في تحرك متأخر جاء بعد واحدة من أكبر الفضائح المعلوماتية التي هزت قطاع الحماية الاجتماعية بالمغرب، أعلنت مديرية المشتريات واللوجستيك بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن طلب عروض دولي مفتوح لاقتناء نظام متطور للحماية من تسرب البيانات (DLP)، في خطوة تهدف إلى احتواء آثار الاختراق المعلوماتي الخطير الذي تعرض له الصندوق مؤخرًا.
الطلب الذي حمل رقم 46/2025، يرتبط مباشرة بفضيحة تسريب معطيات حساسة تتعلق بتصريحات الأجراء، والتي وضعت المؤسسة في موقف محرج أمام الرأي العام، وأثارت موجة انتقادات واسعة حول هشاشة بنيتها الرقمية، واستهتارها السابق بأمن معلومات ملايين المنخرطين.
وفي الوقت الذي يمكن اعتبار هذا التحرك خطوة إيجابية لتدارك الخلل وتحصين النظام المعلوماتي مستقبلاً، إلا أن التحرك المتأخر لا يُعفي الإدارة الحالية من المسؤولية المعنوية والمهنية، خاصة أن مؤشرات الخطر كانت قائمة منذ سنوات، والقطاع يتعامل مع قاعدة بيانات ضخمة تخص الحياة المهنية والاجتماعية للمواطنين.
لقد كان من المفروض أن تكون هذه الاستثمارات الوقائية أولوية منذ البداية، لا أن تتحول إلى رد فعل بعد “وقوع الفأس في الرأس”، وهو ما يطرح تساؤلات مشروعة حول أسباب التأخر، ومآلات التحقيقات المفتوحة، ومصير المسؤولين الذين لم يتخذوا الإجراءات الوقائية في وقتها.
هذا الحدث يعيد إلى الواجهة الحاجة الملحة إلى إعادة هيكلة شاملة للمنظومات الرقمية الحساسة في الإدارات العمومية، ومأسسة ثقافة الأمن المعلوماتي، بعيدًا عن منطق رد الفعل والاستعجال بعد الكوارث.
فمن العبث أن نُسند حماية بيانات الملايين إلى أنظمة معلوماتية هشّة، ثم نتفاجأ بتسريبات مدمّرة كان بالإمكان تفاديها بتدبير استباقي ومهنية حقيقية.