الأمن الوطني.. حصن الوطن في وجه الفوضى وغياب أخنوش

 

عرفت المملكة خلال الأيام الأخيرة موجة من الاحتجاجات التي تبناها ما بات يُعرف إعلامياً بـ”جيل Z”، والتي خرجت في بدايتها تحت شعارات اجتماعية مشروعة تتعلق بالتعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.

لكن سرعان ما انزلقت بعض هذه التحركات نحو العنف والتخريب، لتكشف مرة أخرى أن المغاربة، رغم غضبهم من السياسات الحكومية الفاشلة، يظلون متمسكين بمؤسساتهم الأمنية، باعتبارها الضمانة الكبرى لاستقرار البلاد وأمن المواطنين.

الوقائع الميدانية أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن الرهان الأساسي للمغاربة هو الحفاظ على سلمية التعبير عن المطالب، وفي المقابل التصدي للفوضى والانفلات.

مشاهد التخريب وإحراق الممتلكات العامة والخاصة في مدن مثل سلا وإنزكان ووجدة وتيزنيت، أيقظت في وجدان الرأي العام الوطني وعياً متجدداً بأن الأمن هو الحصن الحصين الذي لا غنى عنه، وأن بدونه لا يمكن التفكير في إصلاح التعليم ولا في تحسين قطاع الصحة ولا في أي مشروع تنموي.

من جهة أخرى، يظل السؤال الكبير مطروحاً: أين الحكومة من كل هذا؟ فالمغاربة يعرفون جيداً أن المؤسسات الأمنية تقوم بواجبها، لكنهم في المقابل يرون حكومة أخنوش غائبة، تكتفي بالفرجة أو لغة الخشب، عوض أن تنزل إلى الميدان وتتحمل مسؤوليتها السياسية في إيجاد الحلول للأزمات المتراكمة.

وإذا كان من الطبيعي أن يتمسك الشعب باستقراره، فإنه من غير المقبول أن تستمر الحكومة في تجاهل هموم الشباب والطبقات الفقيرة، لتترك الباب مفتوحاً أمام من يريدون الركوب على غضب مشروع لتحويله إلى فوضى مدمرة.

إن المغاربة يميزون بوضوح بين الدولة، التي يمثلها الملك باعتباره الضامن الأول لوحدة الأمة واستقرارها، وبين الحكومة التي تُحاسب على أدائها وتقصيرها. لذلك فإن الأصوات المطالبة بالمحاسبة يجب أن تتوجه إلى الحكومة داخل المؤسسات وصناديق الاقتراع، لا إلى الفوضى التي لا تخدم سوى أعداء الوطن.

إن الأحداث الأخيرة كانت جرس إنذار حقيقي: نعم هناك مشاكل عميقة في التعليم والصحة والتشغيل، لكن لا مجال لتهديد أمن الوطن. فالإصلاح لا يمكن أن يولد من رحم الفوضى، بل من خلال مؤسسات قوية وشرعية، وعلى رأسها الأمن الوطني الذي أثبت مرة أخرى أنه درع المغرب الصلب أمام محاولات التخريب.

الخلاصة أن ما جرى أظهر أن الأمن سيبقى دائما خط الدفاع الأول عن استقرار البلاد، وأن حكومة أخنوش مطالَبة اليوم قبل الغد بتحمل مسؤولياتها، لأن المغاربة اختاروا طريق الدولة والاستقرار، ولن يسمحوا بتحويل مطالبهم الاجتماعية إلى وقود للسيبة أو الفوضى.. وخراب يعصف بالجميع.

 

شاهد :

شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني