العقوبات البديلة في المغرب.. النيابة العامة ترسم خارطة طريق لتطبيق القانون الجديد

في إطار تعزيز الإصلاحات القانونية بالمغرب، ألقى مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، كلمة افتتاحية خلال اليومين الدراسيين حول العقوبات البديلة، الذي تنظمه رئاسة النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا، وبتنسيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، يوم الأربعاء 7 ماي 2025 بفندق كونراد الهرهورة بالرباط.

توجه جديد في السياسة العقابية
أكد مولاي الحسن الداكي أن تنظيم هذا اللقاء يأتي تزامنًا مع استعداد المغرب لتنفيذ القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، الذي سيبدأ العمل به في غشت المقبل. وأشار إلى أن هذا القانون يشكل تحولًا نوعيًا في السياسة العقابية الوطنية، إذ يهدف إلى إحلال العقوبات البديلة محل العقوبات السالبة للحرية، تماشيًا مع التوجيهات الملكية السامية التي أكدت على ضرورة تطوير العقوبات الجنائية وجعلها أكثر ملاءمة مع التطورات الاجتماعية.

وأوضح الداكي أن القانون الجديد يتضمن أربع بدائل رئيسية للعقوبات الحبسية في الجنح التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات، وهي:

العمل لأجل المنفعة العامة.

المراقبة الإلكترونية.

تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية.

الغرامة اليومية.

تطبيق فعّال يتطلب التنسيق
وفي كلمته، شدد الداكي على أهمية انخراط كافة الجهات المعنية في إنجاح تطبيق القانون الجديد، داعيًا إلى التنسيق بين القضاء، المندوبية العامة لإدارة السجون، وزارة العدل، وباقي المؤسسات الشريكة. كما أكد على أن العقوبات البديلة ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي فلسفة تهدف إلى تقليص الاكتظاظ السجني، وتعزيز إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للمحكوم عليهم.

وأشار إلى أن نجاح هذه المقاربة الجديدة يستدعي مشاركة فعالة من جميع الأطراف، بمن فيهم المجتمع المدني والإدارات العامة التي ستحتضن المحكومين في إطار العمل لأجل المنفعة العامة.

تحديات التطبيق وضمان الفعالية
في نفس السياق، نوّه الداكي بأهمية تكوين القضاة والفاعلين في المجال القضائي لضمان تطبيق سليم للقانون، وأكد أن النيابة العامة قد أصدرت دورية تدعو فيها قضاة النيابة العامة إلى الانخراط الجدي في هذا الورش الإصلاحي، من خلال تقديم ملتمسات لاستبدال العقوبات الحبسية بأخرى بديلة، ومواكبة تنفيذ هذه التدابير بما يضمن التوازن بين حماية المجتمع وضمان حقوق المحكوم عليهم.

التجارب الدولية كنموذج
خلال كلمته، أشار الداكي إلى أن المغرب يستلهم من التجارب الدولية في هذا المجال، حيث أثبتت العقوبات البديلة فعاليتها في خفض معدلات العود، وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وتقليل التكاليف الاقتصادية المرتبطة بالسجون. وأشاد بتعاون مجلس أوروبا والاتحاد الأوروبي في تنظيم هذا اللقاء، كما عبّر عن شكره للخبراء الدوليين من رومانيا وبلجيكا وإسبانيا، الذين يشاركون لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى.

نحو عدالة أكثر إنسانية
في ختام كلمته، دعا الوكيل العام إلى تضافر الجهود من أجل ضمان التطبيق الفعّال للقانون، مشددًا على أن فلسفة العقوبات البديلة يجب أن تستند إلى منطق إصلاحي، يوازن بين الردع وحماية المجتمع، وبين الحفاظ على كرامة المحكوم عليه وضمان إعادة إدماجه في محيطه الاجتماعي والاقتصادي.

 


شارك بتعليقك

شاهد أيضا
اشتراك في القائمة البريدية
   

إشترك بالقائمة البريدية لكواليس اليوم لتتوصل بكل الجديد عبر البريد الإلكتروني