تحليل إخباري: انتخاب المغرب نائبا لرئيس الأنتربول يكرس مكانته كقوة أمنية عالمية

تتويج المغرب بمنصب نائب رئيس الأنتربول عن قارة إفريقيا ليس مجرد اعتراف بكفاءة الأجهزة الأمنية المغربية، بل هو خطوة تعزز مكانة المغرب كلاعب أساسي في مشهد الأمن الدولي، وتُبرز ريادته في مجال التعاون الأمني الإقليمي والعالمي. هذا الحدث الهام يعكس ثقة المجتمع الدولي في التزام المملكة الراسخ بمكافحة الجرائم العابرة للحدود واحترافية أجهزتها الأمنية، ويأتي في إطار استراتيجية واضحة تسعى إلى توطيد التعاون الأمني جنوب-جنوب، وهي رؤية أطلقتها القيادة المغربية منذ سنوات.

المغرب وكفاءة أجهزته الأمنية
انتخاب والي الأمن محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية، لتمثيل المملكة في هذا المنصب المرموق، يؤكد الحضور الفعّال للأجهزة الأمنية المغربية في المحافل الدولية. ويعد الدخيسي من الكفاءات الأمنية التي ساهمت في تطوير سياسات استباقية وفعالة في مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، مما عزز ثقة دولية متزايدة في قدرات المغرب الأمنية. ويأتي هذا الإنجاز تحت إشراف عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، الذي عمل بدوره على ترسيخ مبادئ الأمن التشاركي والتعاون الدولي متعدد الأطراف.

التعاون الأمني جنوب-جنوب: رؤية استراتيجية
يرتكز ملف ترشيح المغرب على رؤية شاملة وواقعية لمفهوم الأمن، تنطلق من توجيهات ملكية سامية جعلت من التعاون جنوب-جنوب خياراً استراتيجياً. وتستند هذه الرؤية إلى قناعة بأن تحقيق الأمن الإقليمي يتطلب تعزيز قدرات الأجهزة الشرطية في إفريقيا، وتبادل التجارب والخبرات، مما يساعد في مكافحة التهديدات المتزايدة، مثل الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.

وتعكس هذه الرؤية فهماً عميقاً للواقع الإقليمي، حيث يشكل المغرب جسراً بين القارتين الإفريقية والأوروبية، ما يضعه في موقع استراتيجي يمكنه من لعب دور مركزي في منع تدفق الجريمة المنظمة نحو القارة الأوروبية، وتحصين القارة الإفريقية نفسها من شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات والإرهاب.

دور المغرب في مكافحة التهديدات الحديثة
يرى المغرب، من خلال شغله هذا المنصب، ضرورة تعزيز التنسيق بين المكاتب المركزية الوطنية للأنتربول في الدول الإفريقية ودول العالم الأخرى، لضمان استجابة سريعة وفعالة للتحديات الأمنية. وبالإضافة إلى ذلك، يتطلع المغرب إلى المساهمة في مكافحة التهديدات غير النمطية، مثل الاستغلال غير المشروع للتكنولوجيات الحديثة والذكاء الاصطناعي من قِبل جماعات الجريمة المنظمة. ولطالما اعتمدت الأجهزة الأمنية المغربية سياسات استباقية في التعامل مع هذه التهديدات، من خلال تكوين كوادرها الأمنية وتطوير نظم حديثة تواكب التحديات الرقمية المستجدة.

تأكيد لالتزام المغرب بالتعاون الدولي
هذا الانتخاب بالأغلبية الساحقة من قِبل ممثلي 96 دولة عضو يُبرز التزام المغرب بالتعاون الدولي، وحرصه على بناء شراكات وثيقة مع الأجهزة الأمنية العالمية. وقد شهدت الدورة الحالية للجمعية العامة للأنتربول، المنعقدة في غلاسكو، مشاركة وفد مغربي رفيع المستوى بقيادة عبد اللطيف حموشي، حيث تم التباحث مع عدد من الدول حول تعزيز العمل الشرطي المشترك وتبادل المعلومات.

تسعى المملكة، عبر هذا التعاون، إلى تقديم نموذج إفريقي يحتذى به في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي، وتقديم دعم لوجستي ومعلوماتي للدول الإفريقية الشقيقة لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة.

الأنتربول ودور المغرب في المستقبل
إن انتخاب المغرب لهذا المنصب يعزز مكانته داخل الأنتربول، ويتيح له فرصة فريدة للتأثير على القرارات الأمنية الدولية، والمشاركة في وضع استراتيجيات جديدة تعزز الأمن والاستقرار عبر القارات. ويضع هذا الإنجاز المغرب في موقع متقدم للمساهمة في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الجرائم المنظمة العابرة للحدود، ويعزز صورته كشريك موثوق ضمن المنظمة الدولية التي تمثل أكبر شبكة للتعاون الشرطي في العالم. كما أنه اعتراف دولي بدوره الريادي في تعزيز الأمن الإقليمي والدولي، وهو تكريس لمكانته كقوة أمنية موثوقة في محاربة التهديدات المتجددة والمتطورة. ويمثل هذا الحدث نقلة نوعية في دور المغرب على الساحة الأمنية العالمية، حيث يستطيع الآن، من خلال موقعه الجديد، تعزيز التعاون مع دول العالم ودعم قدرات إفريقيا في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة.

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني