30 سنة سجنا لأب قتل ابنه العاق طعنا بالسكين في حي القرية بسلا

في فصل مأساوي هز مدينة سلا، أصدرت الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء أول أمس الأربعاء، حكماً يقضي بإدانة موظف يبلغ من العمر 53 سنة، بالسجن النافذ لمدة ثلاثين سنة، بعد تورطه في جريمة قتل مروعة راح ضحيتها ابنه العشريني.

وتعود تفاصيل هذه الفاجعة إلى شهر نونبر من السنة الماضية، عندما استفاق حي القرية بجماعة حصين، بتراب عمالة سلا، على وقع صدمة كبرى، إثر إقدام والد على قتل فلذة كبده بطريقة بشعة. فبعد سلسلة طويلة من الخلافات اليومية الناتجة عن تعاطي الابن المخدرات وإحداثه الفوضى داخل المنزل وأوساط الجيران، فقد الأب أعصابه، ليضع حداً لهذه المعاناة المزرية بطريقة مأساوية.

وحسب معطيات الملف، فقد عمد الأب إلى استعمال سكين كبير الحجم (مقدة)، ووجه به طعنة قاتلة لابنه البالغ من العمر 28 سنة، وهو في وضعية السجود أثناء أداء الصلاة، مما أدى إلى وفاته في الحين. لحظات قليلة بعد ارتكاب الجريمة، حاول الأب الانتحار بجوار جثة ابنه، موجهاً طعنات إلى عنقه ومعصمه، لكن تدخّل المصالح الأمنية وعناصر الإسعاف أنقذه من الموت.

التحقيقات التي باشرتها الشرطة القضائية، كشفت أن الأب كان يعيش ضغوطات يومية بسبب تصرفات ابنه، الذي كان موضوع شكايات متكررة من طرف الجيران بسبب عربدته وتعاطيه المخدرات وإثارة الفوضى. ومع اشتداد الضغط وتآكل صبره، انفجر الأب في لحظة غضب قاتلة، متخذاً قراراً مأساوياً أنهى حياة ابنه، ودمر مستقبله بيده.

وقد اعترف المتهم خلال التحقيق معه، بتفاصيل الحادث، مشيراً إلى أنه اتصل مباشرة بعد ارتكاب الجريمة بابنه الأكبر وأخبره بما حدث. هذا الأخير سارع إلى إبلاغ السلطات، ليتأكد بعد وصوله إلى المنزل أن مأساة حقيقية قد وقعت بالفعل.

وبناءً على اعترافاته، وتطابقها مع معطيات البحث الميداني، وجهت النيابة العامة للمتهم تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وتمت إحالة الملف على قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعه السجن. وبعد جلسات متواصلة من المحاكمة، أدانت الهيئة القضائية الأب المتهم بثلاثين سنة سجناً نافذاً، معتبرة أن بشاعة الجريمة، وظروف ارتكابها، تفرض أقسى درجات التشديد.

هذه الواقعة الأليمة تعيد إلى الواجهة النقاش حول الضغوط النفسية والاجتماعية التي يعيشها بعض الآباء والأسر في مواجهة ظاهرة تعاطي الشباب للمخدرات، والفوضى التي تتسرب إلى المنازل وتحوّلها إلى ساحات معارك يومية. لكنها في الوقت ذاته، تطرح سؤالاً مقلقاً عن حدود الغضب، وكيف يتحول الإحساس بالعجز إلى انفجار دموي مأساوي، يدمر حياة أسرة بأكملها.

إن المأساة هنا لا تقتصر على فقدان شاب في مقتبل العمر، بل تتضاعف حين يتحول الأب ذاته إلى قاتل وسجين، وينهار كيان عائلي كامل تحت وطأة لحظة انفلات قاتلة لم يكن من المفترض أن تحدث.

 

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني