الرؤية السامية التي تصنع الإنجاز.. حين تتحول توجيهات الملك إلى واقع يصنع المجد

 

الرباط – كواليس

في مشهد وطني رمزي، ترأس صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، بأمر من جلالة الملك محمد السادس نصره الله، حفلاً بالقصر الملكي بالرباط، أقامه جلالته على شرف المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة بعد تتويجه بكأس العالم في الشيلي. غير أن هذا الحدث لم يكن مجرد استقبال بروتوكولي لأبطال رياضيين، بل تجسيد عملي للرؤية الملكية السامية التي جعلت من الرياضة ركيزة لبناء الإنسان ومختبراً لقيم الوطنية والانضباط والاجتهاد.

منذ توليه العرش، وضع جلالة الملك محمد السادس الإنسان في قلب المشروع التنموي المغربي، وجعل من الشباب محوراً لكل السياسات العمومية، باعتبارهم الثروة الحقيقية للوطن ورهان المستقبل. هذه الفلسفة الملكية لم تبقِ حبيسة الخطابات، بل تحولت إلى مشاريع ملموسة في كل المجالات، وعلى رأسها المجال الرياضي، الذي عرف في ظل القيادة الملكية ثورة هادئة أعادت الاعتبار للتكوين، والبنيات التحتية، والاحتراف، والانضباط.

فاستقبال أشبال الأطلس بالقصر الملكي من طرف ولي العهد مولاي الحسن، بتكليف ملكي سامٍ، هو تعبير بليغ عن تقدير العرش للجهد الوطني، وعن العناية الملكية المستمرة بالمواهب الشابة التي تمثل طاقة الوطن ومصدر فخره. إنها رسالة ملكية واضحة: أن النجاح لا يولد من المصادفة، بل من العمل الدؤوب، والتكوين الجيد، والإيمان بالقدرات الوطنية.

بهذه اللفتة الكريمة، أراد جلالته أن يُكرّم جيلًا يجسد ثمرة رؤيته الرياضية البعيدة المدى، جيل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم الذي انتقل من التكوين إلى التتويج، ومن الحلم إلى المجد العالمي. فحين يُستقبل هؤلاء الأبطال في القصر الملكي، فالمعنى أعمق من الاحتفاء: إنها رسالة إلى كل شاب مغربي بأن الاجتهاد يجد التقدير، وأن المثابرة تصنع الاعتراف، وأن الطريق إلى القصر لا يمر عبر الحظ، بل عبر العمل.

هذه الرؤية الملكية السامية جعلت من الرياضة جزءاً لا يتجزأ من المشروع المجتمعي للمملكة. فالملك يرى في الرياضة مدرسة لتكوين المواطن الصالح قبل أن تكون مجالاً للتنافس. في خطبه ورسائله، ربط جلالته دوماً بين التفوق الفردي والمصلحة الجماعية، معتبراً أن كل إنجاز رياضي هو ترجمة عملية لسياسة عمومية تضع الإنسان في صلب التنمية. فالرياضة في نظره رافعة للانضباط، وروح المبادرة، والانتماء للوطن، ومدخل لترسيخ القيم الإيجابية في نفوس الأجيال الصاعدة.

إن استقبال ولي العهد للأبطال الشباب لم يكن حدثاً عادياً، بل تتويجاً لمسار ملكي متبصر، رسّخ على مدى عقدين فكرة أن الرهان الحقيقي هو على الشباب. ففي كل مبادرة ملكية، من دعم التعليم والتكوين المهني، إلى إطلاق برامج الرياضة للجميع، إلى تطوير الأكاديميات الرياضية، نجد الخيط الناظم ذاته: الثقة في طاقات الشباب المغربي.

وهكذا تحوّل هذا الحفل بالقصر إلى احتفال رمزي بمستقبل الوطن، حيث لا يستقبل القصر لاعبين فقط، بل يستقبل طموح جيل بأكمله. فيهم يرى الملك الرهان على الغد، وفي نجاحهم يرى برهان صواب الرؤية الملكية التي جعلت من الرياضة أداة للتنمية، لا ترفاً زمنياً.

كما أن هذا الحدث يجسد اللحمة الوطنية الدائمة بين العرش والشعب، حيث يتحول النجاح الفردي إلى فخر جماعي، ويصبح الإنجاز الرياضي رمزاً لوحدة الشعور الوطني. فمن القصر الملكي إلى الشوارع التي احتضنت فرحة المغاربة، يتجلى بوضوح أن المغرب يعيش وحدة وجدانية حقيقية بين القيادة والشعب، قوامها الثقة، والتقدير، والتفاعل الإنساني العميق.

إن الرسالة التي حملها هذا الاستقبال الملكي واضحة: في مغرب محمد السادس، لا مكان للأعذار، بل مساحة واسعة للفرص. من يجتهد يجد الدعم، ومن يتفوق يجد التقدير. المغرب اليوم أرض تصنع النجاح ولا تنتظره، وطن يؤمن بأن المستقبل يُبنى بسواعد شبابه وإصرارهم.

وفي عمق هذه الصورة، يقدم جلالة الملك درسا بليغاً في القيادة الإنسانية: أن القائد الحقيقي لا يكتفي بالتصفيق للنجاح، بل يصنع بيئته. وأن القيم التي تنتج البطولة – المثابرة، الانضباط، التضحية – هي ذاتها القيم التي تبني الوطن. فحين يمدّ ولي العهد يده ليصافح الأبطال الشباب، فإنها مصافحة رمزية بين الدولة وجيل المستقبل، بين رؤية ملكية تصنع المجد، وشباب يكتبون فصوله بعرقهم وإصرارهم.

لقد أثبتت هذه اللحظة أن الرؤية السامية لجلالة الملك محمد السادس ليست مشروعاً للمستقبل فقط، بل واقعاً يصنع الحاضر، وأن كل إنجاز مغربي، من الميدان إلى القصر، هو ثمرة فكر ملكٍ لا يؤمن بالمستحيل، بل يحوّله إلى حقيقة وطنية.


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني