عبد اللطيف مجدوب
جائزة نوبل تحت المجهر
تغطي هذه الجائزة مجموعة واسعة من حقول المعرفة ، تشمل الفيزياء ؛ الكيمياء ؛ علم وظائف الأعضاء والطب ؛ الأدب ؛ السلام ؛ والعلوم الاقتصادية. تشرف عليها لجان متخصصة ؛ تنتدب من جهات متعددة ، حسب كل ميدان ، باستثناء جائزة نوبل للسلام التي يتولى البرلمان النرويجي انتداب أعضائها الخمسة.
بيد أن عمل اللجان ؛ وإن كان يتمتع بالحيادية والاستقلال في الآراء والقرارات ؛ فإنه في الواقع الميداني يتعرض لضغوطات سياسية هائلة ، سيما نوبل للسلام التي يترشح لها عادة رجال السياسة ورؤساء الدول والحكومات ، ويلعب الإعلام أدوارا حاسمة أحيانا في ترجيح كفة هذا المترشح على آخرين ، هذا فضلاً عن الاتصالات السرية التي تشكل لوبيات في تمرير أسماء بعينها إلى نيل هذه الجائزة.
هل يعود اتفاق أوسلو ؟!
شهدت سنة 1994 مفصلا فارقا في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، وذلك من خلال الجهود المكثفة من الطرفين الإسرائيلي بزعامة إسحاق رابين ؛ رئيس الوزراء آنذاك ووزير خارجيته ؛ شمعون بيريز ، من جهة ، والفلسطيني بزعامة ياسر عرفات ، من جهة ثانية. أسفرت هذه الجهود عن اتفاقية أوسلو الشهيرة بإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ، والتي أفضت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية ، والتي تكللت ؛ كما هو معلوم ؛ باعتراف المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية ومنح جائزة نوبل للسلام بتقاسم الزعماء الآنفة أسماؤهم ، بالرغم من الانتقادات اللاذعة التي رافقتها بخصوص نيل ياسر عرفات هذه “الحظوة” والتي اعتبرها البعض اعترافا بجهود عرفات في تحقيق السلام ، بينما اعتبرها آخرون مكافأة له على أعمال “العنف” التي ارتكبتها منظمة التحرير الفلسطينية. لكن بالعودة إلى الواقع الراهن اليوم فسيصاب الناظر بالذهول لهول جغرافية الأوضاع الفلسطينية شبه مأساة ؛ أتت على كل المكاسب السياسية التي راكمتها على مدى عقود ، من الصراع السياسي و العسكري ، في مقدمتها اتفاقية أوسلو التي عصف بها طوفان الأقصى 7 أكتوبر 2023 .
عين ترامب على نوبل
جدير بالإشارة أن خطب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ؛ في توليته الثانية ؛ لا تنفك عن ذكر “السلام” في سياقات متعددة: ” .. ما كانت لتندلع هذه الحرب لو كنت في السلطة..” ، في إشارة إلى الحرب الأوكرانية الروسية… كما وعد بإحلال السلام وإخماد نيران الحروب. وذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن حلحلة اتفاقيات إسرائيل مع حماس لم تكن لتستمر على قيد الحياة لولا “تشدد” ترامب وضغطه على حكومة نتنياهو بالتوقف عن سفك مزيد من الدماء الفلسطينية ، في غزة والضفة.
فكيف ستنتهي هذه المأساة التي عمرت أزيد من سنة ونصف ؟ وكيف سيكون مصير بقية الباقية وسط تلك الخرائب ، سواء في قطاع غزة أو مخيمات الضفة ؟ هل سيفتح لهم ترامب مقرا في البيت الأبيض ؟! أم سيقذف بهم في صحاري الصومال إن لم يكن البحر ؟
تساؤلات ضخمة ؛ ستبقى معلقة إلى حين انقشاع هذه الغيوم التي تلف أرض فلسطين ، والبت في من ستؤول إليه جائزة نوبل للسلام 2025 .