أتحف الفنان نعمان لحلو، أمس السبت بمراكش، جمهور المهرجان الوطني للفنون الشعبية بباقة من أغانيه التي تتغنى ببهاء المدن المغربية وجمالها وتحمل في ثناياها قضايا إنسانية عميقة.
وتأتي هذه السهرة، التي احتفت بالفنان وكاتب الكلمات والملحن والمغني نعمان لحلو، في إطار تقليد “ليلة النجوم” التي دأبت إدارة المهرجان على الاحتفاء من خلالها في كل دورة برمز من رموز الأغنية العربية، كما هو الحال سابقا مع الراحل عبدو الشريف والفنان التونسي لطفي بوشناق.
وقد تميز هذا الحفل التكريمي الرائع، الذي حج إليه جمهور غفير من كافة الأعمار وغصت به جنبات قاعة قصر المؤتمرات الضخمة، بحضور وجوه مرموقة من كل مشارب المجالات الإبداعية، وفي مقدمتها شاعر أغنية “بلادي يا زين البلدان” و”مراكش يا بهجة الأيام”، محمد الصقلي، والمطرب فؤاد الزبادي والمايسترو أحمد شرقاني والممثل الكوميدي حسن فلان، فضلا عن شخصيات جمعوية وإعلامية وعلمية.
“بلادي يا زين البلدان”، التي تثمن كرم وضيافة المغرب وجمال جباله وشطآنه وتصف نخوة ولطف ناسه، كانت أول أغنية استهل بها أصيل فاس الفنان نعمان هذه السهرة البهية في رحلة تغوص في خصوصيات المدن المغربية.
وببراعة أكدتها الأنامل الذهبية لعازفي الأوركسترا بقيادة المايسترو والباحث منتصر حمالة، قدم نعمان لحلو أغنية “وزان” التي تتغنى بالمكانة الروحية والتاريخية للمدينة، وأغنية “الغزالة زاكورة” التي تبرز جمال صباحها ورونق واحاتها، في عمل فني رائع يشهد على تمكن الفنان من الجمع بسلاسة وإبداع كبير بين تراث منطقة درعة مثل “الركبة” و”الرسمة”، والموسيقى العالمية.
واستمتع الجمهور خلال هذا السمر بأغنية “تافيلالت” التي يرصد من خلالها نعمان لحلو عراقة المنطقة وقيم أهاليها المتمثلة في الوئام والحب والسلام، وأغنية “مراكش يا بهجة الأيام” التي تتطرق لما تمتاز به المدينة الحمراء والمناطق المحيطة بها من عطايا طبيعية ومن فرحة تغمر أهلها وزوارها على الدوام.
ولم يفت الفنان المغربي فرصة ملاحقة أسرار وألغاز مدينة البوغاز من خلال أغنية “أي سر فيك يا طنجة” التي تحكي قصص من زارها فظل قلبه متعلقا بها، و التي تسلط الضوء أيضا على حضارتها التي توحد كل الثقافات وتلغي الحدود.
وتعبيرا مرة أخرى عن رؤيته النقدية لأحوال المدن العتيقة بالمغرب، أدى نعمان لحلو أغنية “المدينة القديمة” التي يعالج فيها وضع المدينة العتيقة لفاس بالمقارنة مع الماضي، متطرقا في نص سردي آخر عنوانه “دار العربي” يحكي بعض أحوال المدن العتيقة ومعاناتها مع طمس الهوية.
وعلى إيقاعات فن الركادة ونغم “القصبة” الشرقية، قدم الفنان المحتفى به أغنية “مليح مليح”. كما قدم أغنية “يا شفشاون يا نوارة” متغنيا فيها بالأدوار الطلائعية لأسماء بصمت مدينة شفشاون، سيما مولاي علي بن راشد والسيدة الحرة.
وتميز هذا الحفل التكريمي بتقديم المهرجان للمحتفى به درعا تذكاريا عرفانا لإسهاماته الفنية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالقضايا المجتمعية والإنسانية.
وبهذه المناسبة، أكد مدير المهرجان ورئيس جمعية الأطلس الكبير، محمد الكنيدري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الليلة احتفت بالفنان الكبير نعمان لحلو، الذي أعطى الكثير للأغنية المغربية الوطنية الملتزمة، مبرزا أن “العود الذي أهدي لنعمان، هو تعبير عن المكانة التي تتميز بها هذه الآلة بالنسبة للمحتفى به، وعن مكانتها في الحضارة العربية و الإسلامية”.
وفي تصريح مماثل، أعرب الفنان نعمان لحلو عن سعادته لكونه حظي بالتكريم خلال الدورة الـ53 من المهرجان الوطني للفنون الشعبية، داعيا إدارة المهرجان إلى “الاستمرار على هذا النهج وتكريم كل الرواد المغاربة” من أجل منحهم دفعة قوية وتسليط الضوء على أعمالهم المميزة.
من جهته، عبر المايسترو أحمد شرقاني، الذي وزع موسيقيا العديد من أغاني المحتفى به، في تصريح مماثل، عن سروره لحضور حفل تكريم “هذا الفنان المتشبث بالأصالة والهوية المغربية، من خلال دفاعه عن الطبوع والمقامات واللغة المغربية الراقية”.