عبد اللطيف حموشي: رجل الثقة في معادلة الأمن الدولي

 

تشكل زيارة المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، السيد عبد اللطيف حموشي، إلى مدريد، حيث عقد جلسة عمل مع نظيريه الإسباني والألماني، خطوة استراتيجية تعكس المكانة المحورية للمغرب في المنظومة الأمنية الدولية. هذا الاجتماع لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل كان محطة لتعزيز التنسيق الأمني بين الدول الثلاث، استعداداً للاستحقاقات الكبرى المقبلة، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم 2030، فضلاً عن مناقشة التحديات الأمنية المشتركة.

 

الأمن الرياضي في صلب المحادثات: نحو نموذج متكامل لتأمين كأس العالم 2030

لم يكن اختيار محور تأمين كأس العالم 2030 في صلب النقاشات محض صدفة، بل يعكس وعياً متزايداً بأهمية الأمن في إنجاح التظاهرات الرياضية العالمية. التجارب السابقة أظهرت أن أي اختلال أمني خلال الأحداث الرياضية الكبرى يمكن أن تكون له تداعيات كارثية، سواء على مستوى سلامة المشجعين أو على سمعة الدول المنظمة.

في هذا السياق، أبدت ألمانيا، التي تمتلك خبرة كبيرة في تنظيم تظاهرات رياضية ضخمة، استعدادها لتقديم دعم لوجستي ومعرفي في مجال الأمن الرياضي، انطلاقاً من تجربتها في تأمين كأس العالم 2006 وكأس أوروبا 2024. بالنسبة للمغرب، فإن الاستفادة من هذه التجربة، إلى جانب التنسيق مع إسبانيا، يشكل فرصة لتطوير منظومة أمنية متكاملة تضمن تجربة آمنة للمشجعين والمنتخبات على حد سواء.

المغرب، الذي أظهر في السنوات الأخيرة كفاءة أمنية عالية في إدارة الحشود وتأمين التظاهرات، لن يكون مجرد متلقٍ للخبرة، بل شريكاً أساسياً في صياغة استراتيجية أمنية حديثة. فالخبرة المغربية في مكافحة التهديدات الإرهابية والتنسيق الأمني تجعل من المملكة فاعلاً رئيسياً في هذا المجال.

 

أمن أوروبا من الجنوب: المغرب كحليف استراتيجي في مكافحة الجريمة والإرهاب

إلى جانب التحضير لكأس العالم، تطرق الاجتماع إلى قضايا أمنية ذات أبعاد دولية، من بينها مكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر والإرهاب، وهي تحديات مشتركة تهدد أمن منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا بشكل عام.

في هذا السياق، يشكل المغرب لاعباً رئيسياً في الحفاظ على استقرار المنطقة، حيث أضحى شريكاً موثوقاً للاتحاد الأوروبي في ملفات أمنية حساسة. فموقعه الجغرافي كجسر بين أوروبا وإفريقيا، إلى جانب خبرته في محاربة الإرهاب والتطرف، جعلاه حليفاً لا غنى عنه في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.

إسبانيا، باعتبارها أول نقطة عبور نحو أوروبا، تدرك أهمية المغرب كشريك استراتيجي في التصدي للهجرة غير الشرعية والشبكات الإجرامية. وعلى نفس المنوال، فإن ألمانيا، التي تواجه تحديات أمنية داخلية مرتبطة بالتطرف العابر للحدود، تدرك أن نجاح سياسات الأمن الأوروبي يعتمد على التنسيق مع دول الجوار، وعلى رأسها المغرب.

يأتي هذا الاجتماع ليؤكد مجدداً الدور المحوري الذي يلعبه عبد اللطيف حموشي في تعزيز التعاون الأمني الدولي. فالرجل، الذي يقود جهازين أمنيين رئيسيين في المغرب، يُنظر إليه كشريك موثوق به في الأوساط الأمنية الأوروبية، نظراً لقدرته على تحقيق التوازن بين الحزم في مواجهة التهديدات الأمنية، والانفتاح على الشراكات الاستراتيجية.

حموشي ليس مجرد مدير للأمن، بل مهندس استراتيجيات أمنية معترف بها دولياً، وهو ما تعكسه الاجتماعات المستمرة التي يعقدها مع قادة الأجهزة الأمنية في أوروبا وأمريكا، سواء في باريس، مدريد، أو واشنطن. هذا الحضور الدولي القوي يعكس الثقة التي يحظى بها المغرب كدولة ذات سيادة أمنية قادرة على التعامل مع التهديدات المستجدة بفعالية.

 

نحو رؤية أمنية موحدة لمستقبل أكثر استقراراً

الاجتماع الثلاثي في مدريد ليس سوى محطة أخرى في مسار طويل من التعاون بين المغرب وشركائه الأوروبيين. ومع اقتراب تنظيم كأس العالم 2030، يصبح هذا التعاون أكثر أهمية لضمان تجربة رياضية آمنة ومتميزة.

كما أن هذه الشراكة لا تقتصر فقط على المجال الرياضي، بل تمتد إلى قضايا أكثر تعقيداً، مثل مكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، حيث يشكل المغرب خط الدفاع الأول في تأمين حدود أوروبا الجنوبية.

هذا ويؤكد لقاء اليوم أن الأمن لم يعد قضية محلية، بل أصبح ملفاً دولياً يتطلب شراكات استراتيجية وتنسيقاً عالي المستوى. والمغرب، من خلال خبرته وقدرته على التكيف مع المتغيرات الأمنية، يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد دولة في جنوب المتوسط، بل شريك أساسي في صياغة مستقبل أكثر أمنا واستقرارا للمنطقة بأكملها.

 

 

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني