الرباط: كواليس
في عز المعارك الوطنية المتواصلة لمكافحة الجريمة والإرهاب وتحصين البلاد ضد التهديدات الداخلية والخارجية، يخرج علينا من كندا أحد “المقيمين” المعروفين بميولاتهم العدائية ضد المغرب، ليعيد إنتاج نفس الاسطوانة المشروخة: “قال فلان لذاك، وذاك قال لفلان”، في محاولة بئيسة لإيهام الرأي العام المغربي بأنه يمتلك مفاتيح أسرار الدولة ومؤسساتها الأمنية الحساسة، وعلى رأسها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني والمديرية العامة للأمن الوطني.
فيديوهات لا تستند إلى وثائق ولا إلى وقائع ملموسة، بل إلى مخيلة خبيثة تحاول شحن متابعيه المُغفلين بأوهام التآمر، يعيد فيها هشام جيراندو تركيب مشاهد درامية زائفة، مليئة بالمؤثرات الصوتية والتعبيرات التمثيلية، لكنها خالية من أي مضمون حقيقي أو قيمة مضافة.
والمثير للسخرية أن هذه الفيديوهات باتت قائمة على نسق لغوي نمطي اختزالي، قائم على: “قال له”، و”قال لهم”، و”سمعت من مصدر قال لفلان”، مما جعل أحد المواطنين المغاربة يُعلق بسخرية: “كل فيديوهات جيراندو عبارة عن: قال قال قال لهذا وذاك قال لذاك… واش المغرب وصل لهاذ الدرجة؟”.
التساؤل في محله، ويكشف عمق الانفصام الذي يعيشه البعض حين يحاولون أن يُوهموا الناس بأنهم مطلعون على ما يدور في كواليس أجهزة أمنية يُشهد لها بالكفاءة والاحترافية على المستوى العالمي، فقط لأنهم يجلسون خلف شاشة في بلد بعيد، ويملكون الوقت لبث المقاطع اليومية على اليوتيوب.
وفي الوقت الذي تحقق فيه هذه الأجهزة الأمنية إنجازات ملموسة على الأرض، وتساهم بشكل فعال في حفظ أمن البلاد واستقرارها، نجد أن مثل هذه الأبواق لا تُنتج سوى الضوضاء والتشويش، في انسجام غريب مع حملات معادية تُشرف عليها جهات معلومة تراهن على هدم الثقة بين المواطن ومؤسساته.
لكن المغرب، بمؤسساته وشعبه، أكبر من أن تنطلي عليه هذه الحيل. فقد ولى زمن الخرافة، وبدأ عهد المحاسبة والبناء. وأول درس يجب أن يستوعبه أولئك الذين يتطاولون على رجالات الدولة، هو أن ما يزعجهم ليس الأشخاص، بل ما يرمزون إليه: الكفاءة، والنزاهة، والوطنية.
من يعيش في الخارج على تمويل مشبوه، لن يقنع الداخل، مهما أجاد “التمثيل”. لأن الوطن لا يفهم من وراء الكاميرا، بل يخدم من الميدان.