل يعكس تحولًا جوهريًا في تعامل باريس مع الجزائر، بعد عقود من المجاملات الدبلوماسية والامتيازات الخاصة.
هذا القرار لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتيجة سلسلة من التراكمات التي عمّقت الخلافات بين باريس والجزائر، خاصة بعد رفض النظام الجزائري التعاون في قضايا الهجرة وإعادته لمواطنيه المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا. الجزائر، التي لطالما استغلت العلاقة الخاصة التي تربطها بفرنسا، بدأت تفقد تدريجيًا الامتيازات التي كانت تحظى بها، خصوصًا بعد تحولات في السياسة الفرنسية تجاهها.
الوزير الفرنسي لم يكشف عن هوية الشخصيات الجزائرية التي طالتها العقوبات، ولا عن عددهم، لكنه ألمح بوضوح إلى أن هذه الخطوة ليست سوى البداية، وأن هناك إجراءات أكثر صرامة تنتظر الجزائر إذا استمرت في تجاهل المطالب الفرنسية بالتعاون في الملفات الأمنية والمهاجرين.
باريس، التي كانت تتعامل بحذر شديد مع النظام الجزائري لاعتبارات تاريخية وسياسية، بدأت تتجه نحو نهج جديد يقوم على مبدأ المعاملة بالمثل. لم تعد فرنسا مستعدة لتحمل سياسات الجزائر المتعنتة، خاصة في ظل تزايد الضغوط الداخلية عليها بسبب ملف الهجرة، حيث تواجه الحكومة الفرنسية انتقادات حادة بشأن عدم قدرتها على إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية، وعلى رأسها الجزائر.
يبدو أن هذا القرار الفرنسي يفتح صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين. لم تعد الجزائر الشريك “المحصّن” من الإجراءات العقابية، ولم تعد فرنسا مستعدة لغض الطرف عن سياسات النظام الجزائري التي تتعامل مع باريس ببرود واستعلاء. الأيام القادمة ستكون كفيلة بكشف ما إذا كانت الجزائر ستتراجع عن موقفها، أم أن فرنسا ستمضي قدمًا في تشديد العقوبات، لتشمل مجالات أوسع، بما في ذلك خفض الامتيازات الاقتصادية والدبلوماسية التي طالما استفاد منها النظام الجزائري على مدى عقود.
📍 كواليس اليوم