سليم الهواري
كشفت استطلاعات للرأي الفرنسي مدى خبث نظام مستبد بالغ في ترويج سلعة سياسية تعود الى العهد البلشفي، بعد التخبط المكشوف الذي بات يعيشه النظام الجزائري إزاء بوادر الحراك الذي انطلقت شرارته من مواقع التواصل الاجتماعي عبر هاشتاغ «مانيش راضي»، وكان الرئيس المزور التبون قد لجأ إلى استخدام « العفو الرئاسي » على المحبوسين ومنهم الكاتب بوعلام صنصال، معتقدا أن ذلك سيسهم في تهدئة الأوضاع السياسية الملتهبة في البلاد، و مع ماما فرنسا في نفس الوقت، غير أن هاته الحيلة توقفت فجأة، بعدما فضحت وسائل اعلام دولية ان خرجة التبون كان الهدف الوحيد منها، هو إرضاء فرنسا حتى ولو كلف ذلك الافراج عن الاف المحبوسين الجزائريين…
وفي تفاصيل استطلاعات، أجراه معهد CSA لشبكة CNEWS ذات التوجهات اليمينية المتشددة، يعتبر 66% من الرجال، و67% من النساء، أن – السيل بلغ الزبى – وعلى هذا الاساس يجب وقف الهجرة من الجزائر. فيما يتعلق بعمر المشاركين، فإن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 50 عاما وأعلى هم الأكثر إجابة بـ“نعم” على السؤال الذي طرحه المعهد (76%). وبالنظر إلى الفئات الاجتماعية والمهنية، يعتقد 70% من الأشخاص غير النشطين أن الهجرة من الجزائر يجب أن تتوقف.
ووسط أجواء التوتر المستمر في العلاقات الجزائرية-الفرنسية، تصاعدت الأحداث في الأيام الأخيرة، مع قيام باريس بتوقيف عدد من المشتبه في تحريضهم على الإرهاب، شدد وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، إنه يؤيد وضع حد للاتفاقية الجزائرية لسنة 1968 التي تنظم تنقل المواطنين الجزائريين وعائلاتهم وتشغيلهم وإقامتهم في فرنسا وفق قواعد لا تتقيد بالقانون العام.
يذكر، انه في تسارع مثير للأحداث، طالب عميد المسجد الكبير في باريس شمس الدين حفيز في نهاية خطبة البارحة الجمعة من الأئمة التابعين للمسجد الدعاء لفرنسا في نهاية خطب الجمعة، وذلك في وقت تستعد فرنسا لإنهاء نظام استقدام الأئمة من دول أجنبية هي تركيا والجزائر والمملكة المغربية، وفي رسالة وجهها الخميس إلى 150 إماما تابعين للمسجد الكبير، طلب حفيز منهم “تلاوة أدعية باللغتين العربية والفرنسية في نهاية خطبة كل يوم جمعة”. وأكد أنه سيولي “اهتماما خاصا بتنفيذ هذا الطلب”، وفق ما أوردته وكالة فرانس برس.
وكان الدعاء المقترح هو “اللهم احفظ فرنسا وكل شعبها ومؤسسات الجمهورية واجعل فرنسا بلدا آمنا مطمئنا تتعايش فيه كل الجالية الوطنية بمختلف فئاتها وطوائفها في أمن وسلام”. وقد ألقاه الإمام الخطيب في مسجد باريس ضمن الأدعية بعد خطبة الجمعة، وأضافت الرسالة أن ديانات أخرى كرست أدعية لفرنسا في إطار الطقوس “منذ سنوات عديدة”.
ليبقى التساؤل الذي حير الراسخون في العلوم السياسية، كيف تحول مسجد باريس بقدرة قادر، من مقر المخابرات الإرهابية في قلب باريس، بين عشية وضحاها، الى حمل وديع، يدعو – من القلب الصافي- الى الدعاء من أجل ان يحفظ الله جمهورية ” ماما فرنسا العلمانية ” تماشيا مع مقولة ” فهم تسطا”…