الرباط – كواليس
منذ لحظة تأسيسها، لم تكن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم مجرد مشروع رياضي عابر، بل كانت تجسيداً عملياً لرؤية ملكية بعيدة المدى، ترى في الرياضة وسيلة لبناء الإنسان قبل أن تكون ميدانا للفرجة. لقد تحولت هذه الأكاديمية، التي وُلدت من فكرة ملكية سامية، إلى قلب السردية الجديدة لكرة القدم المغربية، وإلى مصنع وطني يُنتج الأبطال ويزرع القيم في الأجيال الصاعدة.
إنها ليست مركزاً للتكوين فحسب، بل مدرسة وطنية للتميز، حيث يُصنع اللاعب المواطن، ويُربّى على الانضباط، والاحتراف، وروح الفريق. فهنا، لا يدرّب اللاعب على تسجيل الأهداف فقط، بل على حمل راية الوطن بشرف، وتجسيد صورة المغرب الطامح والمنفتح في ملاعب العالم.
من الرباط إلى الشيلي، بصمة الأكاديمية كانت حاضرة في كل لحظة مجد. فجيل أبطال العالم لأقل من 20 سنة هو نتاج مباشر لهذه المؤسسة الملكية، التي وضعت أسسها على منهج علمي صارم، يجمع بين التكوين التقني، التأطير النفسي، والتربية على القيم. النجاح الذي تحقق في مونديال الشباب لم يكن صدفة، بل حصيلة رؤية ملكية استباقية آمنت بأن الاستثمار في التكوين هو الطريق الأضمن إلى الريادة.
الأكاديمية تشتغل بمنطق دقيق يزاوج بين الرياضة والتعليم، بين اللياقة البدنية والتوازن الذهني، بين الموهبة والإصرار. كل مرحلة من تكوين اللاعب تمر عبر مسار مضبوط بالتقييم والمتابعة، مما يجعلها بيئة مثالية لاكتشاف وصقل المواهب. وهكذا، تحولت الأكاديمية إلى نموذج مغربي فريد في الإدارة الرياضية الحديثة، يتحدث عنها العالم العربي والإفريقي كمرجع في تكوين اللاعبين الشباب.
لكن القيمة الحقيقية للأكاديمية تتجاوز المستطيل الأخضر. فهنا يتجسد الوجه التربوي للرياضة كما تصوره جلالة الملك محمد السادس: الرياضة كرافعة للتنمية، ومجال لصناعة الإنسان المتكامل، القادر على حمل طموحات بلده بروح المسؤولية والانفتاح. كل لاعب يتخرج من الأكاديمية لا يمثل نفسه فقط، بل يحمل معه هوية مغربية متشبثة بالأصول، منفتحة على العالم، ومؤمنة بأن النجاح لا يُقاس بالموهبة وحدها بل بالعمل والالتزام.
في زمن أصبحت فيه الأكاديميات الرياضية مراكز لتسويق المواهب، اختار المغرب طريقاً مختلفاً: الاستثمار في الإنسان قبل النتائج. فالأكاديمية لا تلهث وراء الألقاب السريعة، بل تبني قاعدة صلبة لمستقبل طويل الأمد. إنها خزان دائم للمنتخبات الوطنية، تزوّدها بالأجيال الجديدة، وتضمن استمرارية النجاح بدل الاكتفاء بالفوز اللحظي.
واليوم، بعد سنوات قليلة من تأسيسها، أصبحت أكاديمية محمد السادس منارة عربية وإفريقية، بل ومؤسسة ذات صدى عالمي. العشرات من المنتخبات الإفريقية والعربية تستلهم نموذجها، فيما تتحول إلى أداة دبلوماسية رياضية ناعمة تعزز صورة المغرب كقوة صاعدة في إفريقيا والعالم العربي، قادرة على تصدير التجارب الناجحة في التكوين والإدارة الرياضية.
كل هدف يسجله لاعب مغربي تخرّج من الأكاديمية هو رسالة من الرباط إلى العالم: رسالة بلد آمن بأن المجد لا يُشترى، بل يُصنع في هدوء، بالعلم والانضباط والرؤية. وحين رفع أشبال الأطلس كأس العالم للشباب في الشيلي، رفعوا معها راية الأكاديمية التي صنعتهم، وقدّموا للعالم دليلاً مادياً على أن الرؤية الملكية لبناء الإنسان هي الطريق الأقصر نحو العالمية.
أكاديمية محمد السادس لكرة القدم اليوم ليست فقط مصنعاً للأبطال، بل مدرسة وطنية للكرامة والطموح والانتماء. منها انطلقت قصة نجاح مغربية حقيقية، تروي كيف يمكن لفكرة ملك أن تتحول إلى مشروع وطني، ثم إلى نموذج دولي. إنها التجسيد الأجمل لمقولة: “في المغرب، نصنع المجد ولا ننتظره.”




سلام عليكم ورحمه الله وبركاته انا بغيت نسجل ولدي كيف لي.
سلام أريد تسجل ابني في كورة قدام