التعايش مع التغيير في الحياة العامة

 

بقلم : محمد حسيكي

 

يقصد بالتغيير التحول في النظام العام من الحياة،، قد يشمل الطبيعة من التغير المناخي، والمدار الزمني من العمل بالتوقيت اليومي المتحول من الفصل الموسمي إلى المدار المستمر، المتغير من النشاط البشري، بديلا عن التوقيت من المدار الطبيعي، وأساسا التغيير في الحياة البشرية المطبوع بالإيجابية على حياة الفرد والمجتمع .

التغيير في الحياة البشرية :

يعوذ التغيير في الحياة البشرية، إلى بداية التاريخ، من العمل بالنظام الشمسي، وهو تاريخ دوران الأرض حول نفسها من نظام شمسي داخل النظام الفضائي، إلى تقويم شمسي خاص باليابسة، منفصل إلى متصل بالنظام الفضائي .

وهذا التغيير لم يأتي من لا شيء، بل أتى من تحول فكري، صنف ما قبله، إلى ما قبل بداية التاريخ، والعمل من بداية التاريخ جاء للبشرية بالإنسان العاقل، الذي تطور فكريا من حياة الفطرة التي سادت قبل الدين، إلى حياة الرشد من العقل التي سادت بالدين، الذي وازن بين ثوابت الحياة الشرعية، ومتغيرات العمل العلمية .

التغيير الاجتماعي :

عرفت المجموعة الدولية التغيير بدءا من العهد الدولي، الذي جاء بنشأة المنظومة الأممية، وما يلف لفها من المنظمات الدولية، التي حررت العديد من المجموعات البشرية من العبودية والاسترقاق، والمجتمعات المتدينة من ربق الاستعمار، وإلحاقها بركب المجتمع الدولي، الذي نبذ الهيمنة الدولية القائمة بالقوة، على المجموعات البشرية المغلوبة، وإلحاقها بركب السيادة الاجتماعية والمكانة الدولية

التغيير في ركاب العالم الثالث :

حضور العالم الثالث في المصطلح الدولي، جاء بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، التي صنفت العالم إلى معسكرين : قائمين على مبادئ السلام العالمي، حليفين من المبادئ الدولية، متعارضين من الوجهة الديمقراطية بالساحة الدولية، على شاكلة الأغلبية والمعارضة في النظام الديمقراطي .

ومن المعسكرين، انبثق معسكر عدم الانحياز، وهو المعسكر الذي اعتزل بالعالم الثالث الصراع، وتبنى سياسة الوفاق الدولي من التبعية والتحرر، ومناهضة العنصرية التي شغلت السياسة الدولية .

وتصنيفات العالم وقتها: هي البلدان الرأسمالية، القائمة على المشاريع الاستثمارية، نخص منها مشروع مارشال الخاص بتعمير أوروبا، والبلدان ذات التوجه الصناعي، التي اعتمدت الديمقراطية العمالية، والبلدان الزراعية التي اعتمدت سياسة الاستثمار الفلاحي، وتحسين مستوى عيش السكان، وهي البلدان التي يجري عليها اسم العالم الثالث، وقد اتخذت لنفسها مسارا دوليا اعتمد على مبادئ عدم الانحياز، القائمة على المبادئ الأممية، خدمة للاستقرار العالمي .

ومن الوجهة الدولية، تنتمي أغلب بلدان العالم الثالث إلى البلدان المستقلة، التي انخرطت بالعضوية من المنظومة الدولية من وجهة سيادتها الاجتماعية .

التغيير بالمجتمع :

يستمد هذا التغيير بالمجتمع، من الحقبة التاريخية التي انتقل فيها المغرب من بلد محمي، ومن نظام دولي، إلى بلد مستقل، وموحد، تغير فيه توجه الحكم من نظام سلطاني قائم على الشرع الديني، إلى نظام ملكي معاصر، يسير على درب المواكبة الدولية، التي تفتح الآفاق للفرد والمجتمع بالحياة الكريمة .

وفي ظل التغيير الاجتماعي، تحولت الكتلة الوطنية، إلى هيئات حزبية، تستمد أرضيتها من الساحة الاجتماعية، واتخذت المبادئ الدستورية، وديمقراطية السلطة أساسا للمشاركة في الحكم .

وعن طريق الاصلاحات الدستورية، تم التوافق بين السلطة والأحزاب، على مراجعة طرق المواجهة، والعمل بنهج المرونة في تسيير الشأن العام .

والمغرب من خطواته الأولية في تدبير الشأن الاجتماعي، اقتدى في علاقته الخارجية بالتعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، والانفتاح العملي على المؤسسات الدولية، وتوثيق العلاقة مع البلدان التي تدعم الاستقرار، الذي ينشده الفرد داخل المجتمع، سواء اشتغل من وسطه الاجتماعي، أو وجد الشغل بالمجتمع الدولي .

التغيير في حياة الأسرة والفرد :

من عهود الآباء والأجداد، عاش الفرد الحياة المتوارثة أبا عن جد، من انكماش الحياة الاجتماعية وقتها على ذاتها، وبعد الاستقلال خرج الفرد من ظل الحياة الأسرية، إلى ظل الحياة الاجتماعية، ومنها لمس التغيير في المستقبل من منهجية التعليم والتكوين، والتحول في مجال الصحة والحماية الاجتماعية، والتناوب على السلطة في إطار المشاركة الديمقراطية، والتدرج في مجال الإعلام والتواصل الذي تطور من حق التعبير والحريات العامة، إلى حماية الخصوصية للفرد، وتحول عطاؤه من ناشط حقوقي إلى مؤثر اجتماعي . فضلا عن الإصلاح الاجتماعي الذي لامس حياة الأسرة من مراجعة اجتهادات الشرع الذي لائم مدونة الأسرة مع التحول الاجتماعي، والاستجابة لمجريات الحياة العامة، ومتطلبات الجالية المغربية المقيمة بالخارج .

ومن الانعكاسات الايجابية في الحياة الأسرية، تطور حفل إقامة الأعراس المغربية، من يد الرجل إلى يد المرأة، التي تطور نشاطها من البيت إلى الساحة الاجتماعية، التي اكتسبت منها الندية في العمل إلى جانب الرجل .

ومن وجهة بناء الأسرة الاجتماعية، خلعت عنها ستار البيت، وأصبحت تعرب عن نفسها في خيار شريك حياتها، ومن ذاك الخيار، كسرت حاجز الصمت الذي كان سميتها من وسط الأسرة .

وعلى مسار ذاك التغيير، اكتسب العرس المغربي إشعاعا اجتماعيا، وانتقل إحياء حفل الزفاف المغربي، الذي كان يجري في أجواء تقليدية من بيت الاسرة، إلى قاعة الأفراح، في أجواء عائلية زوجية من طابع اجتماعي .

ومن هذا التغيير الاجتماعي الذي يجري في ركاب دولي، أصبح الجد يدرك من الواقع المعاش مدى جدية التحول والتغيير المتسارع في حياته، من حياة المجتمع ومن التطور الحاصل في العلاقة الاجتماعية مع الأبناء، وإن لم يجد بدا من التعلم مع الأحفاد .

وهكذا إن بدا التغيير بالأرض من بداية التاريخ بالسنة الشمسية، فإن وصول الإنسان صعد إلى الفضاء، والتواصل منه عن بعد، قد غير موازين التاريخ، بالانتقال من العمل الأرضي بالسنة الشمسية إلى العمل من الفضاء بالسنة الضوئية .

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني